إلى كل من يتسائل حول قبيلة أيت باعمران تفضل
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
إلى كل من يتسائل حول قبيلة أيت باعمران تفضل
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .
لأن السؤال هو المفتاح لكل بحث ومن ثمة إجابة موضوعية أو تبيان لحقيقة غامضة ، أو تحقيق في أمر معين أو نبش في التاريخ . أدعو كل المهتمين بموضوع زاوية مولاي باعمران وقبيلة أيت باعمران ، وكل من ينتابه غموض أو أي ارتباك حول ممارسات أو معتقدات أو لبس في تاريخ هذه القبيلة ( الزاوية ) ، أن يطرح إشكاله في هذه الصفحة . وهي مفتوحة إلى غاية أن تنتهي الإمتحانات الجامعية ، وسنحاول جماعة الإجابة عنها بكل ما توفر لدينا من معلومات وتقنيات .
هذه المبادرة تأتي ردا على رغبة العديد من الطلبة الجامعيين الذين يبحثون في مواضيع : تاريخية ، جغرافية ، انتروبولوجية ، سوسيولوجية ، سياسية ، دينية ، اقتصادية ... حول منطقة دادس عامة ، وهذه القبيلة بالخصوص لكونها تفرض نفسها في كل بحث حول دادس بجدارة. ولنحاول بطبيعة الحال أن نرتقي بأسلوب بحثنا من خلال استجلاب مواهب لا أحد ينكر أنها لازالت دفينة في منتدانا هذا ومدينة قلعة أمكونة ونواحيها عامة . ولكي نتخلص أخيرا من ذلك الغموض الدفين حول تاريخ دادس عامة والمنطقة المدكورة بالخصوص.
لقائنا بعد أن تنتهي الإمتحانات الجامعية . شكرا للجميع . أسئلتكم مهما كانت بسيطة، مفتاح للبحث عن حقيقة دفينة .
لأن السؤال هو المفتاح لكل بحث ومن ثمة إجابة موضوعية أو تبيان لحقيقة غامضة ، أو تحقيق في أمر معين أو نبش في التاريخ . أدعو كل المهتمين بموضوع زاوية مولاي باعمران وقبيلة أيت باعمران ، وكل من ينتابه غموض أو أي ارتباك حول ممارسات أو معتقدات أو لبس في تاريخ هذه القبيلة ( الزاوية ) ، أن يطرح إشكاله في هذه الصفحة . وهي مفتوحة إلى غاية أن تنتهي الإمتحانات الجامعية ، وسنحاول جماعة الإجابة عنها بكل ما توفر لدينا من معلومات وتقنيات .
هذه المبادرة تأتي ردا على رغبة العديد من الطلبة الجامعيين الذين يبحثون في مواضيع : تاريخية ، جغرافية ، انتروبولوجية ، سوسيولوجية ، سياسية ، دينية ، اقتصادية ... حول منطقة دادس عامة ، وهذه القبيلة بالخصوص لكونها تفرض نفسها في كل بحث حول دادس بجدارة. ولنحاول بطبيعة الحال أن نرتقي بأسلوب بحثنا من خلال استجلاب مواهب لا أحد ينكر أنها لازالت دفينة في منتدانا هذا ومدينة قلعة أمكونة ونواحيها عامة . ولكي نتخلص أخيرا من ذلك الغموض الدفين حول تاريخ دادس عامة والمنطقة المدكورة بالخصوص.
لقائنا بعد أن تنتهي الإمتحانات الجامعية . شكرا للجميع . أسئلتكم مهما كانت بسيطة، مفتاح للبحث عن حقيقة دفينة .
محمد العمراني- المتطوع المساعد
-
عدد الرسائل : 737
تاريخ الميلاد : 16/04/1988
العمر : 36
الدولة : المغرب
المهنة : طالب ، مؤطر تربوي ، تقني إعلاميات
المدينة : قلعة أمكونة
الدولة :
احترام قوانين المنتدى :
رد: إلى كل من يتسائل حول قبيلة أيت باعمران تفضل
اشكرك اخي الكريم على هده الالتفاتة المهمة حولة زاوية ايت باعمران
انني من هده القبيلة المميزة وادكر اني قد حضرت في مناسبة عاشوراء وعجبتني تلك العادات والتقاليد الا اني فوجئت ببعض القبائل الاخرى او المجاورة قد جاؤوا لزيارة الوالي الصالح مولاي بعمران حاملين معهم عجول وخرفان وغطاء لهدا الوالي الدي يعد من بين الموتى معتقدين انه سوف يحميهم او او او .....كما توجد بعض البنات وبعض النساء يتدحرجن داخل الزاوية لتلبية طلبهن(الزواج او الابناء) فلمادا لا نتقرب الى الله عز وجل وندعو انه قريب يجيب دعوة الداعي ادا دعاه
فكما تعلم ان تلك العجول تقسم وكل الهدايا على (الشرفة)
ولكي لااطيل اريد استفسرات لهده المعتقدات والتقاليد كي افهما واكون شاكرة لكم لانني كما سبق وقلت انني من قبيلة ايت باعمران اريد ان اعرف كل ما يتعلق بها ولكم مني ازكى التحيات واطيب المتمنيات وشكرا على الموضوع
انني من هده القبيلة المميزة وادكر اني قد حضرت في مناسبة عاشوراء وعجبتني تلك العادات والتقاليد الا اني فوجئت ببعض القبائل الاخرى او المجاورة قد جاؤوا لزيارة الوالي الصالح مولاي بعمران حاملين معهم عجول وخرفان وغطاء لهدا الوالي الدي يعد من بين الموتى معتقدين انه سوف يحميهم او او او .....كما توجد بعض البنات وبعض النساء يتدحرجن داخل الزاوية لتلبية طلبهن(الزواج او الابناء) فلمادا لا نتقرب الى الله عز وجل وندعو انه قريب يجيب دعوة الداعي ادا دعاه
فكما تعلم ان تلك العجول تقسم وكل الهدايا على (الشرفة)
ولكي لااطيل اريد استفسرات لهده المعتقدات والتقاليد كي افهما واكون شاكرة لكم لانني كما سبق وقلت انني من قبيلة ايت باعمران اريد ان اعرف كل ما يتعلق بها ولكم مني ازكى التحيات واطيب المتمنيات وشكرا على الموضوع
jahonnnnnnnnnna- شكر و تقدير
-
عدد الرسائل : 36
تاريخ الميلاد : 06/12/1971
العمر : 52
الدولة : المغرب
المدينة : البيضاء
الدولة :
احترام قوانين المنتدى :
رد: إلى كل من يتسائل حول قبيلة أيت باعمران تفضل
شكرا جزيلا أخي الكريم. لقد سبق لي ونشرت موضوعا في المنتدى يجيب عن ما تتسائل عنه. إن لم يكن كافيا بالقدر الذي يجعلك تفهم ولو عن قريب ما يحدث في هذه المناسبة، فلي أن أطنب في الشرح أكثر ولذلك نحن هنا ولأجله . هذا هو نص المقال الذي سبق لي وأن نشرته بالمنتدى سأجعله قريبا منك أكثر:
" من بين أهم تقنيات البحث في العلوم الاجتماعية نجد تقنية (الملاحظة بالمشاركة)، وذلك حينما يصبح الباحث فاعلا في الجماعة التي يدرسها، ما يدعوه غرامشي بالمثقف العضوي. إننا هنا لا ندرس ما يجب أن يكون أو ما هي نضرة الدّين حول الموضوع، إننا نحاول فهم ما هو كائن؛ ولا ندّعي في النهاية إلاّ كون ما نقدمه مجرد محاولات بسيطة للفهم ".
محمد العمراني
زاوية مولاي باعمران
جدلية الدِّين والتديُّن. محاولة للفهم
يعتقد بعض الناس أن العودة إلى الدّين هي الإجابة لا بوصفها فعلا من أفعال الإيمان، بل للهرب من شك لا سبيل إلى احتماله. وهؤلاء لا يتخذون هذا القرار تعبدا، بل بحثا عن الأمن (1). هذا ما يجعل الكثير من الناس يربط جل ممارساته وتصرفاته واعتقاداته في بعض الأحيان بالسماء في دلالة على الله، أي أننا إذا لم نعتقد في الله، فلا مبرر لنا – ولا حق لنا – في أن نؤمن بالروح ومطالبها. من هنا يتضح لنا ربط الإنسان لما هو دنيوي بما هو ديني فيعتقد بكونه حقق ذلك التناغم بين ما يقوم به وبين ما جاء به الدّين، وغالبية الناس يصفون بعض تصرفاتهم بأنها نابعة من صلب الدّين علما منهم بذلك أو بدون علم؛ إنهم يحاولون العثور على حل بالرجوع إلى الدين التقليدي أو ما يطلق عليه علماء الأنتروبولوجيا بالإسلام الشعبي.
وحيثما وجد المجال، يكون علامة على حضور المقدس (2). ومجال دراستنا الآن هو الزاوية، إنها أداة تنظيمية قبلية متطورة، تقوم بدور ديني مقدس وسياسي ودنيوي كنتيجة لنفوذها الاجتماعي (3) . في هذا المجال البسيط بنائه المقدس ترابه في علاقته بكرامة وولاء الشخص المدفون فيه حسب مبحوثينا، نجد عدة ممارسات ( تعبديّة ) تمارس داخل حرم الضريح وعموما بالزاوية كمجال مقدس، تطابقا مع بعض الممارسات الأخرى؛ حيث لا تنحصر وظيفة العملية الطقوسية في إعادة تأكيد المبادئ البنيوية المركزية لمجتمع ما، بل إن هذه العملية الطقوسية نفسها منخرطة في السياسة المحلية (4)، " تْلآغْنْجَا " أو " لحْطْرْتْ " أو " موسم أيت باعمران "... إلخ. من هنا ستتضح لنا الإشكالية التي نحن في صددها على الشكل التالي:
- ما دلالة تلك الممارسات التي تمارس داخل الضريح، وتركيزًا في موسم أيت باعمران ؟
- كيف يفهمها الناس بحوض دادس ؟ وما علاقة المكلفين بالزاوية بها ؟
عندما نعود إلى الوراء أي إلى التاريخ بلمحة من تأن وطيب خاطر، نجد أن المجتمع الدادسي في فترات مختلفة من نشأته كان ولازال مجتمعا ذكوريا بامتياز. إنه نتاج لسلطة مجتمع عرف ضراوة الجنس الذكوري بالمقارنة مع الجنس الآخر. ولا غرابة في ذلك فالمحدد البيولوجي دال عليه ووعورة المجال. لكن عندما يتعلق الأمر بالعقل فلا يجب علينا أن نتسرع في الحسم أو في الاندفاع قائلين إن المرأة تجهل تماما التعامل مع كل ما يحتاج لتفسير دقيق أو ما يوجد على شكل بنية مفاهيم ميتافيزيقية. فعندما نجد أن النساء في دادس هن المعنيات بالدرجة الأولى بمثل هذه السلوكات التي يعرفها ضريح مولاي باعمران إذا شئنا التخصيص؛ نجد من الضروري الإشادة بدورهن في المحافظة على الموروث الثقافي الأمازيغي بالمنطقة عموما. ومن بين ما لازلن يحتفظن به - كخزان ثقافي - وكما هو ملاحظ، ما يدخل فيما يسميه فسترمارك في أطروحته بالبقايا الوثنية؛ ويقصد بها مجموعة من المعتقدات والطقوس القديمة، بعضها تم احتواءه من طرف الديانة المحمدية (الإسلام)، والبعض الآخر بقي حاضرا ببساطة داخل معتقدات وطقوس المسلمين رغم الاعتراضات الشديدة للفقهاء (5).
الآن وفقط بدأنا نفهم ولو بشكل بسيط أن هذه الممارسات خارجة عن مجال الزاوية، عن نطاق اختصاصها المركز أساسا وكما سبق الذكر في ما هو ديني مقدس ( أي النّص ) وسياسي ودنيوي إذا أمكن لنا أن نقول: فقط. أي أن كل ممارسة يشهدها مجال الزاوية وتحت سقف قبة الضريح ليست نابعة من تواجد الزاوية المكاني والزماني، بل هي في الحقيقة مجرد مجال يعتقد فيه الناس لتفريغ هذا " الوهم " الذي سبق وقلنا عنه أنه اعتقاد أو طريق للوصول إلى الروحانية التي ستمكن مُمَارِسَها من التشفع لنفسه من السماء أكثر لو بقي في منزله مثلا. وقبل ذلك كانت أماكن العلاج المعترف بها الطبيعة أولا بما أنها الشكل الظاهر للحقيقة؛ فهي تملك في داخلها القدرة على إزالة الخطإ وتبديد الأوهام (6). هنا تماما تتجلى لنا قدسية مجال الزاوية وكيف توجّه " الذوات الواهمة " كل طاقاتها الروحانية صوبه لمجرد ارتباطه (المجال) بضريح شخص كان مشهودا له بالولاء حسب ما تَوفَّر لديهم من رواية شفوية وحسب ما توارثوه عن آبائهم، وكذلك اعتقادهم بأزلية روح من يشهد له الناس بالولاء على الأرض، أو في شخوص أبنائه وأحفاده؛ ومن هنا يستمد كل أفراد زاوية أيت باعمران مكانتهم في الانتساب لهذا الولي بيولوجيا وروحيا في نظر الممارسين لهذه السلوكات.
هكذا يفهم الناس بدادس تواصلهم الدائم مع مجال الضريح سواء بمجرد الحضور والزيارة أو بتقديم هدايا تدخل في نطاق أوسع وأشمل سنحاول تخصيص موضوع لها وهي " القرابين " بمفهومها الأنتروبولوجي والسوسيولوجي لا كما يفهمها الناس؛ أو ضمن العرف القبلي، فيما يخص دور الزاوية في فك النزاعات والخلافات بين القبائل المتواجدة في محيطها.
إننا إذا عرفنا تاريخ زاوية مولاي باعمران بالتفصيل سوف لن نختلف على ما سنتوصل إليه من حقائق، لكن والحال أننا لا نتوفر لحد الآن إلا على قليل من الوثائق المؤرخة لبعض فترات من تاريخها، لا يجب علينا كما لا يجب على أحد الخوض في ما أسميه بالغموض المتعلق بالزاوية، إلا والأدلة ثابتة.
لقد سبق وأشرنا باقتضاب بأن جل الممارسات والسلوكات التي يمارسها حجاج الضريح في كل موسم، خارجة عن نطاق تخصص الزاوية زمانا ومكانا. وأن هذه الممارسات مرتبطة أشد الارتباط بسياق أكبر وأشمل وهو المجتمع الكبير إذا لم نقل شمال إفريقيا بشكل أوسع وأعمق، وذلك عبر مراحل التاريخ التي نشأة فيها كل هذه العادات والتقاليد على جغرافيته وعبر تأثره بالعالم الكبير. أي أن هذه الممارسات سابقة للزاوية زمانا، ومتجدرة في ثقافة أفراد هذا المجال إذا عدنا للتخصيص؛ وبالتالي فهي تندرج في ما يسميه علماء الاجتماع بالعقل الجمعي للمجتمع، والذي لا يستطيع أي فرد أو أي جماعة التعرض له إلا بشق الأنفس وغزارة الأجيال الحاملين لهذه الرسالة ( رسالة التغيير).
كل هذا سيفتح لنا أبواب التساؤلات من جديد وعلى مصراعيها:
- فما موقف الرأي العام من هذه الممارسات ؟ وهل صحيح أنهم يرفضون لكنهم في نفس الوقت يمارسون ؟
- لماذا لم تستطع الزاوية رغم خطابها الديني الحد أو القضاء على مثل هذه الممارسات " الوثنية " حسب فسترمارك ؟
- إلى أي حد كرّست هذه الممارسات الفهم الخاطئ للدّين الإسلامي الذي ترعاه " الزاوية " ؟
- لماذا تركز غالبية النساء المُمَارِسَاتُ في أفعالهن على نيّة طلب الزواج مقابل التدحرج كعادة واعتقاد ؟
- لماذا فِعْلُ التدحرج بالضرورة ؟ وما علاقته بقدسية مجال الزاوية وتربتها ؟
- ما دلالة التبرك بتربة الضريح ؟ وكيف تصور الناس مؤخرا فكرة بركة مياه البئر المحاذية للزاوية ؟
كلها أسئلة والمزيد المزيد منها ينتظر الإجابة الموضوعية والعلمية بدون أي تدخل للذاتية وللتعصب الذي يفقد البحث العلمي معناه وحرمته. والحال أننا نكرر ما سبق وتحدثنا عنه مرارا وتكرارا: العقل السليم هو الذي يتقبل الأفكار على أنها أفكار، وليس على كونها مسلمات أو معتقدات أو تواثب جامدة. نحن لا نقول الحقيقة، ولكننا في طريق البحث عنها.
- الإحالات :
1- الدين والتحليل النفسي، إريك فروم. ترجمة: فؤاد كامل. دار غريب للطباعة. ص.
2- المقدس الإسلامي، نور الدين الزاهي. دار توبقال للنشر. ص:32.
3- القبيلة، الإقطاع والمخزن مقاربة سوسيولوجية للمجتمع المغربي الحديث1844-1934، الهادي الهروي. أفريقيا الشرق.ص: 122.
4- سيدي شمهروش الطقوسي والسياسي في الأطلس الكبير، حسن رشيق. ترجمة: عبد المجيد جحفة ومصطفى النحال. أفريقيا الشرق.ص:174.
5- الدين والمجتمع دراسة سوسيولوجية للتدين بالمغرب، عبد الغني منديب. أفريقيا الشرق.ص: 20.
6- دروس ميشيل فوكو، ترجمة محمد ميلاد. دار توبقال للنشر. ص: 31.
" من بين أهم تقنيات البحث في العلوم الاجتماعية نجد تقنية (الملاحظة بالمشاركة)، وذلك حينما يصبح الباحث فاعلا في الجماعة التي يدرسها، ما يدعوه غرامشي بالمثقف العضوي. إننا هنا لا ندرس ما يجب أن يكون أو ما هي نضرة الدّين حول الموضوع، إننا نحاول فهم ما هو كائن؛ ولا ندّعي في النهاية إلاّ كون ما نقدمه مجرد محاولات بسيطة للفهم ".
محمد العمراني
زاوية مولاي باعمران
جدلية الدِّين والتديُّن. محاولة للفهم
يعتقد بعض الناس أن العودة إلى الدّين هي الإجابة لا بوصفها فعلا من أفعال الإيمان، بل للهرب من شك لا سبيل إلى احتماله. وهؤلاء لا يتخذون هذا القرار تعبدا، بل بحثا عن الأمن (1). هذا ما يجعل الكثير من الناس يربط جل ممارساته وتصرفاته واعتقاداته في بعض الأحيان بالسماء في دلالة على الله، أي أننا إذا لم نعتقد في الله، فلا مبرر لنا – ولا حق لنا – في أن نؤمن بالروح ومطالبها. من هنا يتضح لنا ربط الإنسان لما هو دنيوي بما هو ديني فيعتقد بكونه حقق ذلك التناغم بين ما يقوم به وبين ما جاء به الدّين، وغالبية الناس يصفون بعض تصرفاتهم بأنها نابعة من صلب الدّين علما منهم بذلك أو بدون علم؛ إنهم يحاولون العثور على حل بالرجوع إلى الدين التقليدي أو ما يطلق عليه علماء الأنتروبولوجيا بالإسلام الشعبي.
وحيثما وجد المجال، يكون علامة على حضور المقدس (2). ومجال دراستنا الآن هو الزاوية، إنها أداة تنظيمية قبلية متطورة، تقوم بدور ديني مقدس وسياسي ودنيوي كنتيجة لنفوذها الاجتماعي (3) . في هذا المجال البسيط بنائه المقدس ترابه في علاقته بكرامة وولاء الشخص المدفون فيه حسب مبحوثينا، نجد عدة ممارسات ( تعبديّة ) تمارس داخل حرم الضريح وعموما بالزاوية كمجال مقدس، تطابقا مع بعض الممارسات الأخرى؛ حيث لا تنحصر وظيفة العملية الطقوسية في إعادة تأكيد المبادئ البنيوية المركزية لمجتمع ما، بل إن هذه العملية الطقوسية نفسها منخرطة في السياسة المحلية (4)، " تْلآغْنْجَا " أو " لحْطْرْتْ " أو " موسم أيت باعمران "... إلخ. من هنا ستتضح لنا الإشكالية التي نحن في صددها على الشكل التالي:
- ما دلالة تلك الممارسات التي تمارس داخل الضريح، وتركيزًا في موسم أيت باعمران ؟
- كيف يفهمها الناس بحوض دادس ؟ وما علاقة المكلفين بالزاوية بها ؟
عندما نعود إلى الوراء أي إلى التاريخ بلمحة من تأن وطيب خاطر، نجد أن المجتمع الدادسي في فترات مختلفة من نشأته كان ولازال مجتمعا ذكوريا بامتياز. إنه نتاج لسلطة مجتمع عرف ضراوة الجنس الذكوري بالمقارنة مع الجنس الآخر. ولا غرابة في ذلك فالمحدد البيولوجي دال عليه ووعورة المجال. لكن عندما يتعلق الأمر بالعقل فلا يجب علينا أن نتسرع في الحسم أو في الاندفاع قائلين إن المرأة تجهل تماما التعامل مع كل ما يحتاج لتفسير دقيق أو ما يوجد على شكل بنية مفاهيم ميتافيزيقية. فعندما نجد أن النساء في دادس هن المعنيات بالدرجة الأولى بمثل هذه السلوكات التي يعرفها ضريح مولاي باعمران إذا شئنا التخصيص؛ نجد من الضروري الإشادة بدورهن في المحافظة على الموروث الثقافي الأمازيغي بالمنطقة عموما. ومن بين ما لازلن يحتفظن به - كخزان ثقافي - وكما هو ملاحظ، ما يدخل فيما يسميه فسترمارك في أطروحته بالبقايا الوثنية؛ ويقصد بها مجموعة من المعتقدات والطقوس القديمة، بعضها تم احتواءه من طرف الديانة المحمدية (الإسلام)، والبعض الآخر بقي حاضرا ببساطة داخل معتقدات وطقوس المسلمين رغم الاعتراضات الشديدة للفقهاء (5).
الآن وفقط بدأنا نفهم ولو بشكل بسيط أن هذه الممارسات خارجة عن مجال الزاوية، عن نطاق اختصاصها المركز أساسا وكما سبق الذكر في ما هو ديني مقدس ( أي النّص ) وسياسي ودنيوي إذا أمكن لنا أن نقول: فقط. أي أن كل ممارسة يشهدها مجال الزاوية وتحت سقف قبة الضريح ليست نابعة من تواجد الزاوية المكاني والزماني، بل هي في الحقيقة مجرد مجال يعتقد فيه الناس لتفريغ هذا " الوهم " الذي سبق وقلنا عنه أنه اعتقاد أو طريق للوصول إلى الروحانية التي ستمكن مُمَارِسَها من التشفع لنفسه من السماء أكثر لو بقي في منزله مثلا. وقبل ذلك كانت أماكن العلاج المعترف بها الطبيعة أولا بما أنها الشكل الظاهر للحقيقة؛ فهي تملك في داخلها القدرة على إزالة الخطإ وتبديد الأوهام (6). هنا تماما تتجلى لنا قدسية مجال الزاوية وكيف توجّه " الذوات الواهمة " كل طاقاتها الروحانية صوبه لمجرد ارتباطه (المجال) بضريح شخص كان مشهودا له بالولاء حسب ما تَوفَّر لديهم من رواية شفوية وحسب ما توارثوه عن آبائهم، وكذلك اعتقادهم بأزلية روح من يشهد له الناس بالولاء على الأرض، أو في شخوص أبنائه وأحفاده؛ ومن هنا يستمد كل أفراد زاوية أيت باعمران مكانتهم في الانتساب لهذا الولي بيولوجيا وروحيا في نظر الممارسين لهذه السلوكات.
هكذا يفهم الناس بدادس تواصلهم الدائم مع مجال الضريح سواء بمجرد الحضور والزيارة أو بتقديم هدايا تدخل في نطاق أوسع وأشمل سنحاول تخصيص موضوع لها وهي " القرابين " بمفهومها الأنتروبولوجي والسوسيولوجي لا كما يفهمها الناس؛ أو ضمن العرف القبلي، فيما يخص دور الزاوية في فك النزاعات والخلافات بين القبائل المتواجدة في محيطها.
إننا إذا عرفنا تاريخ زاوية مولاي باعمران بالتفصيل سوف لن نختلف على ما سنتوصل إليه من حقائق، لكن والحال أننا لا نتوفر لحد الآن إلا على قليل من الوثائق المؤرخة لبعض فترات من تاريخها، لا يجب علينا كما لا يجب على أحد الخوض في ما أسميه بالغموض المتعلق بالزاوية، إلا والأدلة ثابتة.
لقد سبق وأشرنا باقتضاب بأن جل الممارسات والسلوكات التي يمارسها حجاج الضريح في كل موسم، خارجة عن نطاق تخصص الزاوية زمانا ومكانا. وأن هذه الممارسات مرتبطة أشد الارتباط بسياق أكبر وأشمل وهو المجتمع الكبير إذا لم نقل شمال إفريقيا بشكل أوسع وأعمق، وذلك عبر مراحل التاريخ التي نشأة فيها كل هذه العادات والتقاليد على جغرافيته وعبر تأثره بالعالم الكبير. أي أن هذه الممارسات سابقة للزاوية زمانا، ومتجدرة في ثقافة أفراد هذا المجال إذا عدنا للتخصيص؛ وبالتالي فهي تندرج في ما يسميه علماء الاجتماع بالعقل الجمعي للمجتمع، والذي لا يستطيع أي فرد أو أي جماعة التعرض له إلا بشق الأنفس وغزارة الأجيال الحاملين لهذه الرسالة ( رسالة التغيير).
كل هذا سيفتح لنا أبواب التساؤلات من جديد وعلى مصراعيها:
- فما موقف الرأي العام من هذه الممارسات ؟ وهل صحيح أنهم يرفضون لكنهم في نفس الوقت يمارسون ؟
- لماذا لم تستطع الزاوية رغم خطابها الديني الحد أو القضاء على مثل هذه الممارسات " الوثنية " حسب فسترمارك ؟
- إلى أي حد كرّست هذه الممارسات الفهم الخاطئ للدّين الإسلامي الذي ترعاه " الزاوية " ؟
- لماذا تركز غالبية النساء المُمَارِسَاتُ في أفعالهن على نيّة طلب الزواج مقابل التدحرج كعادة واعتقاد ؟
- لماذا فِعْلُ التدحرج بالضرورة ؟ وما علاقته بقدسية مجال الزاوية وتربتها ؟
- ما دلالة التبرك بتربة الضريح ؟ وكيف تصور الناس مؤخرا فكرة بركة مياه البئر المحاذية للزاوية ؟
كلها أسئلة والمزيد المزيد منها ينتظر الإجابة الموضوعية والعلمية بدون أي تدخل للذاتية وللتعصب الذي يفقد البحث العلمي معناه وحرمته. والحال أننا نكرر ما سبق وتحدثنا عنه مرارا وتكرارا: العقل السليم هو الذي يتقبل الأفكار على أنها أفكار، وليس على كونها مسلمات أو معتقدات أو تواثب جامدة. نحن لا نقول الحقيقة، ولكننا في طريق البحث عنها.
- الإحالات :
1- الدين والتحليل النفسي، إريك فروم. ترجمة: فؤاد كامل. دار غريب للطباعة. ص.
2- المقدس الإسلامي، نور الدين الزاهي. دار توبقال للنشر. ص:32.
3- القبيلة، الإقطاع والمخزن مقاربة سوسيولوجية للمجتمع المغربي الحديث1844-1934، الهادي الهروي. أفريقيا الشرق.ص: 122.
4- سيدي شمهروش الطقوسي والسياسي في الأطلس الكبير، حسن رشيق. ترجمة: عبد المجيد جحفة ومصطفى النحال. أفريقيا الشرق.ص:174.
5- الدين والمجتمع دراسة سوسيولوجية للتدين بالمغرب، عبد الغني منديب. أفريقيا الشرق.ص: 20.
6- دروس ميشيل فوكو، ترجمة محمد ميلاد. دار توبقال للنشر. ص: 31.
محمد العمراني- المتطوع المساعد
-
عدد الرسائل : 737
تاريخ الميلاد : 16/04/1988
العمر : 36
الدولة : المغرب
المهنة : طالب ، مؤطر تربوي ، تقني إعلاميات
المدينة : قلعة أمكونة
الدولة :
احترام قوانين المنتدى :
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى