عندما تضيع حقوق المواطن تحت سياط التعنيف!!!
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
عندما تضيع حقوق المواطن تحت سياط التعنيف!!!
مما لا شك فيه أن المواطن المغربي لا يزال يعاني و يعيش على مخلفات من بقايا عهد بائـد ومن تبعات ماض أسود انطبع بسياسة القبضة الحديدية من تهديد وترهيب وتعنيف كلما أبدى أدنى محاولة لانتزاع أبسط حقوقه الإنسانية والوطنية في كل مناحي الحياة...
فماعليك للتأكد من حقيقة هذا الوضع المؤلم سوى القيام بجولة متأنية في ربوع الوطن لترى سيلا من الناس البسطاء،فيهم الشيخ الفاني والمرأة الحامل والصبي الذي يتعالى صراخه،يقفون أمام بوابة المستشفيات العمومية في طوابير بغرض إجراء فحوصات طبية أو زيارة الطبيب أو عيادة مريض،وقد تجشم معظمهم مشقة السفر من مناطق نائية..تراهم يتعرضون لشتى أنواع الزجر وسوء المعاملة من جانب المسؤولين بدون مراعاة لأحوالهم المادية المزرية وأوضاعهم الصحية الخطيرة،لتزداد حالتهم سوءا ومرضهم مرضا،كما لو أنهم جاءوا للتسول وطلب الصدقات؛وما كان ينبغي أن تطأ هذا المكان لهم قدم لو كانت وضعيتهم ومستواهم المعيشي يسمحان بارتياد المصحات الخاصة..
وفي مقرات الدرك والشرطة ومصالح الأمن عامة،تواجهك النظرات الحادة والوجوه العابسة والأنياب المكشرة والألسنة السليطة والعضلات المفتولة،كما لوأنك بداخل معقل سري..
وأنت إنما جئت – بعد أن حسبت لمجيئك ألف حساب – لطلب وثيقة أو تقديم شكاية؛وقد يستعصي عليك قضاء مآربك لأمر ما فتحاول اللجوء إلى أسلوب المنطق والحكمة،غير انك تواجه بالعجرفة والاستعلاء،فإذا أنت على حين غرة تتحول بقدرة قادر من مشتك إلى مشتكى به وإذا وثيقتك رهن الاعتقال حتى إشعار آخر إن كان ثمة إشعار.وفي نهاية المطاف يستبد بك الإحباط واليأس لتتنازل عن حق من حقوقك وقاية لك من الجرجرة وصداع الأعصاب ومن "الرهاب المخزني" أينما حللت وارتحلت !
ولا يمكن أن نغفل هنا الإشارة إلى تلك الأجهزة الأمنية الأخرى المتخصصة في قمع التظاهرات،والضالعة في إتقان أساليب الركل والرفس والدحرجة بطريقة همجية إلى حد يختلط فيه الحابل بالنابل فلا يكاد ينجو من وقع سياطها عابر سبيل وكل من رمت به المقادير في هذه المعمعة ولم يكن له فيها ناقة أو بعير..لا لشيء إلا لأن العاطلين يطالبون بحقهم في الشغل،والعاملين يطالبون بحقهم في تحسين مستواهم المعيشي،والطلبة يطالبون بإصلاح الأوضاع المتردية للمؤسسات والمناهج التعليمية بالقياس إلى البلدان الديموقراطية..
ومما يحز في النفس والحالة هذه أن ترى الهراوات تنهال على رؤوس الدكاترة أمام الملإ وكأني بضاربيهم يهمسون في آذانهم هازئين:"هذا ما جنيتموه على أنفسكم..ألستم الطالبين للعلم من المهد إلى اللحد؟؟ فلتذوقوا عاقبة سعيكم..إن هذا ليوم اللحد !!"
وإذا ما قدر لك أن تلج أبواب المحاكم من أجل دفع مظلمة أو استرداد حق ضائع أو رد الاعتبار لكرامتك الممرغة في التراب،أو جئت تطالب بتنفيذ حكم طال أمده لسنوات بعد أن كنت فيه ضحية نصب أو احتيال أو اعتداء من طرف ذوي نفوذ أوقرابة أو مال وجاه،جابهوك بالتهديد والوعد والوعيد؛وإذا أنت تماديت في رفضك وأبيت إلا إحقاق الحق،تدخلت الأيدي الخفية في الظلام للتلاعب والعبث بملف قضيتك المعروضة على أنظار "القانون" لتعمد إلى طيه وإقباره أبد الآبدين !
أما إن كنت مغلوبا على أمرك وكنت أنت الجاني المعتدي،فإن الوضعية ستنقلب حتما إلى نقيضها ليتم في هذه الحالة الاحتكام إلى القانون– الذي وضع أصلا لحماية المتسلطين- بغية الزج بك في ما لا تحمد عقباه،وفي أسرع وقت ممكن ..
وقس على ذلك في باقي المقرات والمؤسسات والمصالح وكل مرافق الدولة التي يتعامل معها المواطن بين حين وأخر أو بشكل دائم،والتي تضيع فيها حقوقه تحت سياط الترهيب والتعنيف.وإذا كان من حظه أن ينتزع حقا من حقوقه من أيدي المسؤولين،منوا عليه بما أسدوه له من خدمة وحسبوا صنيعهم هذا فضلا وإحسانا كما لو انه جاء يستجديهم ويسألهم عطاء،وهم في ذلك يتناسون أنه شتان بين المنة والواجب ! ويتجاهلون أن لهم أجرة شهرية يتقاضونها،هي حصيلة من ضرائب يدفعها هذا المواطن ذاته من عرق جبينه..
ونحن هنا،لا ننحي باللائمة على صغارالموظفين الذين هم بدورهم ضحايا سياسة التسلط والتعنيف والقهر بقدر ما ننحي بها على الكبار ممن بيدهم مقاليد الأمور.
ومع ذلك،فيبدو من العسير جدا تعميم هذه الممارسات البدائية على كل مسؤول أو مسؤولة في هذا البلد..فمن المؤكد أن ثمة ثلة من ذوي النيات الحسنة والضمائر الحية يعملون في صمت جاهدين تلبية لنداء الواجب..غير أنهم،مما يؤسف له،غرباء في هذا الزمن المقيت وقلة قليلة..فطوبى لكم أيها الغرباء !!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* نشر لنا هذا المقال بجريدة المساء بتاريخ:26/02/2008 العدد:447 ص:16
فماعليك للتأكد من حقيقة هذا الوضع المؤلم سوى القيام بجولة متأنية في ربوع الوطن لترى سيلا من الناس البسطاء،فيهم الشيخ الفاني والمرأة الحامل والصبي الذي يتعالى صراخه،يقفون أمام بوابة المستشفيات العمومية في طوابير بغرض إجراء فحوصات طبية أو زيارة الطبيب أو عيادة مريض،وقد تجشم معظمهم مشقة السفر من مناطق نائية..تراهم يتعرضون لشتى أنواع الزجر وسوء المعاملة من جانب المسؤولين بدون مراعاة لأحوالهم المادية المزرية وأوضاعهم الصحية الخطيرة،لتزداد حالتهم سوءا ومرضهم مرضا،كما لو أنهم جاءوا للتسول وطلب الصدقات؛وما كان ينبغي أن تطأ هذا المكان لهم قدم لو كانت وضعيتهم ومستواهم المعيشي يسمحان بارتياد المصحات الخاصة..
وفي مقرات الدرك والشرطة ومصالح الأمن عامة،تواجهك النظرات الحادة والوجوه العابسة والأنياب المكشرة والألسنة السليطة والعضلات المفتولة،كما لوأنك بداخل معقل سري..
وأنت إنما جئت – بعد أن حسبت لمجيئك ألف حساب – لطلب وثيقة أو تقديم شكاية؛وقد يستعصي عليك قضاء مآربك لأمر ما فتحاول اللجوء إلى أسلوب المنطق والحكمة،غير انك تواجه بالعجرفة والاستعلاء،فإذا أنت على حين غرة تتحول بقدرة قادر من مشتك إلى مشتكى به وإذا وثيقتك رهن الاعتقال حتى إشعار آخر إن كان ثمة إشعار.وفي نهاية المطاف يستبد بك الإحباط واليأس لتتنازل عن حق من حقوقك وقاية لك من الجرجرة وصداع الأعصاب ومن "الرهاب المخزني" أينما حللت وارتحلت !
ولا يمكن أن نغفل هنا الإشارة إلى تلك الأجهزة الأمنية الأخرى المتخصصة في قمع التظاهرات،والضالعة في إتقان أساليب الركل والرفس والدحرجة بطريقة همجية إلى حد يختلط فيه الحابل بالنابل فلا يكاد ينجو من وقع سياطها عابر سبيل وكل من رمت به المقادير في هذه المعمعة ولم يكن له فيها ناقة أو بعير..لا لشيء إلا لأن العاطلين يطالبون بحقهم في الشغل،والعاملين يطالبون بحقهم في تحسين مستواهم المعيشي،والطلبة يطالبون بإصلاح الأوضاع المتردية للمؤسسات والمناهج التعليمية بالقياس إلى البلدان الديموقراطية..
ومما يحز في النفس والحالة هذه أن ترى الهراوات تنهال على رؤوس الدكاترة أمام الملإ وكأني بضاربيهم يهمسون في آذانهم هازئين:"هذا ما جنيتموه على أنفسكم..ألستم الطالبين للعلم من المهد إلى اللحد؟؟ فلتذوقوا عاقبة سعيكم..إن هذا ليوم اللحد !!"
وإذا ما قدر لك أن تلج أبواب المحاكم من أجل دفع مظلمة أو استرداد حق ضائع أو رد الاعتبار لكرامتك الممرغة في التراب،أو جئت تطالب بتنفيذ حكم طال أمده لسنوات بعد أن كنت فيه ضحية نصب أو احتيال أو اعتداء من طرف ذوي نفوذ أوقرابة أو مال وجاه،جابهوك بالتهديد والوعد والوعيد؛وإذا أنت تماديت في رفضك وأبيت إلا إحقاق الحق،تدخلت الأيدي الخفية في الظلام للتلاعب والعبث بملف قضيتك المعروضة على أنظار "القانون" لتعمد إلى طيه وإقباره أبد الآبدين !
أما إن كنت مغلوبا على أمرك وكنت أنت الجاني المعتدي،فإن الوضعية ستنقلب حتما إلى نقيضها ليتم في هذه الحالة الاحتكام إلى القانون– الذي وضع أصلا لحماية المتسلطين- بغية الزج بك في ما لا تحمد عقباه،وفي أسرع وقت ممكن ..
وقس على ذلك في باقي المقرات والمؤسسات والمصالح وكل مرافق الدولة التي يتعامل معها المواطن بين حين وأخر أو بشكل دائم،والتي تضيع فيها حقوقه تحت سياط الترهيب والتعنيف.وإذا كان من حظه أن ينتزع حقا من حقوقه من أيدي المسؤولين،منوا عليه بما أسدوه له من خدمة وحسبوا صنيعهم هذا فضلا وإحسانا كما لو انه جاء يستجديهم ويسألهم عطاء،وهم في ذلك يتناسون أنه شتان بين المنة والواجب ! ويتجاهلون أن لهم أجرة شهرية يتقاضونها،هي حصيلة من ضرائب يدفعها هذا المواطن ذاته من عرق جبينه..
ونحن هنا،لا ننحي باللائمة على صغارالموظفين الذين هم بدورهم ضحايا سياسة التسلط والتعنيف والقهر بقدر ما ننحي بها على الكبار ممن بيدهم مقاليد الأمور.
ومع ذلك،فيبدو من العسير جدا تعميم هذه الممارسات البدائية على كل مسؤول أو مسؤولة في هذا البلد..فمن المؤكد أن ثمة ثلة من ذوي النيات الحسنة والضمائر الحية يعملون في صمت جاهدين تلبية لنداء الواجب..غير أنهم،مما يؤسف له،غرباء في هذا الزمن المقيت وقلة قليلة..فطوبى لكم أيها الغرباء !!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* نشر لنا هذا المقال بجريدة المساء بتاريخ:26/02/2008 العدد:447 ص:16
صالح اهضير- شكر و تقدير
-
عدد الرسائل : 8
تاريخ الميلاد : 01/01/1955
العمر : 69
الدولة : المغرب
المدينة : بني ملال
احترام قوانين المنتدى :
رد: عندما تضيع حقوق المواطن تحت سياط التعنيف!!!
موضوع ممتاز
و نشره من طرف جريدة المساء يؤكد امتيازه
و نشره من طرف جريدة المساء يؤكد امتيازه
نور العين- عضوة إدارية
-
عدد الرسائل : 1354
تاريخ الميلاد : 23/01/1994
العمر : 30
الدولة : المغرب
المهنة : student
المدينة : مراكش
الأوسمة :
الدولة :
رد: عندما تضيع حقوق المواطن تحت سياط التعنيف!!!
chokran 3lalmawdou3
houria200- شكر و تقدير
-
عدد الرسائل : 1189
تاريخ الميلاد : 03/11/1992
العمر : 32
الدولة : maroc
المدينة : tinghir
رد: عندما تضيع حقوق المواطن تحت سياط التعنيف!!!
إلى نور العين وحورية 200..انطباعكما حول المقال يذكي من هممنا..عواشر مبروكة..
صالح اهضير- شكر و تقدير
-
عدد الرسائل : 8
تاريخ الميلاد : 01/01/1955
العمر : 69
الدولة : المغرب
المدينة : بني ملال
احترام قوانين المنتدى :
رد: عندما تضيع حقوق المواطن تحت سياط التعنيف!!!
شكرا لك أخي صالح على الموضوع. في الحقيقة تأثرت كثيرا بالجملة الأخيرة : " غير أنهم، مما يؤسف له، غرباء في هذا الزمن المقيت وقلة قليلة..فطوبى لكم أيها الغرباء !! "
مع أزكى السلام.
العمراني عبد العزيز- الوسام البرونزي
-
عدد الرسائل : 307
تاريخ الميلاد : 19/08/1982
العمر : 42
الدولة : المغرب
المدينة : مدينة الورود
رقم عضويه : 879
الأوسمة :
الدولة :
احترام قوانين المنتدى :
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى