مولاي باعمران، أسطورة الأسد والكلاب. محاولة للفهم
5 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
مولاي باعمران، أسطورة الأسد والكلاب. محاولة للفهم
" أعلم تمام العلم بأنه من المستحيل أن نصل إلى إدراك واحد، وإجماع كامل على معرفة حول موضوع معين مهما كانت درجة وضوحه؛ لكن هذا لا يجب أن يكون عائقا أمام مسيرة الفكر وتاريخ البحث العلمي بصفة عامة. العقول المقفلة وحدها هي التي تقبل كل الأفكار على أنها مسلمات لا يجب الخوض في نقاشها ".
لقد كان جهل الإنسان بحقائق الوقائع الكونية مصدر خوف دائم لديه، واخترع الانسان الأول الأساطير لتفسر له تلك المظاهر... وصنع لكل حادثة معنى وهميا ودوات يرد لهم الأفعال ويقدم لهم النذر والقرابين لتجنب غضبهم المتمثل له بتلك الكوارث ... وتصديق هذه الأساطير يمنحه شيئا من المعنى المفترض لذلك الذي يحدث (1 ). فتتوارث الأجيال - أو ما يصفه بيير بورديو "التوالد الثقافي" - هذا المعنى إلى أن يصير معتقدا أو جزءا من عمليات التفاعل الاجتماعي، قد تنتج عنه ممارسات لا يمكن أن تفهم إلا في سياقها التاريخي الحقيقي.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه وبشدة هو: ما مدى فهمنا لمحتويات الأساطير التي نتلقاها من الأجيال السابقة في حلة درامية خيالية قد تفقد حمولتها المعنوية عند تعريضها للعقل ( الحديث )، وللعلم كمخترع بشري تقدمي جدا ؟
وفي هذا السياق تأتي محاولتنا لوضع مقاربة - مجرد مقاربة - لفهم وتفكيك ما يدعوه البعض بـأسطورة " مولاي باعمران، الأسد الأصم والكلاب المتجولة". ولا ندعي هنا أن طرحنا هذا حقيقي إلى درجة نفهم فيه أننا قدمنا إجابة موضوعية لمحتوى هذه الأسطورة، بل هو في حد ذاته دعوة إلى محاولة تكريس ترسانات أنتربولوجية وسوسيولوجية لإزالة الغموض الكبير الذي لا يزال يكتنف تاريخ وادي دادس عامة وهذه الرقعة الجغرافية موضع دراستنا بصفة خاصة.
وتأتي غالبية الروايات الشفوية حول فحوى ومضمون هذه الأسطورة وكما أشرنا في بحث سابق على الشكل التالي :
" كانت منطقة دادس الأوسط قبل مجيء مولاي باعمران وأصحابه عبارة عن غابة تعيش بداخلها مجموعة من الحيوانات المتوحشة كالسباع والزواحف . ولما وصل الولي ، طلب منها المغادرة، وما كان عليها إلا أن تستجيب لندائه وتنسحب. ولم يبقى منها إلا أسد واحد كان أطرشاً ولم يسمع نداء الولي، هذا الأخير تمكن من الإلتقاء بهذا الحيوان، وأدن له في أدنه مطالبا إياه بالإنسحاب، وما هي إلا لحظات حتى لاد الأسد بالفرار. وتضيف الرواية أن مولاي باعمران وأصحابه لما نزلوا بالمنطقة وجدوها جافة، مما حثم عليهم البحث عن الماء. وهكذا بدؤوا يجوبون المنطقة بحثا عن مكان تواجد الماء، وكانوا يصطحبون معهم بعض الكلاب، هذه الأخيرة انطلقت ثم عادت إليهم وأرجلها مبللة بالماء، وهذا ما أثار انتباه هاؤلاء ، فأخذوا يترقبون آثار الكلاب حتى وجدوا ذلك المكان فاستقروا فيه ".
لم نضع عنوان هذا الموضوع اعتباطيا فهو يقسم لنا نص الأسطورة إلى جزئين مختلفين: حادتة الولي مع الأسد الأصم، والكلاب المتجولة التي أعلمته بمصدر المياه.
نعلم جميعا وكما يتحدث لنا عن ذلك تاريخ المنطقة بأن "المجتمع الدادسي مجتمع يحكمه العنف" (2) مند أول استقرار به، وذلك ضد المستقرين والرحل الذين يندفعون في كل مرة من صاغرو في اتجاه الهضاب المشرفة على وادي دادس. وبالضرورة كانت هذه القبائل المتنازعة فيما بينها قوية إلى حد كبير قد يسمح لأي إنسان بأن يصفها ويسميها بالأسود دلالة على مدى شراسة القتال بينها، إذ تتفاقم هذه التشابكات في بعض الأحيان إلى أن تسال الدماء وتزهق الأرواح حول موضع الخلاف. من هنا تأتي مقاربتنا لفهم فحوى الأسطورة السابقة في كون المقصود من توظيف حيوان ما للدلالة على شخص أو بشكل أكبر قبيلة ما هو وارد؛ بدليل أن جل الأساطير التي تتناقلها أجيال المنطقة تتشارك في نفس الأسلوب.
بعد هذا نستطيع أن نقول بأن الولي " مولاي باعمران " حقق أن فكك النزاع بين هذه القبائل بعدما أشار إليها بالإنسحاب، وقد تُأكِّد الوثائق - التي لازالت محط جدل - هذا الأمر في الأيام المقبلة، إذ أن جل الأبحاث والدراسات التي نشرت حول الزوايا بالمنطقة و بالمغرب على وجه العموم، تأكد على الدور الذي لعبته في هذا الجانب بالتحديد ( فك النزاعات بين القبائل )، كما أن تمضهرات ذلك لازالت جلية لحد الآن في الولاء الذي لازالت بعض القبائل تكنه لحفدة هذا الولي في موسم أيت باعمران من كل سنة بدعوى الدور الذي كان يقوم به في التحكيم بين هذه القبائل.
لكن الأسطورة تضعنا موضع تسائل جديد إذ بعد الإستجابة لأمر الولي بالانسحاب تقول الرواية الشفوية ضل هنالك أسد أطرش لم يسمع نداء الولي. هل كانت هذه القبيلة أو زعيمها ( أمغارها إدا صح التعبير ) - وذلك بعد افتراضنا السابق بكون المعنى المقصود بالأسود في هذه الأسطورة هم الأفراد أو القبائل - متجاهلا لأمر الولي ؟ أم أن خبر قدومه وأمره بالكف عن القتال لم يصله بعد ؟ هذا إذا افترضنا جدلا أن ما جاءت به الأسطورة صحيح.
بعد هذا كله تأكد جل الدراسات المنجزة حول هذه المنطقة بأن من أهم محاور نشوب هذه النزاعات بين القبائل على امتداد هذا المجال هي السواقي والوديان " والتي لطالما شكلت وسيلة ضغط اقتصادي وسياسي" (3). وهذا ما قد تحيل إليه الأسطورة في بحث " الكلاب " عن موضع تواجد المياه، أي موضع النزاع بين هذه القبائل. لكن ماذا نفهم من دلالة " الكلاب " في الأسطورة ؟ ألا يمكن أن تدل على ما يصطلح عليه بالأمازيغية " إِرْقَّاصّنّ " ؟ وهم المبعوثون أو الرُسُل المكلفة بنقل رسالة كتابية أو شفوية بين شخصين أو جهازين. يكون عادة من العارفين بالمسالك والطرق وذوي اللياقة الجسمانية القادرين على ركوب المخاطر والمغامرة (4). هل هذا ما نفهمه حقيقة من وصف الأسطورة لهؤلاء بالكلاب ؟
وبعد محاولتنا من جديد استقراء ومقارنة ما أتت به بعض الدراسات المتعلقة بتاريخ دادس وما جاءت به هذه الأسطورة ، تعرضنا لأسئلة من قبيل:
- إذا كانت الأسطورة تقول بأن الولي وجد المنطقة مأهولة ( بعد افتراضنا طبعا وصفها للساكنة بالأفاعي والسباع ) ما مدى صحة ما أتت به بعض البحوث في كون مولاي باعمران هو أول من استقر بالمنطقة وأصحابه ؟
- هل غياب وثائق تأشر على مثل هذه الحقائق ، فرصة للخوض وبشكل " تعسفي " في حقائق أحداث غابرة لا يعلم عنها أحد الكثير لحد الآن ؟
- ما مدى مصداقية ما أتت به جل هذه الدراسات إذن في رصد التاريخ العميق لهذه القبائل، وكيف سنصل إلى حقيقة في ضل غياب دراسات معمقة وأكاديمية حول الموضوع ؟
- هل كان الولي فاعلا رئيسيا في هذا المجال الجغرافي لكي نسمع بروايا شفوية جديدة تقول بأنه السبب في تسمية قبيلة اليهود المتواجدة بالمنطقة بـ " تييليت " بعدما أخبره أعوانه بقربها من مجال استقراره فقال لهم بالأمازيغية " تِيلْيِيتْ " أي: فل تكن . وكذلك قبيلة " أزْلآكْ " التي تقول الرواية الشفوية بأن اسمها نابع من طلب الولي أصحابه أن يتفقدوا الجزء الشمالي من نقطة استقراره فقال لهم بالأمازيغية " زْلْيَاتْنْ ". كما أن إسم جبل " صاغروا " ينسب للفترة التي كان متواجدا بها في المنطقة ... ؟
- ما حقيقة أن الولي كان يتقن اللغة الأمازيغية قبل استقراره بدادس رغم انتسابه لسلالة الأدارسة ؟
- ما السبب الحقيقي إذن في هذا الولاء المسمر لبعض قبائل المنطقة لزاوية مولاي باعمران لحد الساعة ؟
- ما علاقة الزاوية بالمخزن سابقا ؟ وما مدى استقلاليتها وحيادها السياسي ؟
- ما الدليل الذي تقدمه لنا الذبيحة التي تقدمها بعض القبائل للزاوية خلال موسم أيت باعمران ؟
العديد والعديد من الأسئلة الأخرى تنتضر طرحها، والإجابة عنها تتطلب في الحقيقة مجهودا كبيرا وكبيرا جدا لكي لا تصبح الحقيقة محتكرة لدى البعض، أو غامضة على شكل روايات شفوية معقدة , أو أساطير تحيل إلى أكاديب وأوهام ينسجها خيال الأفراد الناكص.
- الإحالات:
(1 ) - القبيلة أو القبائلية أو هويات ما بعد الحداثة، عبد الله الغدامي. المركز الثقافي العربي، الطبعة الثانية.ص:208.
(2 ) - دادس من بداية الاستقرار إلى تدخل الكلاوي، فاطمة عمراوي. ص: 65.
(3 ) - نفس المرجع. ص: 63.
(4 ) – المصطلحات الأمازيغية في تاريخ المغرب وحضارته، تحت إشراف: الأستاذ محمد حمام. ص:18.
محمد العمراني
مولاي باعمران
أسطورة الأسد الأصم والكلاب المتجولة، محاولة للفهم
أسطورة الأسد الأصم والكلاب المتجولة، محاولة للفهم
لقد كان جهل الإنسان بحقائق الوقائع الكونية مصدر خوف دائم لديه، واخترع الانسان الأول الأساطير لتفسر له تلك المظاهر... وصنع لكل حادثة معنى وهميا ودوات يرد لهم الأفعال ويقدم لهم النذر والقرابين لتجنب غضبهم المتمثل له بتلك الكوارث ... وتصديق هذه الأساطير يمنحه شيئا من المعنى المفترض لذلك الذي يحدث (1 ). فتتوارث الأجيال - أو ما يصفه بيير بورديو "التوالد الثقافي" - هذا المعنى إلى أن يصير معتقدا أو جزءا من عمليات التفاعل الاجتماعي، قد تنتج عنه ممارسات لا يمكن أن تفهم إلا في سياقها التاريخي الحقيقي.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه وبشدة هو: ما مدى فهمنا لمحتويات الأساطير التي نتلقاها من الأجيال السابقة في حلة درامية خيالية قد تفقد حمولتها المعنوية عند تعريضها للعقل ( الحديث )، وللعلم كمخترع بشري تقدمي جدا ؟
وفي هذا السياق تأتي محاولتنا لوضع مقاربة - مجرد مقاربة - لفهم وتفكيك ما يدعوه البعض بـأسطورة " مولاي باعمران، الأسد الأصم والكلاب المتجولة". ولا ندعي هنا أن طرحنا هذا حقيقي إلى درجة نفهم فيه أننا قدمنا إجابة موضوعية لمحتوى هذه الأسطورة، بل هو في حد ذاته دعوة إلى محاولة تكريس ترسانات أنتربولوجية وسوسيولوجية لإزالة الغموض الكبير الذي لا يزال يكتنف تاريخ وادي دادس عامة وهذه الرقعة الجغرافية موضع دراستنا بصفة خاصة.
وتأتي غالبية الروايات الشفوية حول فحوى ومضمون هذه الأسطورة وكما أشرنا في بحث سابق على الشكل التالي :
" كانت منطقة دادس الأوسط قبل مجيء مولاي باعمران وأصحابه عبارة عن غابة تعيش بداخلها مجموعة من الحيوانات المتوحشة كالسباع والزواحف . ولما وصل الولي ، طلب منها المغادرة، وما كان عليها إلا أن تستجيب لندائه وتنسحب. ولم يبقى منها إلا أسد واحد كان أطرشاً ولم يسمع نداء الولي، هذا الأخير تمكن من الإلتقاء بهذا الحيوان، وأدن له في أدنه مطالبا إياه بالإنسحاب، وما هي إلا لحظات حتى لاد الأسد بالفرار. وتضيف الرواية أن مولاي باعمران وأصحابه لما نزلوا بالمنطقة وجدوها جافة، مما حثم عليهم البحث عن الماء. وهكذا بدؤوا يجوبون المنطقة بحثا عن مكان تواجد الماء، وكانوا يصطحبون معهم بعض الكلاب، هذه الأخيرة انطلقت ثم عادت إليهم وأرجلها مبللة بالماء، وهذا ما أثار انتباه هاؤلاء ، فأخذوا يترقبون آثار الكلاب حتى وجدوا ذلك المكان فاستقروا فيه ".
لم نضع عنوان هذا الموضوع اعتباطيا فهو يقسم لنا نص الأسطورة إلى جزئين مختلفين: حادتة الولي مع الأسد الأصم، والكلاب المتجولة التي أعلمته بمصدر المياه.
نعلم جميعا وكما يتحدث لنا عن ذلك تاريخ المنطقة بأن "المجتمع الدادسي مجتمع يحكمه العنف" (2) مند أول استقرار به، وذلك ضد المستقرين والرحل الذين يندفعون في كل مرة من صاغرو في اتجاه الهضاب المشرفة على وادي دادس. وبالضرورة كانت هذه القبائل المتنازعة فيما بينها قوية إلى حد كبير قد يسمح لأي إنسان بأن يصفها ويسميها بالأسود دلالة على مدى شراسة القتال بينها، إذ تتفاقم هذه التشابكات في بعض الأحيان إلى أن تسال الدماء وتزهق الأرواح حول موضع الخلاف. من هنا تأتي مقاربتنا لفهم فحوى الأسطورة السابقة في كون المقصود من توظيف حيوان ما للدلالة على شخص أو بشكل أكبر قبيلة ما هو وارد؛ بدليل أن جل الأساطير التي تتناقلها أجيال المنطقة تتشارك في نفس الأسلوب.
بعد هذا نستطيع أن نقول بأن الولي " مولاي باعمران " حقق أن فكك النزاع بين هذه القبائل بعدما أشار إليها بالإنسحاب، وقد تُأكِّد الوثائق - التي لازالت محط جدل - هذا الأمر في الأيام المقبلة، إذ أن جل الأبحاث والدراسات التي نشرت حول الزوايا بالمنطقة و بالمغرب على وجه العموم، تأكد على الدور الذي لعبته في هذا الجانب بالتحديد ( فك النزاعات بين القبائل )، كما أن تمضهرات ذلك لازالت جلية لحد الآن في الولاء الذي لازالت بعض القبائل تكنه لحفدة هذا الولي في موسم أيت باعمران من كل سنة بدعوى الدور الذي كان يقوم به في التحكيم بين هذه القبائل.
لكن الأسطورة تضعنا موضع تسائل جديد إذ بعد الإستجابة لأمر الولي بالانسحاب تقول الرواية الشفوية ضل هنالك أسد أطرش لم يسمع نداء الولي. هل كانت هذه القبيلة أو زعيمها ( أمغارها إدا صح التعبير ) - وذلك بعد افتراضنا السابق بكون المعنى المقصود بالأسود في هذه الأسطورة هم الأفراد أو القبائل - متجاهلا لأمر الولي ؟ أم أن خبر قدومه وأمره بالكف عن القتال لم يصله بعد ؟ هذا إذا افترضنا جدلا أن ما جاءت به الأسطورة صحيح.
بعد هذا كله تأكد جل الدراسات المنجزة حول هذه المنطقة بأن من أهم محاور نشوب هذه النزاعات بين القبائل على امتداد هذا المجال هي السواقي والوديان " والتي لطالما شكلت وسيلة ضغط اقتصادي وسياسي" (3). وهذا ما قد تحيل إليه الأسطورة في بحث " الكلاب " عن موضع تواجد المياه، أي موضع النزاع بين هذه القبائل. لكن ماذا نفهم من دلالة " الكلاب " في الأسطورة ؟ ألا يمكن أن تدل على ما يصطلح عليه بالأمازيغية " إِرْقَّاصّنّ " ؟ وهم المبعوثون أو الرُسُل المكلفة بنقل رسالة كتابية أو شفوية بين شخصين أو جهازين. يكون عادة من العارفين بالمسالك والطرق وذوي اللياقة الجسمانية القادرين على ركوب المخاطر والمغامرة (4). هل هذا ما نفهمه حقيقة من وصف الأسطورة لهؤلاء بالكلاب ؟
وبعد محاولتنا من جديد استقراء ومقارنة ما أتت به بعض الدراسات المتعلقة بتاريخ دادس وما جاءت به هذه الأسطورة ، تعرضنا لأسئلة من قبيل:
- إذا كانت الأسطورة تقول بأن الولي وجد المنطقة مأهولة ( بعد افتراضنا طبعا وصفها للساكنة بالأفاعي والسباع ) ما مدى صحة ما أتت به بعض البحوث في كون مولاي باعمران هو أول من استقر بالمنطقة وأصحابه ؟
- هل غياب وثائق تأشر على مثل هذه الحقائق ، فرصة للخوض وبشكل " تعسفي " في حقائق أحداث غابرة لا يعلم عنها أحد الكثير لحد الآن ؟
- ما مدى مصداقية ما أتت به جل هذه الدراسات إذن في رصد التاريخ العميق لهذه القبائل، وكيف سنصل إلى حقيقة في ضل غياب دراسات معمقة وأكاديمية حول الموضوع ؟
- هل كان الولي فاعلا رئيسيا في هذا المجال الجغرافي لكي نسمع بروايا شفوية جديدة تقول بأنه السبب في تسمية قبيلة اليهود المتواجدة بالمنطقة بـ " تييليت " بعدما أخبره أعوانه بقربها من مجال استقراره فقال لهم بالأمازيغية " تِيلْيِيتْ " أي: فل تكن . وكذلك قبيلة " أزْلآكْ " التي تقول الرواية الشفوية بأن اسمها نابع من طلب الولي أصحابه أن يتفقدوا الجزء الشمالي من نقطة استقراره فقال لهم بالأمازيغية " زْلْيَاتْنْ ". كما أن إسم جبل " صاغروا " ينسب للفترة التي كان متواجدا بها في المنطقة ... ؟
- ما حقيقة أن الولي كان يتقن اللغة الأمازيغية قبل استقراره بدادس رغم انتسابه لسلالة الأدارسة ؟
- ما السبب الحقيقي إذن في هذا الولاء المسمر لبعض قبائل المنطقة لزاوية مولاي باعمران لحد الساعة ؟
- ما علاقة الزاوية بالمخزن سابقا ؟ وما مدى استقلاليتها وحيادها السياسي ؟
- ما الدليل الذي تقدمه لنا الذبيحة التي تقدمها بعض القبائل للزاوية خلال موسم أيت باعمران ؟
العديد والعديد من الأسئلة الأخرى تنتضر طرحها، والإجابة عنها تتطلب في الحقيقة مجهودا كبيرا وكبيرا جدا لكي لا تصبح الحقيقة محتكرة لدى البعض، أو غامضة على شكل روايات شفوية معقدة , أو أساطير تحيل إلى أكاديب وأوهام ينسجها خيال الأفراد الناكص.
- الإحالات:
(1 ) - القبيلة أو القبائلية أو هويات ما بعد الحداثة، عبد الله الغدامي. المركز الثقافي العربي، الطبعة الثانية.ص:208.
(2 ) - دادس من بداية الاستقرار إلى تدخل الكلاوي، فاطمة عمراوي. ص: 65.
(3 ) - نفس المرجع. ص: 63.
(4 ) – المصطلحات الأمازيغية في تاريخ المغرب وحضارته، تحت إشراف: الأستاذ محمد حمام. ص:18.
محمد العمراني- المتطوع المساعد
-
عدد الرسائل : 737
تاريخ الميلاد : 16/04/1988
العمر : 36
الدولة : المغرب
المهنة : طالب ، مؤطر تربوي ، تقني إعلاميات
المدينة : قلعة أمكونة
الدولة :
احترام قوانين المنتدى :
رد: مولاي باعمران، أسطورة الأسد والكلاب. محاولة للفهم
اسئلة تطرح نفسها اتدكر ان جدتي رحمها الله تقدم دائما قربانا عبارة عن تور او خروف لمولاي بعمران والاحض ان امي ايضا تقدم لهم الخروف وتطلب من "امزيرن "الدعاء لها .
شكرا اخي محمد العمراني ودمت متألقا اتمنى ان تأتينا باجوبة الاسئلة لاننا لا نعرفها
شكرا اخي محمد العمراني ودمت متألقا اتمنى ان تأتينا باجوبة الاسئلة لاننا لا نعرفها
توناروز- الحضور المميز
-
عدد الرسائل : 133
تاريخ الميلاد : 11/07/1977
العمر : 47
الدولة : المغرب
المدينة : قلعة امكونة
الدولة :
احترام قوانين المنتدى :
رد: مولاي باعمران، أسطورة الأسد والكلاب. محاولة للفهم
مقاربة مومفقة ومجهود يستحق التنويه.
لكن في نظري الأسطورة بكاملها أضع عليها عدًة علامات استفهام.
تقبل مروري، ولي عودة للمزيد من التفصيل.
jamil- الحضور المميز
-
عدد الرسائل : 154
تاريخ الميلاد : 06/03/1980
العمر : 44
الدولة : maroc
المدينة : ouarzazat
الأوسمة :
احترام قوانين المنتدى :
رد: مولاي باعمران، أسطورة الأسد والكلاب. محاولة للفهم
بسم الله الرحمان الرحيم
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على رسول الله
ترددت كثيرا قبل الرد على هذا الموضوع لما قد يترتب على ذلك من مشادات كلامية أنا في غنى عنها لكن عندما تتحول حدوثه ما قبل النوم إلى أسطورة يكاد البعض يصدقها ويروج لها على أنها حقيقة أو رواية شفوية يتناقلها الأجيال، فهذا ما لا يمكن السكوت عنه.
وحتى لو سلّمنا بأن هذه الأسطورة ليست من نسج الخيال، فكيف ستجيب على هذه التساؤلات:
أولا : قلت بأنه : "نستطيع أن نقول بأن الولي " مولاي باعمران " حقق أن فكك النزاع بين هذه القبائل بعدما أشار إليها بالإنسحاب، وقد تُأكِّد الوثائق ء التي لازالت محط جدل ء هذا الأمر في الأيام المقبلة،"
كيف يعقل أن يكون طرفان يتقاتلان فيأتي شخص ثالث فيشير لهم بالإنسحاب فينسحبوا بكل بساطة؟؟؟؟ ثم أين هذه الوثائق التي تؤكد ذلك؟؟؟؟
ثانيا: جاء في موضوعك أنه : " كانت منطقة دادس الأوسط قبل مجيء مولاي باعمران وأصحابه عبارة عن غابة تعيش بداخلها مجموعة من الحيوانات المتوحشة كالسباع والزواحف . ولما وصل الولي ، طلب منها المغادرة، وما كان عليها إلا أن تستجيب لندائه وتنسحب. ولم يبقى منها إلا أسد واحد كان أطرشاً ولم يسمع نداء الولي، هذا الأخير تمكن من الإلتقاء بهذا الحيوان، وأدن له في أدنه مطالبا إياه بالإنسحاب، وما هي إلا لحظات حتى لاد الأسد بالفرار."
برجوعنا إلى كتاب محمد الوزان الفاسي في وصف إفريقيا عند تطرقه لوصف جبل دادس الصفحة 188 و 189 سنجده يتنافى مع هذه الأسطورة لأن المنطقة قبل مجيئ الولي كانت مأهولة بقطاع الطرق والذين كانوا يعيشون في الكهوف، وحتى لا نبتعد كثيرا وكدليل على صحة ما دكره هذا المؤرخ يكفي زيارة قبيلة أيت بعمران للتأكد من ذلك, فهي مليئة بالكهوف والمغارات والتي كانت في ما مضى سكنا لأناس وصفهم محمد الوزان الفاسي على أنهم رجال غادرون متلصصون يقتلون الرجل من أجل بصلة.
وهذا جواب على أحد الأسئلة الذي تم طرحها.
تحياتي
الحمد لله وحده و الصلاة و السلام على رسول الله
ترددت كثيرا قبل الرد على هذا الموضوع لما قد يترتب على ذلك من مشادات كلامية أنا في غنى عنها لكن عندما تتحول حدوثه ما قبل النوم إلى أسطورة يكاد البعض يصدقها ويروج لها على أنها حقيقة أو رواية شفوية يتناقلها الأجيال، فهذا ما لا يمكن السكوت عنه.
وحتى لو سلّمنا بأن هذه الأسطورة ليست من نسج الخيال، فكيف ستجيب على هذه التساؤلات:
أولا : قلت بأنه : "نستطيع أن نقول بأن الولي " مولاي باعمران " حقق أن فكك النزاع بين هذه القبائل بعدما أشار إليها بالإنسحاب، وقد تُأكِّد الوثائق ء التي لازالت محط جدل ء هذا الأمر في الأيام المقبلة،"
كيف يعقل أن يكون طرفان يتقاتلان فيأتي شخص ثالث فيشير لهم بالإنسحاب فينسحبوا بكل بساطة؟؟؟؟ ثم أين هذه الوثائق التي تؤكد ذلك؟؟؟؟
ثانيا: جاء في موضوعك أنه : " كانت منطقة دادس الأوسط قبل مجيء مولاي باعمران وأصحابه عبارة عن غابة تعيش بداخلها مجموعة من الحيوانات المتوحشة كالسباع والزواحف . ولما وصل الولي ، طلب منها المغادرة، وما كان عليها إلا أن تستجيب لندائه وتنسحب. ولم يبقى منها إلا أسد واحد كان أطرشاً ولم يسمع نداء الولي، هذا الأخير تمكن من الإلتقاء بهذا الحيوان، وأدن له في أدنه مطالبا إياه بالإنسحاب، وما هي إلا لحظات حتى لاد الأسد بالفرار."
برجوعنا إلى كتاب محمد الوزان الفاسي في وصف إفريقيا عند تطرقه لوصف جبل دادس الصفحة 188 و 189 سنجده يتنافى مع هذه الأسطورة لأن المنطقة قبل مجيئ الولي كانت مأهولة بقطاع الطرق والذين كانوا يعيشون في الكهوف، وحتى لا نبتعد كثيرا وكدليل على صحة ما دكره هذا المؤرخ يكفي زيارة قبيلة أيت بعمران للتأكد من ذلك, فهي مليئة بالكهوف والمغارات والتي كانت في ما مضى سكنا لأناس وصفهم محمد الوزان الفاسي على أنهم رجال غادرون متلصصون يقتلون الرجل من أجل بصلة.
وهذا جواب على أحد الأسئلة الذي تم طرحها.
تحياتي
jamil- الحضور المميز
-
عدد الرسائل : 154
تاريخ الميلاد : 06/03/1980
العمر : 44
الدولة : maroc
المدينة : ouarzazat
الأوسمة :
احترام قوانين المنتدى :
رد: مولاي باعمران، أسطورة الأسد والكلاب. محاولة للفهم
أسئلة جميلة . بسيطة . وفي المستوى . الإجابة قريبا إن شاء الله .
قلت سابقا وهذا ما أحاول أن تتضمنه كل مواضيعي التي أطرحها، بأنني لا أدعي قول الحقيقة ؛ لكن أبحث عنها بالتأكيد .
وقلت :
... هذا إذا افترضنا جدلا أن ما جاءت به الأسطورة صحيح.....
قلت سابقا وهذا ما أحاول أن تتضمنه كل مواضيعي التي أطرحها، بأنني لا أدعي قول الحقيقة ؛ لكن أبحث عنها بالتأكيد .
وقلت :
... هذا إذا افترضنا جدلا أن ما جاءت به الأسطورة صحيح.....
محمد العمراني- المتطوع المساعد
-
عدد الرسائل : 737
تاريخ الميلاد : 16/04/1988
العمر : 36
الدولة : المغرب
المهنة : طالب ، مؤطر تربوي ، تقني إعلاميات
المدينة : قلعة أمكونة
الدولة :
احترام قوانين المنتدى :
رد: مولاي باعمران، أسطورة الأسد والكلاب. محاولة للفهم
في البدء فالأسطورة ليست هي " الحدوتة " أو " الحكاية "؛ ولعل من الصعب إيجاد تعريف للأسطورة يقبله جميع العلماء ويكون في نفس الوقت في متناول غير أصحاب الاختصاص. ولعلنا نتساءل من ناحية أخرى، هل يمكن تعريف " واحد " شامل لجميع نماذج الأساطير وجميع وظائفها، في جميع المجتمعات القديمة والتقليدية ؟
الأسطورة واقعة ثقافية بالغة التعقيد، يمكننا أن نباشرها ونفسرها في منظورات متعددة، يكمل بعضها بعضا (1).
ونعرف جميعا كباحثين عن الحقيقة إذ أحاول دائما تضمينها في مواضيعي؛ أن الأسطورة في النهاية هي دائما سرد لحكاية " خلق " أو إبداع وإنتاج شيء جديد أو كيف بدأ وجوده. أما أشخاص الأساطير فـ " كائنات عليا ". نعرفهم بما قد صنعوه في الأزمنة القوية، ذات التأثير الفعال، وهي أزمنة " البدايات ". فالأساطير تكشف، إذن، عن الفعالية لهذه الكائنات العليا، وتميط اللثام عن قدسية أعمالهم ( أو عن مجرد كونها أعمالا "خارقة"). باختصار تصف الأساطير مختلف أوجه تفجر القدسي ( أو "الخارق") في العالم (2). ولا أحد يجزم في النهاية بأن جل الأساطير المتداولة بقيت على حالها كما صيغت مند أول وهلة؛ فتناقلها بين الأجيال سبب رئيس على تلاشي مضمونها الأساس، أو التضخيم فيه لدرجة تصعب فيها تصديق ما أتت به. فعلينا حقيقة أن نضع الأسطورة في سياقها الاجتماعي- الديني- السياسي.. الأصلي. ونحن ندرس هذا المجتمع عبر التاريخ، أي أننا نبحث عن الحقيقة في آخر المطاف ولا نستهتر!
أما فيما يخص ما مدى إمكانية بروز طرف ثالث في النزاعات التي تنشب بين هذه القبائل ( إذا سلّمنا بأن ما فهمناه مما جاءت به الأسطورة صحيح )، فمن المعروف سلفا لدى مبحوثينا وبعض الباحثين بأن الولي مولاي باعمران شريف إدريسي، أي أنه أمير ابن أمير ( ولا ضرورة هنا بأن نذكر بقصة المولى إدريس الأول الذي - ربما - بايعته قبائل أوربة ) فانتساب هؤلاء إلى الدوحة النبوية حسب - زعم - الكثيرين، له دوره؛ ورصيده العلمي كفقيه وعالم وقاضي، حسب الرواية الشفوية له دوره من جهة أخرى كذلك. كما لعبت " الزوايا " دورا هاما في تاريخ المغرب ما بعد الخلدوني ورغم هاته الأهمية البالغة، لا تزال هاته المؤسسة لحد الآن، لم توضع في سياقها التاريخي الصحيح، بل أكثر من ذلك، لم تنجز أعمال نظرية متكاملة بصددها (3). فلقد لعبت الطريقة والزاوية دورا مهما في تدعيم آليات ضبط القبائل وإخماد صراعاتها والقيام بدور التحكيم في النزاعات والتوسط لفائدة المنهزمين (4).
إذن، فكيف نستبعد إمكانية تدخل الولي " مولاي باعمران " في فك نزاع أو خلاف ناشب بين قبيلتين أو أكثر في هذا المجال بعد ما ذكرناه ؟ هنا تماما قد جاء حديثنا عن إشكالية غياب الوثائق التي قد تفند ما طرحناه هنا أو حتى ترفضه وتنفيه ( كما أن غيابها في الفترة الراهنة لا يجب أن يمنعنا من البحث أو التنقيب عن الحقيقة ). أي أننا في النهاية نبحث عن الحقيقة ولا ندعي أننا نقولها أو توصلنا إليها.
ولنا الآن أن نطرح سؤالا مهما: هل كانت الزاوية مع استقرار الولي بدادس أم بنيت بعد وفاته ؟
أما بالنسبة لما جاء به محمد الوزان الفاسي في كتابه، فهو أولا وقبل كل شيء تأريخ من طرف واحد؛ وثانيا، فهو يتحدث عن جبل وليس عن سهل ( مكان تواجد زاوية مولاي باعمران ) والحال أن هذه الكهوف التي أشار إليها فيما قاله عن جبل دادس لا توجد في منطقة تواجد الزاوية كما زعمتم في ردكم - وتكفي زيارة ميدانية للمجال الجغرافي الذي لا أعتقد أن أحدا يعرف مكة وشعابها غير أهلها - بل إزاء " جبل أيت امحمد " بين بومالن باتجاه تنغير وبالتحديد حدود " إميضر ". وقد يقصد بها كذلك الكهوف التي تتواجد في قبيلة " أيت حمو أوسعيد " ( تسطرين فما فوق في طريق امسمرير) والتي لعبت دورا مهما وتجلت قيمتها لدى الساكنة في فترة الاستعمار الفرنسي، خاصة تواجد القوات البرتغالية بالمنطقة التي تٌعرف محليا بفترة " بْرْتْقِّيزْ "، وكل هذه المناطق جبلية بامتياز. ثالثا، وفيما يخص وصف هذا " المؤرخ " لسكان هذه المنطقة باللصوصية وأنهم بدون أية قيمة ودهماء سفاكون ... فهذه في نضري أحكام " متطرفة " إذا ما قورنت بما جاء به في وصف ( مملكة فاس وإقليم تامسنا ) مثلا في ما قاله: " ... هو في الحقيقة زهرة هذه الناحية كلها ." ويكفي الرجوع إلى الإحالات التي تتضمنها هذه الصفحة (194) لنجد أن " المؤرخ " المذكور مشكوك أصلا فيما يقوله وخاصة فيما أورده عن " حاميم المتنبِّي ".
وكما يذكر إبراهيم القادري: فعوض أن يهتم المؤرخون القدامى بالفئات الشعبية بوصفها الطاقة المحركة للتاريخ وتطور المجتمع، آثروا حفاظا على مصالحهم .. الارتماء في أحضان أولياء نعمتهم ومن ثم أحجموا عن التعرض لأخبار المسحوقين من جماهير الفقراء والفلاحين والحرفين البسطاء والعوام والعاطلين وغيرهم من المستضعفين (5). وهذا شيء وارد لأن غالبية مؤرخي هذه الفترة كانوا مؤرخي بلاط يسعون إلى تضمين رغبة القصر بحوثهم وما ينشرونه من كتب. والحال أن " المؤرخ " يؤكد ذلك في قوله: (... قد كنت مضطرا إلى المرور بهذا الجبل للذهاب من مراكش إلى سجلماسة، امتثالا لما أمرت به ...) . أي أنه كان في مهمة خاصة، ولم يولي بحثه التاريخي إن صح التعبير اهتمام المؤرخ المتمرس والراغب في فهم سلوك هؤلاء. وهذا ما يرفضه التاريخ و الأنتروبولوجية الحديثة والتي تعتبر كل الثقافات وكل السلوكات ناتجة عن تطور أو نمو عبر التاريخ البشري المحكوم بالعلاقات التفاعلية وبالظروف الطبيعية التي تتواجد بها هذه الفئات. والغريب أنه لاحظهم لوحدهم ولم يذكر أناس آخرين، كأنّ دادس في تلك الفترة كانت مجرد غابة كما تروي لنا الأسطورة ! إذن هل نص الأسطورة صحيح كما تتداوله الرواية الشفوية ؟ أم كما أوّلناه نحن ؟
- الإحالات:
1- مظاهر الأسطورة، مرسيا إلياد. ترجمة: نهاد خياطة. دار كنعان للدراسات والنشر الطبعة الأولى 1991 . ص:9.
2 - نفس المرجع. ص:10.
3- مؤسسة الزوايا بالمغرب، محمد ضريف. منشورات المجلة المغربية لعلم الاجتماع السياسي. ص:9.
4- القبيلة، الإقطاع والمخزن، مقاربة سوسيولوجية للمجتمع المغربي الحديث 1844-1934، الهادي الهروي. أفريقيا الشرق.ص: 122.
5- الإسلام السري في المغرب العربي، إبراهيم القادري. سينا للنشر.ص: 203.
الأسطورة واقعة ثقافية بالغة التعقيد، يمكننا أن نباشرها ونفسرها في منظورات متعددة، يكمل بعضها بعضا (1).
ونعرف جميعا كباحثين عن الحقيقة إذ أحاول دائما تضمينها في مواضيعي؛ أن الأسطورة في النهاية هي دائما سرد لحكاية " خلق " أو إبداع وإنتاج شيء جديد أو كيف بدأ وجوده. أما أشخاص الأساطير فـ " كائنات عليا ". نعرفهم بما قد صنعوه في الأزمنة القوية، ذات التأثير الفعال، وهي أزمنة " البدايات ". فالأساطير تكشف، إذن، عن الفعالية لهذه الكائنات العليا، وتميط اللثام عن قدسية أعمالهم ( أو عن مجرد كونها أعمالا "خارقة"). باختصار تصف الأساطير مختلف أوجه تفجر القدسي ( أو "الخارق") في العالم (2). ولا أحد يجزم في النهاية بأن جل الأساطير المتداولة بقيت على حالها كما صيغت مند أول وهلة؛ فتناقلها بين الأجيال سبب رئيس على تلاشي مضمونها الأساس، أو التضخيم فيه لدرجة تصعب فيها تصديق ما أتت به. فعلينا حقيقة أن نضع الأسطورة في سياقها الاجتماعي- الديني- السياسي.. الأصلي. ونحن ندرس هذا المجتمع عبر التاريخ، أي أننا نبحث عن الحقيقة في آخر المطاف ولا نستهتر!
أما فيما يخص ما مدى إمكانية بروز طرف ثالث في النزاعات التي تنشب بين هذه القبائل ( إذا سلّمنا بأن ما فهمناه مما جاءت به الأسطورة صحيح )، فمن المعروف سلفا لدى مبحوثينا وبعض الباحثين بأن الولي مولاي باعمران شريف إدريسي، أي أنه أمير ابن أمير ( ولا ضرورة هنا بأن نذكر بقصة المولى إدريس الأول الذي - ربما - بايعته قبائل أوربة ) فانتساب هؤلاء إلى الدوحة النبوية حسب - زعم - الكثيرين، له دوره؛ ورصيده العلمي كفقيه وعالم وقاضي، حسب الرواية الشفوية له دوره من جهة أخرى كذلك. كما لعبت " الزوايا " دورا هاما في تاريخ المغرب ما بعد الخلدوني ورغم هاته الأهمية البالغة، لا تزال هاته المؤسسة لحد الآن، لم توضع في سياقها التاريخي الصحيح، بل أكثر من ذلك، لم تنجز أعمال نظرية متكاملة بصددها (3). فلقد لعبت الطريقة والزاوية دورا مهما في تدعيم آليات ضبط القبائل وإخماد صراعاتها والقيام بدور التحكيم في النزاعات والتوسط لفائدة المنهزمين (4).
إذن، فكيف نستبعد إمكانية تدخل الولي " مولاي باعمران " في فك نزاع أو خلاف ناشب بين قبيلتين أو أكثر في هذا المجال بعد ما ذكرناه ؟ هنا تماما قد جاء حديثنا عن إشكالية غياب الوثائق التي قد تفند ما طرحناه هنا أو حتى ترفضه وتنفيه ( كما أن غيابها في الفترة الراهنة لا يجب أن يمنعنا من البحث أو التنقيب عن الحقيقة ). أي أننا في النهاية نبحث عن الحقيقة ولا ندعي أننا نقولها أو توصلنا إليها.
ولنا الآن أن نطرح سؤالا مهما: هل كانت الزاوية مع استقرار الولي بدادس أم بنيت بعد وفاته ؟
أما بالنسبة لما جاء به محمد الوزان الفاسي في كتابه، فهو أولا وقبل كل شيء تأريخ من طرف واحد؛ وثانيا، فهو يتحدث عن جبل وليس عن سهل ( مكان تواجد زاوية مولاي باعمران ) والحال أن هذه الكهوف التي أشار إليها فيما قاله عن جبل دادس لا توجد في منطقة تواجد الزاوية كما زعمتم في ردكم - وتكفي زيارة ميدانية للمجال الجغرافي الذي لا أعتقد أن أحدا يعرف مكة وشعابها غير أهلها - بل إزاء " جبل أيت امحمد " بين بومالن باتجاه تنغير وبالتحديد حدود " إميضر ". وقد يقصد بها كذلك الكهوف التي تتواجد في قبيلة " أيت حمو أوسعيد " ( تسطرين فما فوق في طريق امسمرير) والتي لعبت دورا مهما وتجلت قيمتها لدى الساكنة في فترة الاستعمار الفرنسي، خاصة تواجد القوات البرتغالية بالمنطقة التي تٌعرف محليا بفترة " بْرْتْقِّيزْ "، وكل هذه المناطق جبلية بامتياز. ثالثا، وفيما يخص وصف هذا " المؤرخ " لسكان هذه المنطقة باللصوصية وأنهم بدون أية قيمة ودهماء سفاكون ... فهذه في نضري أحكام " متطرفة " إذا ما قورنت بما جاء به في وصف ( مملكة فاس وإقليم تامسنا ) مثلا في ما قاله: " ... هو في الحقيقة زهرة هذه الناحية كلها ." ويكفي الرجوع إلى الإحالات التي تتضمنها هذه الصفحة (194) لنجد أن " المؤرخ " المذكور مشكوك أصلا فيما يقوله وخاصة فيما أورده عن " حاميم المتنبِّي ".
وكما يذكر إبراهيم القادري: فعوض أن يهتم المؤرخون القدامى بالفئات الشعبية بوصفها الطاقة المحركة للتاريخ وتطور المجتمع، آثروا حفاظا على مصالحهم .. الارتماء في أحضان أولياء نعمتهم ومن ثم أحجموا عن التعرض لأخبار المسحوقين من جماهير الفقراء والفلاحين والحرفين البسطاء والعوام والعاطلين وغيرهم من المستضعفين (5). وهذا شيء وارد لأن غالبية مؤرخي هذه الفترة كانوا مؤرخي بلاط يسعون إلى تضمين رغبة القصر بحوثهم وما ينشرونه من كتب. والحال أن " المؤرخ " يؤكد ذلك في قوله: (... قد كنت مضطرا إلى المرور بهذا الجبل للذهاب من مراكش إلى سجلماسة، امتثالا لما أمرت به ...) . أي أنه كان في مهمة خاصة، ولم يولي بحثه التاريخي إن صح التعبير اهتمام المؤرخ المتمرس والراغب في فهم سلوك هؤلاء. وهذا ما يرفضه التاريخ و الأنتروبولوجية الحديثة والتي تعتبر كل الثقافات وكل السلوكات ناتجة عن تطور أو نمو عبر التاريخ البشري المحكوم بالعلاقات التفاعلية وبالظروف الطبيعية التي تتواجد بها هذه الفئات. والغريب أنه لاحظهم لوحدهم ولم يذكر أناس آخرين، كأنّ دادس في تلك الفترة كانت مجرد غابة كما تروي لنا الأسطورة ! إذن هل نص الأسطورة صحيح كما تتداوله الرواية الشفوية ؟ أم كما أوّلناه نحن ؟
( كلامنا هذا رأي .. فمن كان عنده خير منه فليأت به .. ) " أبو حنيفة النعمان ".
( رأيي صواب يحتمل الخطأ.. ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب.. ) " الإمام الشافعي ".
( رأيي صواب يحتمل الخطأ.. ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب.. ) " الإمام الشافعي ".
- الإحالات:
1- مظاهر الأسطورة، مرسيا إلياد. ترجمة: نهاد خياطة. دار كنعان للدراسات والنشر الطبعة الأولى 1991 . ص:9.
2 - نفس المرجع. ص:10.
3- مؤسسة الزوايا بالمغرب، محمد ضريف. منشورات المجلة المغربية لعلم الاجتماع السياسي. ص:9.
4- القبيلة، الإقطاع والمخزن، مقاربة سوسيولوجية للمجتمع المغربي الحديث 1844-1934، الهادي الهروي. أفريقيا الشرق.ص: 122.
5- الإسلام السري في المغرب العربي، إبراهيم القادري. سينا للنشر.ص: 203.
محمد العمراني- المتطوع المساعد
-
عدد الرسائل : 737
تاريخ الميلاد : 16/04/1988
العمر : 36
الدولة : المغرب
المهنة : طالب ، مؤطر تربوي ، تقني إعلاميات
المدينة : قلعة أمكونة
الدولة :
احترام قوانين المنتدى :
رد: مولاي باعمران، أسطورة الأسد والكلاب. محاولة للفهم
شكرا على الموضوع
wawelio- شكر و تقدير
-
عدد الرسائل : 3
تاريخ الميلاد : 12/11/1991
العمر : 33
الدولة : في كل مكان
المدينة : هنا
الدولة :
احترام قوانين المنتدى :
رد: مولاي باعمران، أسطورة الأسد والكلاب. محاولة للفهم
هل هنالك مقاربة جديدة أو فهم آخر للأسطورة ؟
محمد العمراني- المتطوع المساعد
-
عدد الرسائل : 737
تاريخ الميلاد : 16/04/1988
العمر : 36
الدولة : المغرب
المهنة : طالب ، مؤطر تربوي ، تقني إعلاميات
المدينة : قلعة أمكونة
الدولة :
احترام قوانين المنتدى :
رد: مولاي باعمران، أسطورة الأسد والكلاب. محاولة للفهم
شكرا أخي محمد العمراني على هذا الموضوع الشيق الذي لطالما تثيره في هذا المنتدى ، فعلا فما أنت بصدد سرده لنا ما هو الا أسطورة تداولتها الاجيال وكل يبصم بصمته ويزخرفها بأكاذيبه التي نحن الان نغلفها بغلاف الاسطورة حتى لا نكون أمام الحقيقة المرة ، عهد المعجزات قد ولى وكفانا جلدا للذات ودعونا من أساطير قد ولت ولنحاول معالجة مخلفات تلك الاساطير من شعوذة وما الى ذلك من خرافات قد تأصلت فينا وأصبح الهروب منها نوعا من المستحيلات.
أتمنى أخي أن تبحث عن حلول لتوعية الساكنة بخطورة ما يقومون به في الولي الصالح مولاي باعمران وأتمنى أن يحترم ذلك الضريح أحسن احترام .
وتقبل مني فائق عبارات الاحترام وأعتذر إن بدا مني شيء فأنا هنا للمناقشة وليس للاساءة الى أشخاص أو مجموعات ، تحية خالصة.
أتمنى أخي أن تبحث عن حلول لتوعية الساكنة بخطورة ما يقومون به في الولي الصالح مولاي باعمران وأتمنى أن يحترم ذلك الضريح أحسن احترام .
وتقبل مني فائق عبارات الاحترام وأعتذر إن بدا مني شيء فأنا هنا للمناقشة وليس للاساءة الى أشخاص أو مجموعات ، تحية خالصة.
أسير الصمت- شكر و تقدير
-
عدد الرسائل : 11
تاريخ الميلاد : 20/03/1987
العمر : 37
الدولة : maroc
المدينة : غرفة الاموات
احترام قوانين المنتدى :
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى