ربوا أولادكم على غير أخلاقكم

أن الدهشة التي تعترينا عندما ننظر الى

أطفال اليوم في سلوكاتهم ومواقفهم وطبيعة استجاباتهم التي
لم نعرفها في أيام طفولتنا ليست بالامر الجديد هي مسألة تضرب جذورها
العميقة في تاريخ الانسانية .. فكل جيل من الاجيال المتلاحقة عاش هذه
التجربة التي تتعلق بملاحظة التباين بين الاجيال ..بين الاباء
والابناء !!

وينعكس
هدا التباين الثقافي بين المجتمعات التقليدية والحديثة على بنية المفاهيم
والتصورات التي يحملها الاطفال في كل مجتمع .. ومن الامور المهمة التي
تشكل اطارا موضوعيا لما نشهده من تباين بين الاجيال ، ما يمكن في وحدة
المصادر الثقافية وتنوعها ، ففي المجتمع التقليدي الذي ينتمي اليه بعضنا
وابائنا نلاحظ أنه يتميز بالتجانس الثقافي ووحدة المصادر الثقافية وهدا
بدوره يؤدي الى وجود أنماط ثابتة ومتجانسة من السلوك والقيم والاتجاهات
والعادات والتقاليد بين أفراد الجماعة ..و على العكس من دالك ، نجد درجة
عليا من التنوع والغنى والانتقائية في تبني أنماط مختلفة من السلوك
والاتجاهات والقيم ..

ويعود كل هذا الى التنوع في الانماط
الثقافية والى تعاقب الموجات الجديدة للتغيرات التكنولوجية التي تحمل معها
أنماطا جديدة من أساليب العمل والتفكير والقيم الثقافية .. ويحدث لنا أن
نجد عند أطفالنا بعض من القيم الثقافية وبعضا من الاتجاهات التي لم يسبق
لنا أن عرفناها ، وعندها ينشأ الصراع بين الاباء والابناء وترتفع الحواجز
أمام صيغ التفاهم والحوار الموضوعي ..

ولكي تكون التربية من أجل
أطفالنا وليست من أجلنا نحن ، فالعملية التربوية لم تعد كما كانت في عهود
سابقة نوعا من السلوك العفوي البسيط الذي يمكن لنا أن نمارسه في اعداد
أطفالنا .. انها اليوم عمليةتتصف بدرجة عليا من الدقة والتعقيد والخطورة
..ونحن نحتاج اليوم الى قدر كبير من الثقافة التربوية كي يتاح لنا تربية
أطفالنا دون مخاطر وانعكاسات سلبية على نمو أطفالنا ..!!