كيف ندرس اللغة الأمازيغية في المؤسسات التربوية المغربية ؟
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
كيف ندرس اللغة الأمازيغية في المؤسسات التربوية المغربية ؟
هذا نص بحث لأستاذ جميل الحمداوي
نقلته للتطلعوا على كيفية إقتراحه لمناهج كفيلة بتدريس الأمازيغية
أتمنى أن يعجبكم البحث
تمهيــــد
من المعلوم أن اللغة الأمازيغية لغة قديمة بقدم حضارتها، وهي كذلك من الأبجديات الأصلية
الضاربة في جذور التاريخ، و التي تفرعت عنها لغات عدة منها: اللغة البونيقية واللغة الطوارقية، واللغة الليبية. وتأثرت بها اللغة الفينيقية، واللغة الكنعانية، واللغة القرطاجنية، علاوة على اللغة اليونانية واللغة المصرية القديمة واللغة اللاتينية.
وتنتمي اللغة الأمازيغية إلى الفصيلة السامية الحامية إلى جانب المصرية والكوشيتية. وتعتمد هذه اللغة على خط تيفيناغ الذي يعود في امتداده إلى 3000 قبل الميلاد. وتتربع اللغة الأمازيغية على رقعة كبيرة في شمال أفريقيا تمتد من الحدود المصرية الليبية شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا، ومن همبوري بنجيريا جنوبا إلى البحر الأبيض المتوسط شمالا. ويسمى السكان الذين يتحدثون الأمازيغية بالأمازيغيين أو البرابرة، وتسمى منطقتهم تامازغا.
وتعني كلمة الأمازيغي الإنسان الحر، بينما كلمة البربر بمثابة نعت أطلقه اليونانيون والرومان على الأمازيغيين الأفارقة باعتبارهم أجانب لايتقنون لغة هؤلاء الأسياد، ولا هؤلاء يفهمون لغة الأمازيغيين وكلامهم.
1- واقع اللغة الأمازيغية بالمدرسة المغربية:
من المعروف أن الأمازيغية كانت تدرس في المغرب إبان مرحلة الحماية ، والظهير البربري لسنة 1930م ، على الرغم من حمولاته العنصرية والاستعمارية ، مؤشر دال على اهتمام المستعمر بضرورة تدريس الأمازيغية في المغرب ليسهل التواصل مع أفراد المجتمع الأمازيغي الذي كان مشتتا في جبال الريف وجبال الأطلس المتوسط والأطلس الصغير والأطلس الكبير. ويحيل هذا على أن اللغة الأمازيغية كانت منتشرة في الجبال، بينما العربية في المقابل كانت لغة سائرة في السهول. ويعني هذا أن الأمازيغيين طوال تاريخهم كانوا مقاومين أشداء وأناسا مضطهدين يلتجئون إلى الجبال للاحتماء من المستعمر الدخيل.
وبعد كثرة الاحتجاجات الحزبية والجمعوية الأمازيغية في العقود الأخيرة من القرن العشرين التي كانت تنادي بإدماج الأمازيغية في المنظومة التعليمية، ارتأى الملك الحسن الثاني أن يستجيب لمطالب الشعب المغربي، فأعلن اعترافه الصادق بأهمية اللغة الأمازيغية وضرورة تدرسيها في المدرسة المغربية باعتبارها مكونا حقيقيا وجوهريا للهوية والحضارة المغربية وذلك في خطاب 20 غشت 1994م.
وبعد ذلك ، سيعترف المغرب رسميا بتدريس الأمازيغية مع الخطاب الملكي السامي الذي قدمه العاهل المغربي محمد السادس بأجدير إقليم خنيفرة بتاريخ17 أكتوبر 2001م، ليعقبه الانطلاق الفعلي لتدريس الأمازيغية مع الموسم الدراسي 2003- 2004 م.
وقد تعهدت وزارة التربية الوطنية في كتاب" الميثاق الوطني للتربية والتكوين" بتدريس اللغة الأمازيغية في تنسيق مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية،وستشرع في ذلك بطريقة تجريبية في المدرسة الابتدائية أولا، فالإعدادية ثانيا، ثم التعليم العالي ثالثا.
ولكن هذه الانطلاقة سرعان ما باءت بالفشل بتعثر المعهد في استصدار كتب المقررات التي كانت لاترى النور إلا في أواخر السنة الدراسية أو في أواسطها، كما وقع خلط في نوعية اللغة التي ستدرس بها الأمازيغية: هل سيتم التدريس بتاريفت أم بتاشلحيت أم بتامازيغت؟ بيد أن المعهد اختار اللغة المعيارية لتوحيد الألسن الأمازيغية المشتتة والمختلفة والمتباينة صوتيا ودلاليا.
وبعد ذلك، ظهر تقاعس كبير في تدريس اللغة الأمازيغية من قبل الوزارة الوصية عندما جعلت تدريس المادة اختياريا وتجريبيا في المدارس الابتدائية المغربية، فاستغل الأساتذة هذه الفرصة ، فرفضوا تدريسها لأسباب ذاتية وموضوعية، إضافة إلى كون التلاميذ غير الأمازيغيين ينفرون منها بسبب أو بدون سبب، كما أن المدرسين الذين أنيطت بهم مسؤولية تدريس هذه المادة لا يعرفون اللغة الأمازيغية ، ولم يتلقوا تدريبا في هذا الشأن ولا تأهيلا أكاديميا يخول لهم تدريسها، وهذا ينطبق كذلك على المفتشين والمكونين على حد سواء.
زد على ذلك، أن عملية تدريس الأمازيغية لم يصاحبها تأطير إيجابي وفعال للمفتشين والأساتذة نظرا لقلة الندوات والورشات التكوينية والتي لا يحضرها كل الأساتذة ؛ لأنها غالبا ما تعقد في العطل الدورية أو البينية أو بعد الانتهاء من مجزوءات السداسي الأول أو الثاني أو أثناء فترة الأعياد الوطنية أو الدينية.
ومن جهة أخرى، يركز المكونون الباحثون في تأطيرهم للأساتذة والمشرفين على المقاربة اللغوية أو اللسانية أو تعليم حروف تيفيناغ دون أن تكون مقاربة اللغة الأمازيغية مقاربة حضارية وثقافية شاملة.
ومما يزيد الطين بلة ، هو عدم اقتناع الأساتذة والمؤطرين وأولياء الأمور بأهمية اللغة الأمازيغية ؛ لأنها في رأيهم بدون حمولة ثقافية ولا حضارية. ولهم كامل الحق في أن يعتقدوا ما يعتقدون؛ لأننا- فعلا- نقدم لهم الأمازيغية في طبق فارغ أوفي "خبز حاف" بدون لحم أو مرق. أي نقدم لهم اللغة الأمازيغية بدون إرثها الحضاري والعلمي والأدبي والفني والثقافي. فنحن لم ندون بعد تراثنا، ولم نوثق المخطوطات التي وصلت إلينا، ولم نكتب بعد تاريخنا وحضارتنا، ولم ندرسها بشكل جيد من قبل لناشئتنا في الكتب الدراسية في مدارسنا الابتدائية والإعدادية والثانوية.
ولم يشمر المعهد الملكي بعد عن ساعده لينفض الغبار عن الحضارة الأمازيغية الثرية، وذلك بتشييد أكاديمية أمازيغية للبحث العلمي والتربوي تهتم بشؤون تدريس الأمازيغية، أو يسهر المعهد على إحداث شعب و مسالك تختص بتدريس اللغة الأمازيغية وحضارتها بطريقة علمية وأكاديمية، ويخصص لذلك ميزانية محترمة من أجل أن تكون النتائج مثمرة والأهداف محققة، دون الاعتماد الكلي على وزارة التربية الوطنية التي أثقل كاهلها بعدة مشاكل تعيقها عن تحقيق أهدافها وغاياتها الكبرى وشعارها البراق الذي ترفعه كل سنة تحت عنوان: "من أجل الارتقاء بالجودة التربوية والإدارية".
أما إذا اعتمدنا سياسة التقشف وشد الحزام، ونهجنا لغة الإقصاء والتهميش، وطرد الكفاءات الأمازيغية وتحييدها عن أدوارها الحقيقية في مجال التنمية اللغوية والثقافية، وابتعدنا عن سياسة التخطيط الممنهج الجيد، فإن الأمازيغية ستقبر بعد سنوات قليلة، وسيتخلى عنها الشعب المغربي على مستوى التفعيل الإداري والمؤسساتي والثقافي بطريقة تدريجية، وتنسى كما نسيت لغات أخرى تماثلها في وضعيتها اللسنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والحضارية.
وهذا ما يلاحظ فعلا في الواقع وفي ميدان التربية والتعليم وفي الساحة الثقافية الأمازيغية، فقد تراجع إيقاع تدريس اللغة الأمازيغية من سنة إلى أخرى، وفقد المفكرون المتنورون والجمعيات المدنية والثقافية المصداقية في مؤسسة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وقل إقبال الأمازيغيين على هذا المعهد بسبب التنافر الكبير في وجهات النظر بين الإدارة و الأطراف المقابلة ، دون أن ننسى الهوة الفاصلة بين المعهد والريفيين الذين لا يستفيدون بشكل إيجابي من خدمات هذه المؤسسة الموجهة لساكنة الجنوب على وجه الخصوص ، والدليل على ذلك أن أغلب الموظفين والمثقفين يحسبون على سوس بالمقارنة مع الأطلس المتوسط ومنطقة الريف. كما أن عملية النشر لايستفيد منها الريفيون ، إذ لم يطبع لهم سوى كتاب واحد بالمقارنة مع طبع أكثر من ثمانين كتابا لمثقفي سوس.
ونلاحظ كذلك على مستوى الممارسة الميدانية إحساس المدرسين بالملل عندما تسند لهم حصة الأمازيغية؛ لانعدام الوسائل الديداكتيكية، وعدم حصولهم على تدريب كاف في مجال التلقين والتدريس، وعدم اقتناعهم بجدوى تدريس هذه اللغة المنبوذة المضطهدة في كل بلدان شمال أفريقيا. ونتج عن ذلك أن تراجعت الرغبة في الإقبال على هذه اللغة أو الدفاع عنها أو العمل على تفعيلها ميدانيا وثقافيا أوإثرائها بالندوات والمحاضرات. كما اختلطت الأمور التربوية بالقضايا السياسية، حتى عد تدريس الأمازيغية فعلا عنصريا وعرقيا يذكر المغاربة بالظهير البربري لسنة 1930م الذي كان يستهدف تفريق البرابرة عن إخوانهم العرب.
وهكذا نسجل رداءة الواقع التربوي والتعليمي في ما يخص تدريس اللغة الأمازيغية، وانعدام الجودة الكمية والكيفية على المستوى الديداكتيكي والبيداغوجي لعدم وجود سياسة تربوية سليمة يضعها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في تنسيق مع وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر من أجل البحث عن الطرائق الكفيلة والسبل الناجعة لتدريس الأمازيغية في ظروف حسنة وبمناهج حديثة ومفيدة للمدرسة المغربية.
عبدالله سدراتي- نائب المدير
-
عدد الرسائل : 376
تاريخ الميلاد : 29/03/1965
العمر : 59
الدولة : المغرب.
المهنة : التدبير.
المدينة : قلعة الورود.
الأوسمة :
الدولة :
احترام قوانين المنتدى :
رد: كيف ندرس اللغة الأمازيغية في المؤسسات التربوية المغربية ؟
تحياتي للأخ سدراتي على الموضوع، أعتقد أن الامازيغية لا تحتاج لطريقة تدريس، إنما تحتاج لإرادة سياسية حقيقية من أجحل النهوض بها، و تحتاج أيضا لشعب يؤمن بضرورة إعطاء الأمازيغية ما تستحقه فعلا، و بخصوص التدريس لا اعتقد أن المعتمدين و الداعمين للتدريس بالحرف الأصلي تيفيناغ في المدرسة الإبتدائية واعون بهذا القرار و بالمشاكل و العوائق التي يسببها الحرف، إذ أن الحرف اللاتيني و حسب رأيي هو الحرف الوحيد الكفيل بتعليم الأمازيغية و جعلها عالمية، أما الحرف تيفيناغ فسيبقى حبيس الحجرات الدراسية كما ستكون الكتب المكتوبة به نخبوية فقط لا يطلع عليها غير الدارون بهذا الحرف، و بالتالي استحالة جعل هذه اللغة منتشرة بقواعدها و مصطلحاتها داخل المغرب، فبالأحرى انتشارها عالميا.
تحياتي
تحياتي
مصطفى جليل- عضو فعال
-
عدد الرسائل : 252
تاريخ الميلاد : 25/10/1986
العمر : 38
الدولة : المغرب
المهنة : infographiste
المدينة : لا مكان
الدولة :
احترام قوانين المنتدى :
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى