الرجل الخجول..مهذب ام مريض نفسيا؟
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الرجل الخجول..مهذب ام مريض نفسيا؟
منذ الخليقه ارتبط الخجل بالمرأة
وأصبح صفة نسائية بحتة لها،
فماذا لو كانت الصفة مرتبطة بالرجل أيضا؟
فهل يتقبلها المجتمع والمحيطون به؟
وهل يعتبر خجل الرجل من سمات الأخلاق الرفيعة أم أنه اصبح عملة نادرة ولا يدل على اسس تربوية سليمة؟
وهل هو فعلا مرض اجتماعي ونفسي يجب علاجه والتخلص منه؟
وهل يكون الخجل معوقا أمام نجاح الرجل مهنيا واجتماعيا ام ماذا؟
الخجل الذي يكون عائقا امام الرجل ليمارس حياته براحة كزوج او كطالب او كموظف
حقيقة مطروحة أعجبت بمضمونها
وشعرت بأنها تستحق النقاش
فلا تبخلوا بردودكم وأرائكم
والنقاش مفتوح للطرفين
هل الرجل الخجول مهذب تربويا ً ام مريض نفسيا
وأصبح صفة نسائية بحتة لها،
فماذا لو كانت الصفة مرتبطة بالرجل أيضا؟
فهل يتقبلها المجتمع والمحيطون به؟
وهل يعتبر خجل الرجل من سمات الأخلاق الرفيعة أم أنه اصبح عملة نادرة ولا يدل على اسس تربوية سليمة؟
وهل هو فعلا مرض اجتماعي ونفسي يجب علاجه والتخلص منه؟
وهل يكون الخجل معوقا أمام نجاح الرجل مهنيا واجتماعيا ام ماذا؟
الخجل الذي يكون عائقا امام الرجل ليمارس حياته براحة كزوج او كطالب او كموظف
حقيقة مطروحة أعجبت بمضمونها
وشعرت بأنها تستحق النقاش
فلا تبخلوا بردودكم وأرائكم
والنقاش مفتوح للطرفين
هل الرجل الخجول مهذب تربويا ً ام مريض نفسيا
lionel- بداية النشاط
-
عدد الرسائل : 48
تاريخ الميلاد : 03/06/1992
العمر : 32
الدولة : algeria
المدينة : who know
الدولة :
احترام قوانين المنتدى :
رد: الرجل الخجول..مهذب ام مريض نفسيا؟
إن الحياء في الإسلام خلق رفيع، وصفة من أعظم الصفات التي يتصف بها المسلم والمسلمة، وفضيلة من أسمى الفضائل،
حتى أن النبي – صلى الله عليه وسلم- جعله الخُلُق المميز للمسلم، حيث قال – صلى الله عليه وسلم-: “إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا، وَخُلُقُ الإِسْلامِ الْحَيَاءُ”(1).
ويقول – صلى الله عليه وسلم-: “الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ”(2)، فالمُسْتَحيي ينقطع بالحَياء عن المعاصي، فصار كالإيمان الذي يَقْطَعُ عنها ويَحُولُ بين المؤمن وبينها.
وقد رفع – صلى الله عليه وسلم- من شأن الحياء وأعلى من قيمته، وأكَّد أن الخير كل الخير، والفلاح كل الفلاح إنما يكون في الاتصاف والتحلي به، حيث قال – صلى الله عليه وسلم-: “الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ”(3)، وقال: “الْحَيَاءُ لا يَأْتِي إِلا بِخَيْرٍ”(4)
فالحياء هو صمام أمان الأخلاق كلها، كما أنه من أقوى البواعث على التمسك بالفضائل، وارتياد معالي الأمور، وبدونه ينسلخ المرء من دينه، فما قيمة الدين بغير الخُلُق!!.
لذا كان من الواجب علينا محاولة ترسيخ هذا الخلق العالي في النفوس، وأن نعمل جاهدين على إحيائه في نفوس بناتنا وأبنائنا.
لماذا الحياء؟
قد يتصور بعض الناس أن الحياء صفة سلبية، وأنه يعبر عن عجز عن المواجهة، وأن الحياء مجرد خلق أنثوي، ولكن هذا كله مرفوض؛ لأن الحياء في حقيقته شجاعة تملأ القلب، فتمسك بتلابيب النفس، حتى لا تتورط في هواها؛ الذي يجرها إلى المعصية، ومن هنا كان الحياء صفة المؤمن، فإذا كان بلا حياء فهذا يعنى أنه بلا إيمان.
فالحياء في الإسلام ليس مجرد الخجل من معايشة موقف، يخالف العُرْف والقوانين أو التقاليد، ولكنه فضيلة، تضبط إيقاع السلوك البشرى، وتحمى القيم وتصون الأخلاق، لذا نستطيع أن نقول: إن الحياء صمام أمن للأخلاق كلها، ويؤكد ذلك قول النبي – صلى الله عليه وسلم-: “إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوَّةِ: إِذَا لَمْ تَسْتَحْي فَافْعَلْ مَا شِئْتَ”(5).
وصدق النبي – صلى الله عليه وسلم-، فأي شيء يحفظ الأخلاق والفضائل إذا ضاع الحياء؟.
فذو الحياء لا بد أن يكون صادقًا؛ لأنه يرى الكذب نقيصة يستحيي منها.
وذو الحياء لا بد أن يكون أمينًا؛ لأنه يكره الخيانة، ويستحيي أن يصبح في عداد البشر خائنًا، لا يرعى للناس حرماتهم.
وذو الحياء لا بد أن يكون بالضرورة صاحب مروءة؛ لأن المروءة نمط رفيع من الأخلاق لا يثمر إلا في وجود الحياء الذي يدفع صاحبه إلى أن يكون تعامله مع الله – عز وجل-، فيعطي ويبذل، لا يرجو أجرًا إلا من الله، فيعزز صلته بالمجتمع، ويرى نفسه جزءًا من كيانه، فيسعى في قضاء حوائجهم ليحظى برضاء ربه.
ومن هذا النمط الذي يرعاه الحياء تنبت وتبرز أخلاق النجدة وإجارة المستجير، فالمسلم الحق يستحيي أن يقعد عن نجدة أخيه المسلم، إذ يقول – سبحانه وتعالى-: (وإنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) (6)، ويقول – عز وجل-: (ويُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا ويَتِيمًا وأَسِيرًا) (7)، وهكذا سائر الأخلاق.
إذا فُقِد الحياء
عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم- قال: “إِنَّ اللَّهَ – عز وجل- إِذَا أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ عَبْدًا نَزَعَ مِنْهُ الْحَيَاءَ، فَإِذَا نَزَعَ مِنْهُ الْحَيَاءَ لَمْ تَلْقَهُ إِلا مَقِيتًا مُمَقَّتًا(8)، فَإِذَا لَمْ تَلْقَهُ إِلا مَقِيتًا مُمَقَّتًا نُزِعَتْ مِنْهُ الأَمَانَةُ، فَإِذَا نُزِعَتْ مِنْهُ الأَمَانَةُ لَمْ تَلْقَهُ إِلا خَائِنًا مُخَوَّنًا، فَإِذَا لَمْ تَلْقَهُ إِلا خَائِنًا مُخَوَّنًا نُزِعَتْ مِنْهُ الرَّحْمَةُ، فَإِذَا نُزِعَتْ مِنْهُ الرَّحْمَةُ لَمْ تَلْقَهُ إِلا رَجِيمًا(9) مُلَعَّنًا، فَإِذَا لَمْ تَلْقَهُ إِلا رَجِيمًا مُلَعَّنًا نُزِعَتْ مِنْهُ رِبْقَةُ(10) الإِسْلامِ”(11).
إنها مدارك الهلاك التي لم يُوقِع العبد فيها إلا فقده للحجاب الأعظم، وهو حجاب الحياء، الذي هو أشرف الخصال وأكمل الأحوال.
الحياء الحق
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ – رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم-: “اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ” قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَ: “لَيْسَ ذَاكَ، وَلَكِنَّ الاسْتِحْيَاءَ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ: أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَلْتَذْكُر الْمَوْتَ وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ”(12).
ونحفظ الرأس وما وعى بالآتي:
1. عدم إحناء الرأس إلا لله، وعدم الالتفات في الصلاة.
2. غض البصر عن المحرمات، وعدم التجسس.
3. النظر والتفكر في الكون والتدبر في قدرة الله – عز وجل-.
4. البعد عن سماع المحرمات من غيبة ونميمة وفُحش.
5. عدم استعمال الزينة المحرمة كنمص الحاجبين وتفليج الأسنان(13).
6. الإعراض عن اللغو، والإقبال على سماع القرآن والعِلم.
7. الامتناع عن الخمور والمخدرات وكل ما يُعطِّل العقل.
ونحفظ البطن وما حوى بالآتي:
1. شكر الله – عز وجل- على نعمه.
2. تطهير القلب من الكفر والشرك بالله، ومن النفاق، ومن عامة الأمراض القلبية، مثل: الكِبْر، والرياء، والعُجْب، والحسد، وكراهية المؤمنين والحقد عليهم، وحب الظهور.
3. الحرص على الطعام الحلال.
4. التزام السنة في الطعام، فنجعل ثلثًا للطعام وثلثًا للشراب وثلثًا للنفس.
5. حفظ الفرج من كل ما يؤدي إلى المعصية.
6. الامتناع عن كثرة الضحك التي تميت القلب.
ونذكر الموت والبلى بالآتي:
1. تذكر أحوال الاحتضار والقبور والقيامة دائمًا.
2. احرص على زيارة المرضى والمُبْتَلين للاعتبار والاتعاظ.
ونترك زينة الدنيا بالآتي:
1. الامتناع نهائيًّا عن المحرمات، وعدم الإكثار من المباحات.
2. حمد الله – عز وجل- على ما قدّره لك من رزق.
3. عدم النظر إلى أهل النِّعم في الدنيا وتمني ما عندهم.
4. سؤال الله – عز وجل- النعيم في الآخرة.
لا نستحيي من الحق
إن الحييَّ من أقوى الناس شكيمة، وأشدهم بأسًا في الدفاع عن الحق، لا يخشى في الحق لومة لائم.
ذلك لأن الإسلام يربي أبناءه على احترام الحقيقة والجهر بها، مهما تحمل صاحبها من أذى وضرر في سبيلها، ما دام في ذلك إرضاء للحق – سبحانه وتعالى-، فالحياء ليس جُبنًا، فإن الرجل الحييَّ قد يفضل أن يريق دمه على أن يريق ماء وجهه، وتلك هي الشجاعة في أعلى صورها.
إن الشجاعة والحياء يلتقيان ليَصِلا بصاحبهما إلى ذروة الكمال، فإن قول الحق في موضعه، وفى وقته المناسب، يتلاءم مع الحياء، أما السكوت عن النطق بالحق في وقت الحاجة فلا يعد حياءً، بل إنه خزي واستكانة.
وربما يزعم بعض الناس، أن الحياء قد يدفعهم في بعض المواقف، إلى التخلي عن الجهر بكلمة الحق، أو يدفعهم إلى مشاركة الناس في باطلهم، وعدم الإنكار عليهم، أو يدفعهم إلى التخلي عن بعض آداب وشعائر الإسلام في مواقف معينة، حرجًا من إظهارها، والتمسك بها، أمام أناس ذوي مكانة، صغُرَت أو كبُرَت.
ولهؤلاء نقول: إن الانتصار للحق، والحرص عليه، والإنكار على الباطل، والتمسك بآداب الإسلام، ليس فيه ما يدعو إلى الخجل، طالما قام الإنسان بذلك مدفوعًا بتدينه، ومراعيًا لآداب الإسلام في أداء النصيحة، وقواعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
والأصل عند المؤمن أن يراعي الأمور الشرعية أولا، فالحياء هو الانقباض عما يعد عيبًا في نظر الشَّرع وإن لم يعُده الناس عيبًا، مثل الاختلاط غير المنضبط بين الجنسين، فبعض الناس لا يرونه عيبًا، ولكنه معيوب شرعًا، وكذلك ما يراه الناس حياءً، ويصفون فاعله بأنه حييٌّ حين لا يواجه الأصدقاء، أو ذوي المكانة الدنيوية، بما يرتكبون من معاصٍ، ويترك واجب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، إجلالا لهم، أو استبقاءً لمودتهم، ويجاملهم على حساب الشرع والدين، فهذا في الشرع لا يُعَد حياءً، ولا يُسَمَّى فاعله حييًّا، بل يُسمَّى جبانًا ضعيفًا.
وقال – صلى الله عليه وسلم- لأحد أصحابه: “أوصيك أن تستحيي من الله – تعالى- كما تستحيي من الرجل الصالح من قومك”(14).
وقال بعض السلف: خَفِ الله على قدر قدرته عليك، واستحي منه على قدر قربه منك.
وسُئل أحد الصالحين عن معنى الحياء من الله – سبحانه وتعالى- فقال: الحياء من الله يكون في ثلاث خصال:
1- أن تستشعر دوام إحسان الله عليك مع إساءتك وتفريطك.
2- أن تعلم أنك بعين الله – عز وجل- في منقلبك ومثواك.
3- أن تذكر وقوفك بين يدي الله – عز وجل- ومساءلته إياك عن الصغيرة والكبيرة.
والمعروف أن الخُلُق لا يتكون في النفس فجأة، ولا يُولَد قويًّا ناضجًا، بل يتكون على مهَل، وينضج على مراحل، وإذا كانت الطباع الرديئة دائمة الإلحاح على صاحبها، تحاول العِوَج بسلوكه بين الحين والحين، فلن يوقِف شرها علاج مؤقت، بل يجب أن يكون العلاج في نفس إلحاحها ونشاطها؛ حتى يؤتي مفعوله في النفس.
والحياء رأس الأخلاق وعمودها، فهو يحتاج إلى جهد أكبر، وإلحاح أكثر، وما بذل المرء جهدًا أفضل ولا أحمد عند الله – عز وجل- من بذله الجهد في تزكية نفسه وتقويمها، وإكسابها الصفات والأخلاق الحميدة، التي تنال بها رضا الله – عز وجل-.
مجالات وصور الحياء
إن مجالات الحياء كثيرة ومتنوعة، حيث إنها تشمل جميع تصرفات الإنسان وسلوكه، وتحيط به من جميع جوانبه، وتتغلغل في قيمه ومبادئه وعاداته ومثله..
• فالحياء في النِّعَم: الشكر.
• وفي المصيبة: الصبر.
• وفي القضاء: العدل.
• وفي الحدود والشهادة: الصدق.
• وفي الوالدين والأرحام: الصلة والصبر.
• وفي الضعفاء والعجزة والأرامل والأيتام: العطف والرحمة والرفعة.
• وفي الودائع: الأمانة.
• وفي النساء: الحشمة والعفة والقناعة والطهارة والطاعة.
• وفي الجوار: المروءة والتعاون والمودة والمحبة.
• وفي المعصية: الإقلاع والإنابة والندم والتوبة.
• وفي العبادات: الخضوع والخشوع والحمد والثناء وتعظيم المولى – سبحانه وتعالى-.
• وفي المعاملات والعهود والمواثيق والالتزامات: الشرف والوفاء.
• وفي الأموال: البذل والتضحية والجود والسخاء.
كيف تكتسب الحياء؟
لو كانت الأخلاق صفات لازمة تُخْلَق في الإنسان ويُطْبَع عليها، فلا يمكنه تغييرها ولا تبديلها ولا تعديلها، كسائر صفاته الجسدية من طُولٍ وقِصَر ولون، لما أمر الشَّرْع بالتخلق بالأخلاق الحسنة، والتخلي عن القبيحة، فلو لم يكن ذلك ممكنًا مقدورًا للإنسان لما ورد به الشرع؛ لأن الله – عز وجل- يقول: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وسْعَهَا)(15) ، فلا تكليف إلا بمقدور، ويقول الله – عز وجل-: (ونَفْسٍ ومَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا) (16)، وقال – صلى الله عليه وسلم-: “إنما العِلم بالتعلُّم، والحِلم بالتحلُّم، ومن يتحَرَّ الخير يُعْطَه، من يتوقَّ الشَّر يوقَّه”(17)، لكن الناس يتفاوتون في مقدار أهليتهم وقدرتهم واستعدادهم لاكتساب الأخلاق أو تعديلها، فمن جُبِلَ على خُلُقٍ مُعَيَّن يسهل عليه ترسيخ هذا الخلق في نفسه؛ لأن فطرته تعينه عليه.
وفيما يتعلق بخلق الحياء فهذه بعض الوسائل التي تعينك على اكتساب الحياء وترسيخه في نفسك:
1- التوجه إلى الله – عز وجل- بالدعاء أن يرزقك الحياء، وأن ييسر لك اكتسابه.
2- الإمساك عن الكلام الفاحش والبذيء، وعن كل ما تقتضيه قلة الحياء من الأقوال والأفعال، ومراغمة وإغاظة الشيطان الذي يزين لك هذه الأفعال، ويغريك بها، فإن هذا يجعله ييأس من تحريضك عليها، فيخنس ويُخزَى، وحاول التمثل بالأدب القرآني والنبوي في الكناية، وعدم التصريح بالألفاظ التي تخدش الحياء، إلا فيما لا بد منه لمصلحة شرعية.
3- الإكثار من مطالعة فضائل الحياء، وترديدها على القلب، وجمع الهمة على تحصيل أعلى درجات الحياء، والسعي الحثيث في التحلي به.
4- تقوية الإيمان والعقيدة في القلب؛ لأن الحياء ثمرة الإيمان، ومعرفة الله – عز وجل-.
5- مداومة التفكر في أسماء الله الحسنى التي تستوجب المراقبة والإحسان كأسمائه: الشهيد، والرقيب، والعليم، والسميع، والبصير، والمحيط، والحفيظ، وقد قيل: تعاهد نفسك في ثلاث: إذا عملت فاذكر نظر الله إليك، وإذا تكلمت فاذكر سمع الله منك، وإذا سكت فاذكر علم الله فيك.
6- المواظبة على العبادات المفروضة والمندوبة، كالصلاة التي قال – عز وجل- في شأنها: (إنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ والْمُنكَرِ) (18)، وكالزكاة التي قال – سبحانه وتعالى- فيها: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وتُزَكِّيهِم بِهَا) (19)، وكالصوم الذي قال فيه – عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (20).
7- لزوم الصدق وتحريه، وتجنب الكذب؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال: “إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ”(21)، والحياء من البر.
8- المواظبة على تكلف الحياء مرة بعد مرة حتى تألفه النفس وتعتاده، ويصير لها طبعًا وسجية، وهذا يستلزم التجمُّل بالصبر، كالمريض الذي يصبر على تعاطي الدواء المر.
9- مخالطة الصالحين، ورؤيتهم، والسماع منهم، والاستمداد من حيائهم، فقد قيل: أحيي حياءك بمجالسة من يُستحيَى منه. وقيل: لو أن المسلم لم يُصِب من أخيه إلا أن حياءه منه يمنعه من المعاصي لكفاه.
10- استحضار حياء المثل الأعلى للبشرية رسول الله – صلى الله عليه وسلم-، ومطالعة سيرته العطرة، وشمائله الكريمة، ثم استحضار حياء صحابته – رضي الله عنهم-، وسيرتهم، ومن تبعهم من أهل العلم والإيمان.
11- اعتزال البيئة الفاسدة والموبوءة التي تصد عن الخلق الحسن، وخصوصًا أجهزة الإعلام، السمعية منها والبصرية، والتي تنسف الحياء نسفًا، وتدمره تدميرًا، والتنـزه عن معاشرة قليلي الحياء، والتحول إلى الصحبة الصالحة(22).
وأخيرًا، نستغفر الله – عز وجل-، ونسأله أن يجعلنا بما علمناه عاملين، ولوجهه مريدين، وأن يضعه في ميزان الصالحات، إنه – سبحانه وتعالى- جواد كريم.
_____________________
الهوامش:
1- رواه الإمام ابن ماجة في سننه، وحسنه الإمام الألباني.
2- رواه الإمام البخاري في صحيحه.
3- رواه الإمام مسلم في صحيحه.
4- رواه الإمام البخاري في صحيحه.
5- رواه الإمام البخاري في صحيحه.
6- من الآية 72 من سورة الأنفال.
7- الآية 8 من سورة الإنسان.
8- المقت: أشد البغض.
9- رجيمًا: مطرودًا.
10- الربقة: طوق يوضع في عنق الدابة، والمراد: العهد.
11- رواه الإمام ابن ماجة في سننه، وضعفه الإمام السيوطي.
12- رواه الإمام الترمذي في سننه، وقال: غريب، وصححه الإمام السيوطي.
13- رواه الإمامان الطبراني في الكبير، والبيهقي في شعب الإيمان، وحسنه الإمام السيوطي، وصححه الإمام الألباني.
14- من الآية 286 من سورة البقرة.
15- الآيات من 7-10 من سورة الشمس.
16- رواه الإمام الخطيب في تاريخه، وحسنه الإمام الألباني.
17- من الآية 45 من سورة العنكبوت.
18- من الآية 103 من سورة التوبة.
19- الآية 183 من سورة البقرة.
20- رواه الإمام البخاري في صحيحه.
21- محمد بن أحمد بن إسماعيل المقدم، الحياء خلق الإسلام، بتصرف.
نشر على موقع (الأمة أون لاين)
حتى أن النبي – صلى الله عليه وسلم- جعله الخُلُق المميز للمسلم، حيث قال – صلى الله عليه وسلم-: “إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا، وَخُلُقُ الإِسْلامِ الْحَيَاءُ”(1).
ويقول – صلى الله عليه وسلم-: “الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ”(2)، فالمُسْتَحيي ينقطع بالحَياء عن المعاصي، فصار كالإيمان الذي يَقْطَعُ عنها ويَحُولُ بين المؤمن وبينها.
وقد رفع – صلى الله عليه وسلم- من شأن الحياء وأعلى من قيمته، وأكَّد أن الخير كل الخير، والفلاح كل الفلاح إنما يكون في الاتصاف والتحلي به، حيث قال – صلى الله عليه وسلم-: “الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ”(3)، وقال: “الْحَيَاءُ لا يَأْتِي إِلا بِخَيْرٍ”(4)
فالحياء هو صمام أمان الأخلاق كلها، كما أنه من أقوى البواعث على التمسك بالفضائل، وارتياد معالي الأمور، وبدونه ينسلخ المرء من دينه، فما قيمة الدين بغير الخُلُق!!.
لذا كان من الواجب علينا محاولة ترسيخ هذا الخلق العالي في النفوس، وأن نعمل جاهدين على إحيائه في نفوس بناتنا وأبنائنا.
لماذا الحياء؟
قد يتصور بعض الناس أن الحياء صفة سلبية، وأنه يعبر عن عجز عن المواجهة، وأن الحياء مجرد خلق أنثوي، ولكن هذا كله مرفوض؛ لأن الحياء في حقيقته شجاعة تملأ القلب، فتمسك بتلابيب النفس، حتى لا تتورط في هواها؛ الذي يجرها إلى المعصية، ومن هنا كان الحياء صفة المؤمن، فإذا كان بلا حياء فهذا يعنى أنه بلا إيمان.
فالحياء في الإسلام ليس مجرد الخجل من معايشة موقف، يخالف العُرْف والقوانين أو التقاليد، ولكنه فضيلة، تضبط إيقاع السلوك البشرى، وتحمى القيم وتصون الأخلاق، لذا نستطيع أن نقول: إن الحياء صمام أمن للأخلاق كلها، ويؤكد ذلك قول النبي – صلى الله عليه وسلم-: “إِنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلامِ النُّبُوَّةِ: إِذَا لَمْ تَسْتَحْي فَافْعَلْ مَا شِئْتَ”(5).
وصدق النبي – صلى الله عليه وسلم-، فأي شيء يحفظ الأخلاق والفضائل إذا ضاع الحياء؟.
فذو الحياء لا بد أن يكون صادقًا؛ لأنه يرى الكذب نقيصة يستحيي منها.
وذو الحياء لا بد أن يكون أمينًا؛ لأنه يكره الخيانة، ويستحيي أن يصبح في عداد البشر خائنًا، لا يرعى للناس حرماتهم.
وذو الحياء لا بد أن يكون بالضرورة صاحب مروءة؛ لأن المروءة نمط رفيع من الأخلاق لا يثمر إلا في وجود الحياء الذي يدفع صاحبه إلى أن يكون تعامله مع الله – عز وجل-، فيعطي ويبذل، لا يرجو أجرًا إلا من الله، فيعزز صلته بالمجتمع، ويرى نفسه جزءًا من كيانه، فيسعى في قضاء حوائجهم ليحظى برضاء ربه.
ومن هذا النمط الذي يرعاه الحياء تنبت وتبرز أخلاق النجدة وإجارة المستجير، فالمسلم الحق يستحيي أن يقعد عن نجدة أخيه المسلم، إذ يقول – سبحانه وتعالى-: (وإنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ) (6)، ويقول – عز وجل-: (ويُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا ويَتِيمًا وأَسِيرًا) (7)، وهكذا سائر الأخلاق.
إذا فُقِد الحياء
عَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم- قال: “إِنَّ اللَّهَ – عز وجل- إِذَا أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ عَبْدًا نَزَعَ مِنْهُ الْحَيَاءَ، فَإِذَا نَزَعَ مِنْهُ الْحَيَاءَ لَمْ تَلْقَهُ إِلا مَقِيتًا مُمَقَّتًا(8)، فَإِذَا لَمْ تَلْقَهُ إِلا مَقِيتًا مُمَقَّتًا نُزِعَتْ مِنْهُ الأَمَانَةُ، فَإِذَا نُزِعَتْ مِنْهُ الأَمَانَةُ لَمْ تَلْقَهُ إِلا خَائِنًا مُخَوَّنًا، فَإِذَا لَمْ تَلْقَهُ إِلا خَائِنًا مُخَوَّنًا نُزِعَتْ مِنْهُ الرَّحْمَةُ، فَإِذَا نُزِعَتْ مِنْهُ الرَّحْمَةُ لَمْ تَلْقَهُ إِلا رَجِيمًا(9) مُلَعَّنًا، فَإِذَا لَمْ تَلْقَهُ إِلا رَجِيمًا مُلَعَّنًا نُزِعَتْ مِنْهُ رِبْقَةُ(10) الإِسْلامِ”(11).
إنها مدارك الهلاك التي لم يُوقِع العبد فيها إلا فقده للحجاب الأعظم، وهو حجاب الحياء، الذي هو أشرف الخصال وأكمل الأحوال.
الحياء الحق
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ – رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم-: “اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ” قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، قَالَ: “لَيْسَ ذَاكَ، وَلَكِنَّ الاسْتِحْيَاءَ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ: أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَلْتَذْكُر الْمَوْتَ وَالْبِلَى، وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ اسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ”(12).
ونحفظ الرأس وما وعى بالآتي:
1. عدم إحناء الرأس إلا لله، وعدم الالتفات في الصلاة.
2. غض البصر عن المحرمات، وعدم التجسس.
3. النظر والتفكر في الكون والتدبر في قدرة الله – عز وجل-.
4. البعد عن سماع المحرمات من غيبة ونميمة وفُحش.
5. عدم استعمال الزينة المحرمة كنمص الحاجبين وتفليج الأسنان(13).
6. الإعراض عن اللغو، والإقبال على سماع القرآن والعِلم.
7. الامتناع عن الخمور والمخدرات وكل ما يُعطِّل العقل.
ونحفظ البطن وما حوى بالآتي:
1. شكر الله – عز وجل- على نعمه.
2. تطهير القلب من الكفر والشرك بالله، ومن النفاق، ومن عامة الأمراض القلبية، مثل: الكِبْر، والرياء، والعُجْب، والحسد، وكراهية المؤمنين والحقد عليهم، وحب الظهور.
3. الحرص على الطعام الحلال.
4. التزام السنة في الطعام، فنجعل ثلثًا للطعام وثلثًا للشراب وثلثًا للنفس.
5. حفظ الفرج من كل ما يؤدي إلى المعصية.
6. الامتناع عن كثرة الضحك التي تميت القلب.
ونذكر الموت والبلى بالآتي:
1. تذكر أحوال الاحتضار والقبور والقيامة دائمًا.
2. احرص على زيارة المرضى والمُبْتَلين للاعتبار والاتعاظ.
ونترك زينة الدنيا بالآتي:
1. الامتناع نهائيًّا عن المحرمات، وعدم الإكثار من المباحات.
2. حمد الله – عز وجل- على ما قدّره لك من رزق.
3. عدم النظر إلى أهل النِّعم في الدنيا وتمني ما عندهم.
4. سؤال الله – عز وجل- النعيم في الآخرة.
لا نستحيي من الحق
إن الحييَّ من أقوى الناس شكيمة، وأشدهم بأسًا في الدفاع عن الحق، لا يخشى في الحق لومة لائم.
ذلك لأن الإسلام يربي أبناءه على احترام الحقيقة والجهر بها، مهما تحمل صاحبها من أذى وضرر في سبيلها، ما دام في ذلك إرضاء للحق – سبحانه وتعالى-، فالحياء ليس جُبنًا، فإن الرجل الحييَّ قد يفضل أن يريق دمه على أن يريق ماء وجهه، وتلك هي الشجاعة في أعلى صورها.
إن الشجاعة والحياء يلتقيان ليَصِلا بصاحبهما إلى ذروة الكمال، فإن قول الحق في موضعه، وفى وقته المناسب، يتلاءم مع الحياء، أما السكوت عن النطق بالحق في وقت الحاجة فلا يعد حياءً، بل إنه خزي واستكانة.
وربما يزعم بعض الناس، أن الحياء قد يدفعهم في بعض المواقف، إلى التخلي عن الجهر بكلمة الحق، أو يدفعهم إلى مشاركة الناس في باطلهم، وعدم الإنكار عليهم، أو يدفعهم إلى التخلي عن بعض آداب وشعائر الإسلام في مواقف معينة، حرجًا من إظهارها، والتمسك بها، أمام أناس ذوي مكانة، صغُرَت أو كبُرَت.
ولهؤلاء نقول: إن الانتصار للحق، والحرص عليه، والإنكار على الباطل، والتمسك بآداب الإسلام، ليس فيه ما يدعو إلى الخجل، طالما قام الإنسان بذلك مدفوعًا بتدينه، ومراعيًا لآداب الإسلام في أداء النصيحة، وقواعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
والأصل عند المؤمن أن يراعي الأمور الشرعية أولا، فالحياء هو الانقباض عما يعد عيبًا في نظر الشَّرع وإن لم يعُده الناس عيبًا، مثل الاختلاط غير المنضبط بين الجنسين، فبعض الناس لا يرونه عيبًا، ولكنه معيوب شرعًا، وكذلك ما يراه الناس حياءً، ويصفون فاعله بأنه حييٌّ حين لا يواجه الأصدقاء، أو ذوي المكانة الدنيوية، بما يرتكبون من معاصٍ، ويترك واجب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، إجلالا لهم، أو استبقاءً لمودتهم، ويجاملهم على حساب الشرع والدين، فهذا في الشرع لا يُعَد حياءً، ولا يُسَمَّى فاعله حييًّا، بل يُسمَّى جبانًا ضعيفًا.
وقال – صلى الله عليه وسلم- لأحد أصحابه: “أوصيك أن تستحيي من الله – تعالى- كما تستحيي من الرجل الصالح من قومك”(14).
وقال بعض السلف: خَفِ الله على قدر قدرته عليك، واستحي منه على قدر قربه منك.
وسُئل أحد الصالحين عن معنى الحياء من الله – سبحانه وتعالى- فقال: الحياء من الله يكون في ثلاث خصال:
1- أن تستشعر دوام إحسان الله عليك مع إساءتك وتفريطك.
2- أن تعلم أنك بعين الله – عز وجل- في منقلبك ومثواك.
3- أن تذكر وقوفك بين يدي الله – عز وجل- ومساءلته إياك عن الصغيرة والكبيرة.
والمعروف أن الخُلُق لا يتكون في النفس فجأة، ولا يُولَد قويًّا ناضجًا، بل يتكون على مهَل، وينضج على مراحل، وإذا كانت الطباع الرديئة دائمة الإلحاح على صاحبها، تحاول العِوَج بسلوكه بين الحين والحين، فلن يوقِف شرها علاج مؤقت، بل يجب أن يكون العلاج في نفس إلحاحها ونشاطها؛ حتى يؤتي مفعوله في النفس.
والحياء رأس الأخلاق وعمودها، فهو يحتاج إلى جهد أكبر، وإلحاح أكثر، وما بذل المرء جهدًا أفضل ولا أحمد عند الله – عز وجل- من بذله الجهد في تزكية نفسه وتقويمها، وإكسابها الصفات والأخلاق الحميدة، التي تنال بها رضا الله – عز وجل-.
مجالات وصور الحياء
إن مجالات الحياء كثيرة ومتنوعة، حيث إنها تشمل جميع تصرفات الإنسان وسلوكه، وتحيط به من جميع جوانبه، وتتغلغل في قيمه ومبادئه وعاداته ومثله..
• فالحياء في النِّعَم: الشكر.
• وفي المصيبة: الصبر.
• وفي القضاء: العدل.
• وفي الحدود والشهادة: الصدق.
• وفي الوالدين والأرحام: الصلة والصبر.
• وفي الضعفاء والعجزة والأرامل والأيتام: العطف والرحمة والرفعة.
• وفي الودائع: الأمانة.
• وفي النساء: الحشمة والعفة والقناعة والطهارة والطاعة.
• وفي الجوار: المروءة والتعاون والمودة والمحبة.
• وفي المعصية: الإقلاع والإنابة والندم والتوبة.
• وفي العبادات: الخضوع والخشوع والحمد والثناء وتعظيم المولى – سبحانه وتعالى-.
• وفي المعاملات والعهود والمواثيق والالتزامات: الشرف والوفاء.
• وفي الأموال: البذل والتضحية والجود والسخاء.
كيف تكتسب الحياء؟
لو كانت الأخلاق صفات لازمة تُخْلَق في الإنسان ويُطْبَع عليها، فلا يمكنه تغييرها ولا تبديلها ولا تعديلها، كسائر صفاته الجسدية من طُولٍ وقِصَر ولون، لما أمر الشَّرْع بالتخلق بالأخلاق الحسنة، والتخلي عن القبيحة، فلو لم يكن ذلك ممكنًا مقدورًا للإنسان لما ورد به الشرع؛ لأن الله – عز وجل- يقول: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وسْعَهَا)(15) ، فلا تكليف إلا بمقدور، ويقول الله – عز وجل-: (ونَفْسٍ ومَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا) (16)، وقال – صلى الله عليه وسلم-: “إنما العِلم بالتعلُّم، والحِلم بالتحلُّم، ومن يتحَرَّ الخير يُعْطَه، من يتوقَّ الشَّر يوقَّه”(17)، لكن الناس يتفاوتون في مقدار أهليتهم وقدرتهم واستعدادهم لاكتساب الأخلاق أو تعديلها، فمن جُبِلَ على خُلُقٍ مُعَيَّن يسهل عليه ترسيخ هذا الخلق في نفسه؛ لأن فطرته تعينه عليه.
وفيما يتعلق بخلق الحياء فهذه بعض الوسائل التي تعينك على اكتساب الحياء وترسيخه في نفسك:
1- التوجه إلى الله – عز وجل- بالدعاء أن يرزقك الحياء، وأن ييسر لك اكتسابه.
2- الإمساك عن الكلام الفاحش والبذيء، وعن كل ما تقتضيه قلة الحياء من الأقوال والأفعال، ومراغمة وإغاظة الشيطان الذي يزين لك هذه الأفعال، ويغريك بها، فإن هذا يجعله ييأس من تحريضك عليها، فيخنس ويُخزَى، وحاول التمثل بالأدب القرآني والنبوي في الكناية، وعدم التصريح بالألفاظ التي تخدش الحياء، إلا فيما لا بد منه لمصلحة شرعية.
3- الإكثار من مطالعة فضائل الحياء، وترديدها على القلب، وجمع الهمة على تحصيل أعلى درجات الحياء، والسعي الحثيث في التحلي به.
4- تقوية الإيمان والعقيدة في القلب؛ لأن الحياء ثمرة الإيمان، ومعرفة الله – عز وجل-.
5- مداومة التفكر في أسماء الله الحسنى التي تستوجب المراقبة والإحسان كأسمائه: الشهيد، والرقيب، والعليم، والسميع، والبصير، والمحيط، والحفيظ، وقد قيل: تعاهد نفسك في ثلاث: إذا عملت فاذكر نظر الله إليك، وإذا تكلمت فاذكر سمع الله منك، وإذا سكت فاذكر علم الله فيك.
6- المواظبة على العبادات المفروضة والمندوبة، كالصلاة التي قال – عز وجل- في شأنها: (إنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ والْمُنكَرِ) (18)، وكالزكاة التي قال – سبحانه وتعالى- فيها: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وتُزَكِّيهِم بِهَا) (19)، وكالصوم الذي قال فيه – عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (20).
7- لزوم الصدق وتحريه، وتجنب الكذب؛ لأن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال: “إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ”(21)، والحياء من البر.
8- المواظبة على تكلف الحياء مرة بعد مرة حتى تألفه النفس وتعتاده، ويصير لها طبعًا وسجية، وهذا يستلزم التجمُّل بالصبر، كالمريض الذي يصبر على تعاطي الدواء المر.
9- مخالطة الصالحين، ورؤيتهم، والسماع منهم، والاستمداد من حيائهم، فقد قيل: أحيي حياءك بمجالسة من يُستحيَى منه. وقيل: لو أن المسلم لم يُصِب من أخيه إلا أن حياءه منه يمنعه من المعاصي لكفاه.
10- استحضار حياء المثل الأعلى للبشرية رسول الله – صلى الله عليه وسلم-، ومطالعة سيرته العطرة، وشمائله الكريمة، ثم استحضار حياء صحابته – رضي الله عنهم-، وسيرتهم، ومن تبعهم من أهل العلم والإيمان.
11- اعتزال البيئة الفاسدة والموبوءة التي تصد عن الخلق الحسن، وخصوصًا أجهزة الإعلام، السمعية منها والبصرية، والتي تنسف الحياء نسفًا، وتدمره تدميرًا، والتنـزه عن معاشرة قليلي الحياء، والتحول إلى الصحبة الصالحة(22).
وأخيرًا، نستغفر الله – عز وجل-، ونسأله أن يجعلنا بما علمناه عاملين، ولوجهه مريدين، وأن يضعه في ميزان الصالحات، إنه – سبحانه وتعالى- جواد كريم.
_____________________
الهوامش:
1- رواه الإمام ابن ماجة في سننه، وحسنه الإمام الألباني.
2- رواه الإمام البخاري في صحيحه.
3- رواه الإمام مسلم في صحيحه.
4- رواه الإمام البخاري في صحيحه.
5- رواه الإمام البخاري في صحيحه.
6- من الآية 72 من سورة الأنفال.
7- الآية 8 من سورة الإنسان.
8- المقت: أشد البغض.
9- رجيمًا: مطرودًا.
10- الربقة: طوق يوضع في عنق الدابة، والمراد: العهد.
11- رواه الإمام ابن ماجة في سننه، وضعفه الإمام السيوطي.
12- رواه الإمام الترمذي في سننه، وقال: غريب، وصححه الإمام السيوطي.
13- رواه الإمامان الطبراني في الكبير، والبيهقي في شعب الإيمان، وحسنه الإمام السيوطي، وصححه الإمام الألباني.
14- من الآية 286 من سورة البقرة.
15- الآيات من 7-10 من سورة الشمس.
16- رواه الإمام الخطيب في تاريخه، وحسنه الإمام الألباني.
17- من الآية 45 من سورة العنكبوت.
18- من الآية 103 من سورة التوبة.
19- الآية 183 من سورة البقرة.
20- رواه الإمام البخاري في صحيحه.
21- محمد بن أحمد بن إسماعيل المقدم، الحياء خلق الإسلام، بتصرف.
نشر على موقع (الأمة أون لاين)
houria200- شكر و تقدير
-
عدد الرسائل : 1189
تاريخ الميلاد : 03/11/1992
العمر : 32
الدولة : maroc
المدينة : tinghir
رد: الرجل الخجول..مهذب ام مريض نفسيا؟
شكرا لك اختي على اهتمامك و مشاركتك في الموضوع
و على التوضيح ايضا
و على التوضيح ايضا
lionel- بداية النشاط
-
عدد الرسائل : 48
تاريخ الميلاد : 03/06/1992
العمر : 32
الدولة : algeria
المدينة : who know
الدولة :
احترام قوانين المنتدى :
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى