المغرب يودع الناشط أدريس بن زكري
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
المغرب يودع الناشط أدريس بن زكري
الرباط: نبيل دريوش
عندما كان الجلادون يعذبون ادريس بن زكري في معتقل «درب مولاي الشريف» الشهير بمدينة الدار البيضاء المغربية منتصف السبعينات، ظل يتألم في سكينة ملتزما تعاليم التنظيم السري وقابضا على طهرانيته النضالية في صمت مطبق. إنه سلاح الحكماء نفسه الذي ساعده على امتصاص ينابيع الألم التي فجرها اتهام رفاقه له بالخيانة بعدما غادر الزنزانة الباردة إلى كنف البلاط الملكي الدافئ ليقبل مهمة رئاسة هيئة الإنصاف والمصالحة التي كلفه بها ملك البلاد للنبش في ملفات الماضي، ومحاولة جبر ضرر ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان حتى يسير المغرب وعيناه مركزتان «إلى الأمام». ولإبن زكري علاقة خاصة مع عبارة «إلى الأمام»، لذلك وجد هذا الشيوعي القديم أن أبهى صور النضال التي يمكن أن يقوم بها شخص اكتوى بنار الاعتقال هي أن يهدم المعتقل. كانت للرفاق أحلام كثيرة بداية السبعينيات من القرن الماضي، فقد فتحوا أعينهم على استقلال اعتبروه «ناقصا»، كما رأوا في الحركة الوطنية المغربية مجرد آلة إصلاحية أنهكتها ضربات النظام السياسي، وجلجلت حناجرهم في ساحات الجامعات منددة بالسياسة الرسمية التي وصفوا رموزها بالرجعية والإقطاعية التي تدعمها طبقة موالية للغرب والامبريالية العالمية، مما يتوجب معه إسقاطها وإقامة نظام بديل يكون فيه الشعب سيد مصيره. وكانت تلك الأجواء المحتقنة هي ما صنع وعي بن زكري أيام كان شابا يافعا مُشْبَعًا بالأفكار الثورية. وما لبث أن أعجب الرفاق بصلابته وصمته وقدرته على التنظيم بعدما اختبروه في ثانوية «الليمون» بمدينة الرباط التي جاء إليها من قرية مغمورة بنواحي مدينة الخميسات تدعى «آيت اوحي». اقتنع الرفاق، مع مضي الوقت، أن بن زكري بحر صبت فيه صفات القيادة، فعينوه منسقا جهويا لمنظمة «الى الأمام» الماركسية ـ اللينينية في منطقة الغرب، وعمل بين عامي 1972 و1973 على تنشيط الخلايا السرية بهذه المنطقة بعدما رمت آلة الاعتقال بمعظم الرفاق خلف القضبان. وقد أنجز بن زكري المهمة بفعالية كبيرة، لكنه بدأ يواجه مشاكل صحية مما دفعه إلى اللجوء إلى مدينة الدار البيضاء التي عاش فيها تجربة العمل السري عامين قبل أن يسقط في أيدي أجهزة الأمن عام 1975 التي اقتادته إلى المعتقل السري «درب مولاي الشريف» ليذوق من جميع أطباق التعذيب. إنه المعتقل نفسه الذي سيزوره بن زكري بعد ثلاثين عاما ليحقق في الفظائع التي ارتكبت داخله بعدما صار رئيسا لهيئة الإنصاف والمصالحة.
لم يتردد القاضي الذي فحص ملف بن زكري، أثناء محاكمته في أن ينطق بالحكم عليه بخمسة وثلاثين عاما سجنا نافذا. ظل الرجل صامتا بعد سماعه للحكم بينما طفق رفاقه يصيحون في وجه القاضي: «فاشستي، فاشستي» (أي مستبد)، فأضاف لكل واحد منهم سنتين سجنا. وهكذا كانت حياة جديدة في انتظار بن زكري داخل السجن المركزي بالقنيطرة حيث كانت حمأة النقاشات لا تنتهي، والتحليل الماركسي للأوضاع لا يعرف الفتور. ظل يحلم ليالي طويلة بمعية رفاقه بالثورة الشعبية التي ستملأ الأرض عدلا بعدما ملئت جورا، لكنهم اكتشفوا على حين غرة أن طريق الزنازن كان أقصر من طريق ثورة معفرة بالغبار. انتهى الحلم بجعجعة الزمن الذي ولَّى وتحول مع مرور الوقت إلى جروح غائرة في نفوس الجميع، فبدأت الخيبة تأكلهم بعدما حصحصت الحقيقة بطعم الزقام. انزوى بن زكري في مكان قصي داخل الزنزانة وصار يستغرق جل وقته في التهام الكتب بشراهة كبيرة، لا حظ الرفاق عزلته ولم يستطيعوا القبض على ما يمور في خلده. أمسك بمنجل المثابرة وراح يحصد الشواهد التعليمية. ظفر بدبلوم الدراسات المعمقة في اللسانيات والآداب من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط عام 1983 ببحث حول اللغة الأمازيغية التي يعشقها حد الهوس، ثم اخذ دبلوما للدراسات المعمقة في اللسانيات من جامعة إيكس ـ مرسيليا في فرنسا عام 1987. قام بكل ذلك من أجل أن يروي ظمأه إلى العلم ويتحدى السجان الذي اغتصب منه أجمل سنوات عمره ورمى بها مثل باقة ورود ذابلة خلف قضبان صدئة. خرج بن زكري من السجن بعدما بدأت رياح الانفتاح تهب على المغرب وطفقت المنظمات الحقوقية الدولية تزعج السلطات المغربية بملفات معتقلي الرأي. وهكذا رأى النور لأول مرة خارج الأسوار بعد سبعة عشر عاما قضاها داخل زنزانة باردة. وجد العالم قد تغير من حوله كثيرا، فالاتحاد السوفياتي الذي كان رمز التحرر تصدع بنيانه، وتغيرت أشياء كثيرة داخل المغرب، فوجد نفسه وهو في عقده الرابع غريبا عن واقع متحول بسرعة مخيفة. بعد خروجه من السجن فضل بن زكري الاستمرار في النضال الحقوقي حيث شغل منصب نائب رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان في بداية التسعينات. كان يعمل ساعات طويلة دون أكل مكتفيا بالقهوة والسجائر. لم تكن علاقته دوما جيدة مع الطعام الذي يعوضه بالتدخين بشراهة. ومن جديد لمس فيه الرفاق، الذين اشتعلت رؤوس بعضهم شيبا، المناضل الصلب الصموت الذي لا يئن تحت ضربات المعاول، فلم يفقد من جلده شيئا يذكر وزادته مرحلة السرية وبعدها سنوات السجن الطويلة غموضا وصمتا، واستمر في التحصيل العلمي حتى حصل عام 1997 على شهادة الماجستير في القانون الدولي، (تخصص حقوق الإنسان)، من جامعة سيكس البريطانية. تغيرت أشياء كثيرة بعد وفاة العاهل الراحل الملك الحسن الثاني، فالدولة صارت تنفتح أكثر على قضايا حقوق الإنسان، كما أن رئيس الحكومة، إبان اعتلاء العاهل المغربي الملك محمد السادس العرش، لم يكن شخصا آخر سوى عبد الرحمن اليوسفي، أحد أشرس معارضي نظام العاهل الراحل الذي وصل معه إلى صيغة تناوب توافقي قبيل وفاته. فكر الرفاق في صيغة للضغط على الدولة للكشف عن الحقيقة والاعتراف بالانتهاكات الجسيمة التي ارتكبت في حق جيل بأكمله، فأسسوا منتدى الحقيقة والإنصاف عام 1999، ولم يجدوا، مرة أخرى، أحسن من بن زكري ليكون رئيسا له.
ثارت ثائرة الرفاق عندما أقام اليوسفي حفلة شاي لإدريس البصري، وزير الداخلية الأسبق لتوديعه بعدما أعفاه العاهل المغربي من مهامه في نوفمبر (تشرين الثاني) 1999، فخرج بن زكري ورفاقه إلى الشارع للاحتجاج على تكريم من اعتبروه «كبير الجلادين». وفي هذه المظاهرة التقطت له صورة شهيرة أثناء حمله صورة اليوسفي والبصري. إنها الصورة التي تنشرها بعض الصحف الناقدة من أجل اغاضته وتذكيره بسنوات النضال الحقيقي.
لكن بن زكري اكتشف في لحظة ما أنه منتدب لمهمة أعظم غير ملء الشوارع بالصراخ، فقبل رئاسة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ورئاسة هيئة الإنصاف والمصالحة أواخر عام 2003، ليبدأ البحث عن الحقيقة دون ذكر أسماء الجلادين خلال جلسات استماع أمام شاشة التلفزيون. سخر منه رفاق الأمس ونعتوا عمله بالمسرحية المرتجلة على عجل. كظم بن زكري غيظه عندما اتهمه رفاق الأمس بخيانة مبادئهم التي سجنوا من أجلها، وانتظر إلى أن مرت العاصفة، لكنه رفض أن يعتذر لهم عندما وصفهم في إحدى نوبات غضبه النادرة بـ«المافيا». ثاروا ضده وقلبوا عليه الصحف بيد أنه ظل قابضا على الجمر. أسر بن زكري لأحد أصدقائه أنه يحلم، بعد انتهاء مهامه، بأن يعود إلى قرية «آيت أوحي» التي ولد بها من أجل قضاء بقية عمره في منزل والده بعدما جرت مياه كثيرة تحت الجسر، متأملا في المسار الكاريكاتوري للحياة. يلتقي بن زكري مع الناسك في صفات كثيرة، فهو صوفي بطبعه غير مكترث بملذات الحياة ظل يرتدي ملابسه القديمة نفسها وينتعل أحذية غريبة الشكل رغم مسؤولياته الجديدة. وفي يوم تمزق حذاؤه في أوروبا فطلب منه أحد أصدقائه أن يرافقه إلى أقرب محل لشراء حذاء جديد، فأجابه بن زكري أنه سيصلح حذاءه القديم. إنه نقاء النفس الذي جعله طيلة فترة قربه من البلاط الملكي، مُعرضا عن مباهج الحياة. رجل خبر من أين تؤكل الكتف وتركها للجياع.
عندما كان الجلادون يعذبون ادريس بن زكري في معتقل «درب مولاي الشريف» الشهير بمدينة الدار البيضاء المغربية منتصف السبعينات، ظل يتألم في سكينة ملتزما تعاليم التنظيم السري وقابضا على طهرانيته النضالية في صمت مطبق. إنه سلاح الحكماء نفسه الذي ساعده على امتصاص ينابيع الألم التي فجرها اتهام رفاقه له بالخيانة بعدما غادر الزنزانة الباردة إلى كنف البلاط الملكي الدافئ ليقبل مهمة رئاسة هيئة الإنصاف والمصالحة التي كلفه بها ملك البلاد للنبش في ملفات الماضي، ومحاولة جبر ضرر ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان حتى يسير المغرب وعيناه مركزتان «إلى الأمام». ولإبن زكري علاقة خاصة مع عبارة «إلى الأمام»، لذلك وجد هذا الشيوعي القديم أن أبهى صور النضال التي يمكن أن يقوم بها شخص اكتوى بنار الاعتقال هي أن يهدم المعتقل. كانت للرفاق أحلام كثيرة بداية السبعينيات من القرن الماضي، فقد فتحوا أعينهم على استقلال اعتبروه «ناقصا»، كما رأوا في الحركة الوطنية المغربية مجرد آلة إصلاحية أنهكتها ضربات النظام السياسي، وجلجلت حناجرهم في ساحات الجامعات منددة بالسياسة الرسمية التي وصفوا رموزها بالرجعية والإقطاعية التي تدعمها طبقة موالية للغرب والامبريالية العالمية، مما يتوجب معه إسقاطها وإقامة نظام بديل يكون فيه الشعب سيد مصيره. وكانت تلك الأجواء المحتقنة هي ما صنع وعي بن زكري أيام كان شابا يافعا مُشْبَعًا بالأفكار الثورية. وما لبث أن أعجب الرفاق بصلابته وصمته وقدرته على التنظيم بعدما اختبروه في ثانوية «الليمون» بمدينة الرباط التي جاء إليها من قرية مغمورة بنواحي مدينة الخميسات تدعى «آيت اوحي». اقتنع الرفاق، مع مضي الوقت، أن بن زكري بحر صبت فيه صفات القيادة، فعينوه منسقا جهويا لمنظمة «الى الأمام» الماركسية ـ اللينينية في منطقة الغرب، وعمل بين عامي 1972 و1973 على تنشيط الخلايا السرية بهذه المنطقة بعدما رمت آلة الاعتقال بمعظم الرفاق خلف القضبان. وقد أنجز بن زكري المهمة بفعالية كبيرة، لكنه بدأ يواجه مشاكل صحية مما دفعه إلى اللجوء إلى مدينة الدار البيضاء التي عاش فيها تجربة العمل السري عامين قبل أن يسقط في أيدي أجهزة الأمن عام 1975 التي اقتادته إلى المعتقل السري «درب مولاي الشريف» ليذوق من جميع أطباق التعذيب. إنه المعتقل نفسه الذي سيزوره بن زكري بعد ثلاثين عاما ليحقق في الفظائع التي ارتكبت داخله بعدما صار رئيسا لهيئة الإنصاف والمصالحة.
لم يتردد القاضي الذي فحص ملف بن زكري، أثناء محاكمته في أن ينطق بالحكم عليه بخمسة وثلاثين عاما سجنا نافذا. ظل الرجل صامتا بعد سماعه للحكم بينما طفق رفاقه يصيحون في وجه القاضي: «فاشستي، فاشستي» (أي مستبد)، فأضاف لكل واحد منهم سنتين سجنا. وهكذا كانت حياة جديدة في انتظار بن زكري داخل السجن المركزي بالقنيطرة حيث كانت حمأة النقاشات لا تنتهي، والتحليل الماركسي للأوضاع لا يعرف الفتور. ظل يحلم ليالي طويلة بمعية رفاقه بالثورة الشعبية التي ستملأ الأرض عدلا بعدما ملئت جورا، لكنهم اكتشفوا على حين غرة أن طريق الزنازن كان أقصر من طريق ثورة معفرة بالغبار. انتهى الحلم بجعجعة الزمن الذي ولَّى وتحول مع مرور الوقت إلى جروح غائرة في نفوس الجميع، فبدأت الخيبة تأكلهم بعدما حصحصت الحقيقة بطعم الزقام. انزوى بن زكري في مكان قصي داخل الزنزانة وصار يستغرق جل وقته في التهام الكتب بشراهة كبيرة، لا حظ الرفاق عزلته ولم يستطيعوا القبض على ما يمور في خلده. أمسك بمنجل المثابرة وراح يحصد الشواهد التعليمية. ظفر بدبلوم الدراسات المعمقة في اللسانيات والآداب من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة محمد الخامس بالرباط عام 1983 ببحث حول اللغة الأمازيغية التي يعشقها حد الهوس، ثم اخذ دبلوما للدراسات المعمقة في اللسانيات من جامعة إيكس ـ مرسيليا في فرنسا عام 1987. قام بكل ذلك من أجل أن يروي ظمأه إلى العلم ويتحدى السجان الذي اغتصب منه أجمل سنوات عمره ورمى بها مثل باقة ورود ذابلة خلف قضبان صدئة. خرج بن زكري من السجن بعدما بدأت رياح الانفتاح تهب على المغرب وطفقت المنظمات الحقوقية الدولية تزعج السلطات المغربية بملفات معتقلي الرأي. وهكذا رأى النور لأول مرة خارج الأسوار بعد سبعة عشر عاما قضاها داخل زنزانة باردة. وجد العالم قد تغير من حوله كثيرا، فالاتحاد السوفياتي الذي كان رمز التحرر تصدع بنيانه، وتغيرت أشياء كثيرة داخل المغرب، فوجد نفسه وهو في عقده الرابع غريبا عن واقع متحول بسرعة مخيفة. بعد خروجه من السجن فضل بن زكري الاستمرار في النضال الحقوقي حيث شغل منصب نائب رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان في بداية التسعينات. كان يعمل ساعات طويلة دون أكل مكتفيا بالقهوة والسجائر. لم تكن علاقته دوما جيدة مع الطعام الذي يعوضه بالتدخين بشراهة. ومن جديد لمس فيه الرفاق، الذين اشتعلت رؤوس بعضهم شيبا، المناضل الصلب الصموت الذي لا يئن تحت ضربات المعاول، فلم يفقد من جلده شيئا يذكر وزادته مرحلة السرية وبعدها سنوات السجن الطويلة غموضا وصمتا، واستمر في التحصيل العلمي حتى حصل عام 1997 على شهادة الماجستير في القانون الدولي، (تخصص حقوق الإنسان)، من جامعة سيكس البريطانية. تغيرت أشياء كثيرة بعد وفاة العاهل الراحل الملك الحسن الثاني، فالدولة صارت تنفتح أكثر على قضايا حقوق الإنسان، كما أن رئيس الحكومة، إبان اعتلاء العاهل المغربي الملك محمد السادس العرش، لم يكن شخصا آخر سوى عبد الرحمن اليوسفي، أحد أشرس معارضي نظام العاهل الراحل الذي وصل معه إلى صيغة تناوب توافقي قبيل وفاته. فكر الرفاق في صيغة للضغط على الدولة للكشف عن الحقيقة والاعتراف بالانتهاكات الجسيمة التي ارتكبت في حق جيل بأكمله، فأسسوا منتدى الحقيقة والإنصاف عام 1999، ولم يجدوا، مرة أخرى، أحسن من بن زكري ليكون رئيسا له.
ثارت ثائرة الرفاق عندما أقام اليوسفي حفلة شاي لإدريس البصري، وزير الداخلية الأسبق لتوديعه بعدما أعفاه العاهل المغربي من مهامه في نوفمبر (تشرين الثاني) 1999، فخرج بن زكري ورفاقه إلى الشارع للاحتجاج على تكريم من اعتبروه «كبير الجلادين». وفي هذه المظاهرة التقطت له صورة شهيرة أثناء حمله صورة اليوسفي والبصري. إنها الصورة التي تنشرها بعض الصحف الناقدة من أجل اغاضته وتذكيره بسنوات النضال الحقيقي.
لكن بن زكري اكتشف في لحظة ما أنه منتدب لمهمة أعظم غير ملء الشوارع بالصراخ، فقبل رئاسة المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ورئاسة هيئة الإنصاف والمصالحة أواخر عام 2003، ليبدأ البحث عن الحقيقة دون ذكر أسماء الجلادين خلال جلسات استماع أمام شاشة التلفزيون. سخر منه رفاق الأمس ونعتوا عمله بالمسرحية المرتجلة على عجل. كظم بن زكري غيظه عندما اتهمه رفاق الأمس بخيانة مبادئهم التي سجنوا من أجلها، وانتظر إلى أن مرت العاصفة، لكنه رفض أن يعتذر لهم عندما وصفهم في إحدى نوبات غضبه النادرة بـ«المافيا». ثاروا ضده وقلبوا عليه الصحف بيد أنه ظل قابضا على الجمر. أسر بن زكري لأحد أصدقائه أنه يحلم، بعد انتهاء مهامه، بأن يعود إلى قرية «آيت أوحي» التي ولد بها من أجل قضاء بقية عمره في منزل والده بعدما جرت مياه كثيرة تحت الجسر، متأملا في المسار الكاريكاتوري للحياة. يلتقي بن زكري مع الناسك في صفات كثيرة، فهو صوفي بطبعه غير مكترث بملذات الحياة ظل يرتدي ملابسه القديمة نفسها وينتعل أحذية غريبة الشكل رغم مسؤولياته الجديدة. وفي يوم تمزق حذاؤه في أوروبا فطلب منه أحد أصدقائه أن يرافقه إلى أقرب محل لشراء حذاء جديد، فأجابه بن زكري أنه سيصلح حذاءه القديم. إنه نقاء النفس الذي جعله طيلة فترة قربه من البلاط الملكي، مُعرضا عن مباهج الحياة. رجل خبر من أين تؤكل الكتف وتركها للجياع.
saidazin- وسام العطاء
-
عدد الرسائل : 497
تاريخ الميلاد : 24/07/1997
العمر : 27
الدولة : maroc
المهنة : rien
المدينة : casa
رقم عضويه : 20
الأوسمة :
رد: المغرب يودع الناشط أدريس بن زكري
ودع المغرب الناشط الحقوقي والمعارض السابق ادريس بن زكري الذي ووري الثرى الثلاثاء في مسقط رأسه آيت وها. وبناء على وصيته، تم دفنه قرب مدفن والدته بتول علوش التي توفيت في 2004 في تلك المنطقة الزراعية الواقعة على بعد 85 كلم شرق الرباط. وتوفي ادريس بن زكري الاحد عن 57 عاما اثر صراع طويل مع المرض. وكان معارضا الا ان الملك الحالي محمد السادس، نجل الملك السابق، عينه في 2006 على رأس هيئة الانصاف والمصالحة التي اوكل اليها كشف الحقيقة عن انتهاكات حقوق الانسان التي وقعت في العقود الماضية في المغرب. وشارك اكثر من الفي شخص بينهم عشرات الناشطين في مجال حقوق الانسان في مراسم الدفن التي غلب عليها التأثر.
simo- نائب المدير
-
عدد الرسائل : 1173
تاريخ الميلاد : 07/08/1989
العمر : 35
الدولة : maroc
المهنة : تلميد
المدينة : مكونة
رقم عضويه : 3
الأوسمة :
الدولة :
احترام قوانين المنتدى :
رد: المغرب يودع الناشط أدريس بن زكري
بقلم أمير الشعر العربي ...المحاصر..آفينينا
لما خليلتي لا تذرفي الدمع
وهل أنت بلا قلب يعقر
وسبع من عيون تملكين ف تعزين
القلب و والمصاب أكبر
أدمع العين هتان حبيبتي
فصرت لا أرى دمعك أنهر
فعذرا اذا أنا لمت عيونك
بحق الله بيننا لتغفر
عزاء القلب دمع ياحبيبتي
وما عين من الدموع تعذر
_______________________________________
وداعا....... يا ادريس
وداعا.....
أيها العصفور.... اللذي ولد نسرا
وداعا ..أيها الطفل..اللذي لمع..فجرا
القبور تتكلم..
والموتى..... يستيقظون
وهذا الربيع المبلل دما...وطني
أنت....سقيته
انصافا ...
أن كسوت كفيه....
حناء الصفح الجميل...
أيها الرومانسي ..العجيب
أيها الفارس أنت ...
.......أيها الجواد أنت
مزجت الحب...بجبن القتلة
وأنجبت التسامح
مزجت التسامح
..بالعفو ..عند المقدرة
وأنجبت...المصالحة
مزجت مكر الاشرار
...بخير الطيبين الابرار
وانجبت ..هذا المسمى العهد الجديد
وداعا .....
وهذا الربيع المبلل دما...وطني
في كفيك......أزهر
وداعا
وانتركت في أحشاء الحق.. ...
طفلا
تركت...الحقيقة يتيمة
تركت المصالحة ..حامل..
تركت الوطن أرملة....
.الان..تكبر...والان ..تولد
والان صرت طفلا
..والان تنجب أطفالا
الحق.....
والحقيقة
والان تنجب وطنا
للحالمين....
واغرودة تسمى الحرية.........
الان تحلق ....سعيدا
تحلق...
وداعا ...
ادريس
وداعا....
وما عين من الدموع تعذر
bellfo- الوسام البرونزي
-
عدد الرسائل : 310
تاريخ الميلاد : 28/10/1988
العمر : 36
الدولة : fr
المهنة : info
المدينة : 88/10/28
رقم عضويه : 18
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى