التعصب للرأي أو المعتقد أو الاتجاه السياسي أو الأدبي أو ...!
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
التعصب للرأي أو المعتقد أو الاتجاه السياسي أو الأدبي أو ...!
إن من صفات الأشخاص الذين يتميزون بالتعصب للرأي أو المعتقد أو الاتجاه السياسي أو الأدبي أو العشائري - القبلي، هي استجابتهم العنيفة تجاه المواقف الحياتية التي لا تتفق مع طروحاتهم أو آرائهم، وليس من شك في أن الإنسان منذ أول الخليقة، وجد ليتفاعل مع أبناء جنسه، وسعى لإقامة المجتمعات من خلال جوهر وجوده الإنساني، فقد خصّه الله بجملة خصال منها ما في مشكلات نفسية – اجتماعية معاصرة قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ)(الحجرات: 13).وقوله أيضا: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)(النحل: 125).لقد كانت لغة الحوار هي السبيل إلى التواصل في الوجود الإنساني مع الآخر حتى وإن كان يحمل رأياً مناقضاً أو فكراً معارضاً، أو مذهباً يبتعد في تكوينه عن الآخرين، فطالماً أن الإنسان هو من خلق الله، فإن اكتسابه لتلك القيم أو المعتقدات جاءت وفقاً لتكوين المجتمعات وامتدادها على وجه الأرض، وباتت العلوم المختلفة في مناهجها كفيلة بتعديل هذا التكوين الفكري، وصارت الدعوات الإسلامية المتعددة ملزمة بتنوير هذه العقول لإعادتها إلى الرشد.. والمناهج العلمية جميعاً مهما اختلفت وتعددت وتباينت صورها ومجالاتها، لا تعدو أن تكون في النهاية استقراءً لوقائع حدثت وتنبؤات بوقائع سوف تحدث، ولا تعني وحدة الخط العام الذي يتخذه الإنسان في سبيل وصوله إلى المعرفة واستفادته منها، إهداراً للتمايز بين مختلف العلوم، فالعلوم تختلف من حيث مجالات تلك المعرفة المتخصصة التي تستهدفها لدراسة الجماعات أو الظواهر الصادرة من الجماعات، لا سيما أن مهمة علم النفس هي محاولة الوصول إلى القوانين العامة التي تحكم سلوك الأفراد بهدف التنبؤ بمستقبل أو بمسار ذلك السلوك(12).ولما كانت العلوم الاجتماعية والنفسية تعنى بدراسة الإنسان في اكتسابه للمعارف والعلوم والقوانين والشرائع ومعرفة تاريخ المجتمعات، فهي أيضا تعنى بدراسة الظواهر التي عدت ضارة أكثر مما هي نافعة كظاهرة التعصب أو التطرف أو التشدد أو الغلو أو مظاهر السلوك العدواني وانعكاسه على المجتمع وموجات العنف في حل مشكلات الحياة ودراسة الأزمات النفسية والاجتماعية والسياسية، وربما أدى ذلك في بعض الأحيان إلى الفشل في وضع حلول لتلك الأزمات أو المشكلات أو الظواهر، مما أدى إلى ارتدادها نحو الذات وسببت فناء النفس، وهلاكها.إن التعصب، هو استبداد بالرأي، ورفض للرأي الآخر، وبما أن الرفض هو عدم الاعتراف بحق الآخر بالوجود ، وبرأيه ، فالتعصب دكتاتورية واضحة، والدكتاتورية تتصف بالتسلط وتتصف مشكلات نفسية – اجتماعية معاصرة التسلطية بالعدوان، فمعظم الأشخاص الذين يتصفون بالسلوك التسلطي، كانوا في طفولتهم خائفين من والديهم، وغاضبين منهم وعلى ذلك يفترض أنهم يظلون غير آمنين ويتمسكون بالعدوان ككبار، وقد أثبت (أدورنو) بالدليل العلمي العملي أن الاتجاه التسلطي يرتبط بالتعصب(13).إننا إزاء ظاهرة ترفضها المجتمعات، وينفر منها الأفراد، وضعناها على طاولة التشريح السيكولوجي (النفسي) والاجتماعي، بمدارسه المتعددة واتجاهاته المختلفة، ولكن يظل التساؤل المهم.. هو:إن الأديان هي من أقدم المؤسسات الفكرية الاجتماعية عبر التاريخ الإنساني على الكرة الأرضية، وهي التي دعت أتباعها إلى التمسك بقيمها وتعاليمها ومناهجها.فإلى أي مدى تكون المرونة أساساً للتعايش بين المجتمعات المختلفة؟، لاسيما أن الدين الإسلامي، هو دين العقلانية والبحث والاقتناع بالحقيقة، وهو دين يدعو إلى المعرفة والحقيقة منذ فجره الأول، ودعا أيضا إلى الحوار والانفتاح(14)، وهو دين للعالم جميعاً لا يختص بفئة منعزلة متعصبة(15)، وقول الرسول العظيم (ص): (من تعصب أو تُعصب له فقد خلع ربقة الإيمان من عنقه) . وقوله أيضا (ص): (ليس منا من دعا إلى عصبية، وليس منا من قاتل على عصبية وليس منا من مات على عصبية)(16).فالدين الإسلامي يدعو الإنسان المسلم إلى الاعتدال، وهو صوت داخلي يوجه سلوك الفرد، كذلك الرسالات السماوية كلها لها هدف واحد: هو إصلاح النفس البشرية التي بصلاحها يتحقق تهذيب السلوك الإنساني(17)، ولكن يبقى التدين الوسواسي والتعصب للعقيدة هو رد فعل لميول عنيفة نحو التمرد على سلطان الدين، وبصفة عامة على السلطان أياً كان نوعه(18).وخلاصة القول أن كافة أشكال التعصب أو التطرف تتوقف أساساً على استعداد الفرد أو الجماعة لقبول هذه الظاهرة أو المفهوم أو السلوك الذي يقترن مع نجاحه في حل المشكلة الاجتماعية وبالتالي تتشكل وتبرز أساليب للتعامل مع قضايا الحياة المتعددة، ويكون الخطأ حينها صحيحاً، ويسير عليه الناس...
عبدالله سدراتي- نائب المدير
-
عدد الرسائل : 376
تاريخ الميلاد : 29/03/1965
العمر : 59
الدولة : المغرب.
المهنة : التدبير.
المدينة : قلعة الورود.
الأوسمة :
الدولة :
احترام قوانين المنتدى :
رد: التعصب للرأي أو المعتقد أو الاتجاه السياسي أو الأدبي أو ...!
قلمك مشاءالله عليه وتبارك الله عليك ....كنقرا كل مواضعك وكنتمني متكملش ابداااااااااااااااا لك كل تحياتي الحارة
itri saghro- مستشار اداري
-
عدد الرسائل : 949
تاريخ الميلاد : 24/02/1979
العمر : 45
الدولة : ايت سدرات
المدينة : تملالت
الأوسمة :
احترام قوانين المنتدى :
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى