حوار الحقيقة مع سميرة

قلعة مكونة مدينة الغموض مدينة الورود الذابلة ما لا يعرفه الكثير عن هذه المدينة أنها من أكبر أوكار الدعارة في المغرب بامتياز حازت على جائزة الجودة في تقديم الخدمات بأبخس الأثمان ، لكن ما لا يعرفه الكثير وما يتغاضى عنه الكل أن عاهرات قلعة مكونة لم يمتهن ذلك الدرب هواية أو بحثا عن اللذة بل هناك أشياء أخرى صدمتني أنا ولأول مرة ، عندما قمت ببحث ميداني للبحث في الموضوع بحكم أني كنت من تلامذة ثانوية مولاي باعمرن وهذه الأخيرة قريبة من درب اللذة للبعض ودرب المعاناة لمن يمتهن هذه المهنة ، في أول زيارة لي لهذا السوق اعتقدن أني من الباحثين عن اللذة ،فكن يدغدغان مشاعري بكلمات ساقطة لعلي أسقط في شباكهن لكن مبادئي لم تسمح لي بمعاشرة إحداهن ، دنوت من منزل إحداهن فتحت لي الباب ضاحكة في وجهي بملابس تثير ذوي الأفئدة الضعيفة أحسست بي أني زبون من نوع أخر لأني لم يثيرن جسدها ولا ثيابها ، بل أثارني موضوعي الذي من أجله دخلت هاته المتاهة ، دنوت منها أرادت أن تقفل الباب قلت لها لا أنا لست هنا من أجل جسدك بل من أجل روحك فجأتها بالسؤال لماذا تمتهنين هاته المهنة ، لم تجب أحسست بأن كيانها اهتز لأنها لم تسمع قط مثل هذا السؤال من زبائنها بل من الوحوش التي تنهش جسدها كل يوم ، جلست واقتربت منها كثيرا ، قلت لها أجيبي لماذا هذا الإلجام أنا لا أتحدث لغة أخرى ، وبنبرة حزينة أجابت (شنو بغيتي أخويا خلني نسترزق ربي بوحدو لي عارف ما بي) ، قلت لها وماذا بك من أين أنت ما اسمك ما هو مستواك الدراسي ، طأطأت رأسها وبدأت تهمس لي بكلمات لم أفهم منها إلا اسمها الذي هو (سميرة) ناديتها باسمها وقلت لها أنا هنا لأعرف حقيقتك فأرجوك أن تساعديني فأنا بصدد بحث ميداني وأريد أن أقدمه لأستاذي ، أجابتني ضاحكتا أنت مهووس بالعلم (كنت بحالك ملي كنت تنقرا) أجبتها وماذا عن مستواك الدراسي أجابت أنا انقطعت عن الدراسة في السنة الثانية من التعليم الجامعي ، دهشت لما قالته لم أستسغ أنها بهذا المستوى الثقافي وتمارس هاته المهنة سكت قليلا وبدأت تتحدث وتحكي قصتها لي من الأول ، أنا سميرة من مواليد مدينة فاس ، عمري 25 سنة كنت أحلم كثيرا أن أصبح في المستقبل أمرآة فاعلة في المجتمع ، لم أكن يوما أظن أني سوف أتخذ الجنس مهنة لي لكن الظروف هي التي دفعتني لأقوم بهذا العمل المقيت (تتحدث والدموع في عيناها) أردت أن أوقفها لكن أبت وبصوت عال قالت (خليني نكملك قصتي عفاك) بدأت أدون ما تقوله ولم أكن أنظر في عينيها خوفا أن أنخرط معها في الدموع قالت لي أن تخصص فلسفة وما دفعني لامتهان الدعارة هذه قصة أخرى ، فقد كنت في يوم من الأيام وكباقي الفتيات أو الطالبات يستهويهن المال والجاه والجمال تعرفت على شاب جميل وقعت في شباكه من الوهلة الأولى اعترف بحبه لي ، أقمت معه علاقة حب في انتظار أن تترجم إلى زواج لكنها ترجمت الى اغتصاب لأنه وكباقي الوحوش لم يكن يهمه إلا جسدي أخطأت وندمت لما اقترفته لكن حبي له أعماني وجعلني أقدم له شرفي فوق طبق من ذهب ، منذ تلك الوهلة أصبحت حياتي جحيم لم أكن أعرف ماذا سأفعل ولا كيف سأواجه عائلتي الفقيرة خصوصا وأن صاحب الفعلة نكر ذلك ونكر ذلك الحب ، فلم أدري ما أفعل ولا أين أذهب ، ذات يوما وخوف من الفضيحة وأن تصطدم عائلتي بما اقترفته جمعت ملابسي وخرجت إلى وجهت غير معلومة أبحث عن حل لهذا المشكل ، نمت يومين في العراء وفي اليوم الثالث فكرت في العودة الى المنزل لكن فكرة الشرف لم تفارقني وصورة أمي وأبي أيضا لم تفارقني وكيف سأواجههم بهذا المشكل ، فكرت في أن أسافر إلى العاصمة لعلي أجد ملاذا هناك ، ذهبت مشيا إلى المحطة الطرقية ، وفي طريقي راودتني الكثير من الأفكار لكن رغم ذلك فقد عزمت أمري أن أخرج من هذه المدينة إلى وجهت غير معلومة ، وصلت المحطة ، كان الكل يراقبني كأنهم يعرفون قصتي ، توجهت إلى حافلات الدار البيضاء ركبت رغم أني لا أتوفر على ثمن التذكرة إلا أني استعطفت سائق الشاحنة فسمح لي بالركوب وفي الطريق حكيت له عن مشكلتي فتقبل الأمر وتأسف لذلك ، وفي الحافلة كنت ركبت أمام امرأة في الأربعين من عمرها كن نتبادل أطراف الحديث ولم أحس متى وكيف بحت لها بسري فضحكت هي الأخرى وقالت لي (حتى نتي أبنتي) قالت نعم أنا مثلك ، لكني أنا أمتهن ذلك ، وبمجرد أنا قالت أنها تمتهن الدعارة نفرت منها وأردت أن أغير المقعد لكن الحافلة كانت مملوءة عن أخرها ، قالت لما تريدين تغيير المقعد أجبتها أنا أشعر بالبرد لأني جالست جهة النافدة ، قالت لي (نتبادل أجي نتي لهنا وأنا نجلس تما راه دنيا هانية أحبيبة) ، ما أن تبادلنا المقاعد حتى بدأت بالحديث عن عالم الجنس واللذة وما يجلب لها من أموال طائلة والمشاريع التي أقامتها من تجارة الشرف ، اقترحت علي العمل معها ، لم أكن أجيبها كثيرا فقد كنت محتارة لا أفكر إلا في عائلتي وفي مآلي ، بعد ذلك انخرطت في النوم أما أنا فكنت دائمة التفكير وما أن وصلنا الدار البيضاء وحانت ساعة الهبوط من الحافلة فأصبحت أفكر في أي وجهت سأتجه وكيف سأعيش في هذه المدينة المملوءة بالوحوش ، فجأة وإذا بها تتبع خطواتي قائلة (اوا أزين شنو قلتي بغيت ولا لا) لم أشعر كيف قلت لها نعم سآتي معك ، ضحكت ضحكة استهزاء (غير يالله غادي عجبك لحال ازوينة) ذهبت معها ركبنا سيارة أجرة نحو سباتة ومن تم ستبدأ قصة أخرى ومغامرات أخرى ومن تم امتهنت هذه المهنة وبعد أن قضيت 9 أشهر وأنا كسلعة تباع وتشترى قررت أن أرحل عن هذه المدينة وقررت (الباترونة) إرسالي إلى قلعة مكونة في شهر ماي أي في موسم الورود وذلك لأن الزبائن وطالبي اللذة يكثرون و بالآلاف وتكون التجارة مزدهرة .
تأثرت كثيرا بقصة هذه الشابة المسكينة ولم أستسغ كيف لأناس أن يحطموا حياة فتيات في ريعان الشباب ، وبينما كنت أدون ، طرحت علي سؤالا نزل علي كالصاعقة قالت بالحرف الواحد (علاش لمخزن مابغاش اجري علينا من هنا) ، لم أكن أعرف بما أجيبها ، ربما لم أدرج هذا السؤال في قائمة أسئلة البحث لأنه سؤال شائك ويحتاج الى بحث أخر ، وما أن انتهيت من تدوين قصة إحدى ضحايا مجتمعنا (سميرة) فكرت في أن أطرق بابا أخر أو قصة أخرى لكن وكما قالت سميرة (خويا راه حنا بحال بحل كولهم سميرات ) اقتنعت بكلامها واكتفيت بقصتها ، وفي طريقي الى البيت فكرت في سؤالها (علاش لمخزن مابغاش اجري علينا من هنا) .