أخرجوهم من دادس !
صفحة 1 من اصل 1
أخرجوهم من دادس !
أخرجوهم من دادس !
بقلم: محمد العمراني
بقلم: محمد العمراني
إن " العالم " أي المجتمع الذي ضده يتكون القبول، المؤسس للإجماع، هو حاضر في كل مكان كمصدر تهديد. وبالتالي فإن الجماعات الإرادية تؤكد بوجه هذا التهديد خصوصياتها " وشخصيتها " وقدرتها على التأثير على العالم الخارجي تعني نجاحها في إعطائه شرعيته. وهنا يأتي الرفض المتنامي لفكرة تواجد طرف آخر يعتبره البعض بالدخيل على عالمهم الخاص، بيد أنه مكون لا يتجزأ من هذا البناء الواسع. هنا يقع البعض ضحية الرابطة الباطنية وهي حلقة محصورة ومغلقة إلى الحد الأقصى ( بالمعنى الفيبيري ) وبكونها منطوية على ذاتها فهي على المستوى الاجتماعي غالبا ما تكون متغايرة وخصوصا أنها لا تعرف إلا صيغا لفظية للاتصال. وكل الأنشطة الحاصلة داخلها هي اتصالية. والقبول هو الحكم المسبق القبلي لهذه الأنشطة وليس نتيجتها. لذلك فإن التراجع المتأخر الرافض لهذا القبول السابق هو نتيجة حتمية واضحة وجلية أمام الأنظار، تكاد تتوارثها الأجيال دون أي علم بإرهاصاتها، أسبابها، وما الأصل الذي أوجدها في هذا العالم.
لهذا السبب فإن الرابطة تنغلق ( بالمعنى الفيبيري )، وهي تتطور كميا وتنتج اتجاهات بيروقراطية بمجرد أن تستقر بشكل دائم. إنها جماعة أو طائفة تخاطر في تحويل نفسها إلى ظاهرة بيروقراطية بسبب عدد أعضائها المتنامي وبسبب ديمومتها المديدة. رافضة بذلك الاعتراف بكل الجماعات الأخرى . إن " ريكور " بتمايزه هذا يلاحظ أن ( الاعتراف بشيء ما على أنه عين ذاته وعلى أنه متماهي مع ذاته وليس على أنه آخر غير ذاته، يستتبع تمييزه عن كل شيء آخر) أي ما يطلق عليه " كانط " : ( رباط لا يفكر فيه على أنه رباط اجتماعي ). وتعود الفأس ضاربة صاحبها حينما يوجهها نحو الأعلى.
بهذه الطريقة طور " هابرماس " مثالا- نموذجا لعملية تكوين الرباط الاجتماعي عبر المجال العام البرجوازي الذي يمهد لتكوين المجتمع البرجوازي الليبرالي تحت شكل جمهورية ديمقراطية تضمن مساواة معينة بين اللاعبين البرجوازيين. وإن هذا التكوين يتم علنا على قاعدة خطاب صراعي ومعقول، خطاب سيطرة وإقصاء.
لحد الساعة فكل ذلك لازال تصورا مقترحا لما قد تصل إليه الأوضاع، وإلا فالذاكرة الفردية والإدراك الأول لدى العالم سيبقى كما هو، باختلافه ووحدته في آن واحد. والشاهد هذه الذاكرة الحية التي تزخر بها المنطقة عن مفخرة لازالت لحد الساعة، لم تكن هي الأصل بل المحرك الأساس لهذا التواجد البشري بالمنطقة. هنا نجد " آلان " يتحدث عن الحق: " إن الحق لا يتحقق باعتباره قيمة أخلاقية وقانونية إلا داخل المساواة. إن المساواة هي ذلك الفعل الذي نعامل به الناس بشكل متساو في جميع مجالات الحياة، بغض النظر عن تفاوتهم أو اختلافهم في السن أو الجنس أو غيرهما... فالحق هو المساواة، والعدالة هي القوانين التي يتساوى أمامها الناس ".
ولا يأتي هذا التشبث بالأصل إلا بعد رفض البعض لهذه المساواة فتأتي على حساب بقية الناس، ليكون رفضهم هذا منبع اغترار الآخر واستمراره في تأكيد قيمة هذا الأصل - الذي هو كذلك ولا يحتاج لأي تأكيد - وإن أول ما يفعله الخصم داخل ساحة العراك هو التشبيه والتشويه بالعدو، رفضه لا لكونه مختلفا عنه بل لكونه عدو أو صورة عن العدو في تصور هؤلاء المحاربين. هنا سأعيدكم إلى نص سابق أدرجت فيه مقولة لـ " هوبز" نظر إلى ما نحن في صدد نقاشه فيما يخص هؤلاء، على أنه أنانيه نفعيه ويجب أن تقمع وتراقب عن طريق الجماعة حتى يستطيع الناس العيش في سلام.
فإذا كان هؤلاء يتعلمون بصورة عامة الكثير من أنماطهم السلوكية عن طريق مشاهدتها عند غيرهم وتسجيلها في عقولهم على شكل أحداث حسية أو استجابات رمزية يستخدمونها إما في تقليد السلوك كما لاحظوه، أو في الحصول على المعلومات التي تمكنهم من إتيانه في مواقف أخرى، كما كتب كمال إبراهيم مرسي سنة 1985. فهذا مجرد اجترار لما يقوله البعض، والإنكار الحقيقي للواقع مجرد كذب وافتراء عليه. ولعل الدارس لا ولن يجد أي اختلاف كامن بين هذه الجماعات حين دراسته لها، إلا في شيء تتصف به هذه الجماعة المركزية الداعية للاشمئزاز لدى البعض، وهو الحق في تصور " آلان " .
محمد العمراني- المتطوع المساعد
-
عدد الرسائل : 737
تاريخ الميلاد : 16/04/1988
العمر : 36
الدولة : المغرب
المهنة : طالب ، مؤطر تربوي ، تقني إعلاميات
المدينة : قلعة أمكونة
الدولة :
احترام قوانين المنتدى :
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى