مناصرة النبي _ صلى الله عليه و سلم
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
مناصرة النبي _ صلى الله عليه و سلم
مـناصــرة الـنـبـــــي_صلّى الله عليه و سلّم_
تمكّن الشّيخ الورع من إصلاح بعض شباب مجتمعه، فذاع صيته و اشتهر بفضل المحاضرات، و الدّروس الهادفة الّتي كانت تبثّها له مختلف القنوات الفضائية، عندها بدأ يفكّر في السّفر لنشر تعاليم ديننا الحنيف عبر العالم. ففرح الشّباب العربي بالخبر، و بدأ كلّ منهم يدعو الله أن تكون دولته أوّل من يحطّ بها الشيخ الرّحال، للنّيل من علمه و التّشرف به، لكنّهم صدموا بإعراضه عن الدول العربية، وآثر السّفر إلى إحدى دول الكفر لنشر الدّعوة بين الأقوياء الأغنياء، و بعدها سيقلّدهم و يقتدي بهم الضّعفاء و الفقراء، فغضب بعض العرب و ذكروا سورة عبس، و رحّب البعض بالفكرة مادامت تخدم الإسلام و المسلمين.
جهّز الشّيخ نفسه للسّفر مودّعا زوجته و أطفاله السّتة، و قصره الفخم يرافقه بعض الخدم، في اتّجاه المطار، حيث أقلعت الطّائرة بعد ساعة، و السّعادة تغمره لأنّه مسافر في سبيل الله لنشر العلم، و التّعريف بالمعنى الحقيقي للإسلام، و بقي يفكّر في كيفية استمالة قلوب الكفّار بالمجاملة و حسن المعاملة، إلى أن وصلت الطّائرة إلى البلد المعني، و ما إن وطأت قدماه أرضية المطار حتّى رأى من الفتن ما لم يره من قبل في بلدة الجلباب و النّقاب، فلم يجد أمامه سوى غضّ البصر و الإستغفار، ثمّ توجّه إلى فندق يليق بمقامه ليرتاح، و يبدأ مهمّته في اليوم الموالي، إستلم مفتاح الغرفة و كلّف خادمه الأمين بنقل متاعه، ثمّ استحمّ و استلقى على سرير مريح، حاول النّوم فعاكسه الأرق، وشدّه الفضول إلى مشاهدة شريط الأخبار، ليعرف جديد إخوانه بفلسطين، و العراق، فكانت البداية مع صور لأبشع الجرائم المرتكبة في حقّ أبناء غزّة يعانون من الحصار الصّهيوني. آلمه منظر صبية يئنّون تحت رحمة الجراح، و الكسور على مستوى أجسادهم الصّغيرة في غياب الأطعمة و الأدوية، و دفء الوالدين. تلتها صور لا تقلّ عنها فظاعة لجثث إخواننا، فحمد الله كثيرا على النّعيم الّذي منحه إياه، و لم يجد ما يقدّمه لإخوانه المعذّبين سوى الدّعاء لهم، و غيّر القناة لأنّه لم يتحمّل رؤية المعاناة، و ليته لم يفعل لقد رأى حشود المسلمين من الرّجال و النّساء في مظاهرات بمختلف الدّول العربية رافعين شعارات إسلامية، تسقط من أيديهم أحيانا فيدوسون عليها دون قصد، فسرّه منظرهم، و تأكّد أنّ الإسلام مازال بخير ظنّا منه أنّهم يساندون إخوانهم المعذّبين في العراق و فلسطين، فهذه عادة المسلمين أن يقفوا مع إخوانهم معنويا و لا يترددوا أبدا، داعين الله أن يعجّل بنصرهم، و يفرّج كربتهم، لكنّ الصّحفية قطعت فرحته موضحة أنّ سبب المظاهرات هو تمادي الغرب في إهانة أشرف خلق الله ــ عليه الصّلاة و السّلام ــ داعية المسلمين إلى مقاطعتهم بقرار إجماع العلماء، فاغتاظ الشّيخ الورع، و فرح في نفس الوقت معجبا بالنّصيحة و قرّر المقاطعة في الحال، لكن كيف ذلك؟ فهو في بلد الكفر، لا بأس أن لا يقاطعهم الآن و سيفعل ذلك بعد عودته لبلده، فللضّرورة أحكام، و هو غير ملام مادامت نيته نشر الإسلام. و قرّر أن يلقي في اليوم الموالي محاضرة تندّد بما فعله الغرب يدعو فيها إلى مقاطعتهم حتّى يصل كلامه إلى الشّباب المسلم، و يعملوا به.
كنت أشاهد الأخبار في غرفتي المتواضعة، و قلبي يتمزّق لما أسمع و أرى، فقرّرت أنا أيضا أن أخرج من صمتي و أقف مع النّبي ــ صلّى الله عليه و سلّـم ــ بقلبي كما يفعل الكلّ، و أخرج إلى الشّارع في مظاهرات معهم، أصرخ بأعلى صوتي رافضة الإهانة، و ذلك أضعف الإيمان، قطعت مسافة طويلة للوصول إلى المكان مشيا، لكسب المزيد من الحسنات مقابل الخطوات، لأنّني لا أملك سيارة أجنبية فخمة أتباهى بها أمامهم، لكنّني وصلت متأخّرة لأنّ وقت المظاهرات إنتهى، و المتظاهرون يسارعون في العودة إلى بيوتهم استعدادا لحفل فنّي ساهر يحييه أشهر الفنّانين، و المطربين من مختلف أنحاء العالم، فعدت مطأطاة الرّأس لأنّني لا أعرف حتّى أسماءهم ، لعدم اطّلاعي على حضارة الغرب، و مرتّبي الممتاز لا يكفي لشراء تذكرة الدّخول إلى الحفل، فهذه ليست حفلة عادية، إنّها فريدة من نوعها، كما أنّ ثيابي محلية الصّنع و لا تسمح لي بالإنضمام إلى المتحضّرين زعماء الإستيراد، فاستسلمت للوحدة بغرفتي حتّى لا ينتبه إليّ أحد و يقال عنّي متخلّفة.
و بقي الشّيخ الورع يجهّز نفسه لإلقاء محاضرة ضدّ العدو المهين لنبينا الحبيب ــ عليه الصّلاة و السّلام ــ بعدما تناول عشاء فاخرا، و هذه عادته ليقوى على طاعة و عبادة الله.
استيقظ في اليوم الموالي متأخّرا على غير عادته متحسّرا على صلاة الفجر التّي فاتته، لأنّه لم ينم مبكّرا، فأدّاها بعد طلوع الشّمس و قرأ الأذكار، ثمّ تناول وجبة الإفطار، و سار إلى حديقة عمومية، و ما إن جلس على الكرسي يتأمّل جنّة الله على الأرض حتّى فاجأته ثلاثة فاتنات، شقراوات بملابس شبه عارية، مع صديق على الدّراجة النّارية، ألقين عليه التّحية تتمايلن لإثارته ببعض الحركات الغنية عن التّعريف، كلّ منهنّ تهديه ابتسامتها الخاصّة ليقع في المصيدة، لكنّه لم يبال بهنّ، و انتابه شعور بالخوف من الله و الوقوع في الحرام، فغادر المكان باتّجاه مقهى الألمان. و كم كانت دهشته لما رآه من الإختلاط هناك، فالمقاهي في اعتقاده للرّجال فقط، و لا يسمح للنّساء بدخولها. فغادر قبل أن يجلس، لكنّ الفاتنة منعته من الخروج قبل أن يتناول أيّ شيء، حاول إقناعها يهرب بعينيه من جمالها لكنّها اعتذرت فهي تنفّذ أوامر ربّ العمل، استسلم بعدها لطلبها، و تناول بيبسي ثمّ غادر بسرعة بعدما سدّد الحساب.
توجّه نحو المسجد مباشرة، فوجده مغلقا و لا يفتح إلاّ في أوقات محدّدة تحت حراسة مشدّدة، أدرك حينها أنّ مهمّته أصعب ممّا كان يظنّ، و عاد إلى الفندق, و ما إن دخل حتّى وجد رسالة بانتظاره، فتحها مسرعا، و فرح بمحتواها الّذي يسمح له بإلقاء المحاضرة مع التّقيد ببعض الشّروط الّتي يحدّدها القانون، فتناول الغداء و توجّه إلى المسجد من جديد، حيث أدّى الصّلاة، و ألقى محاضرة تمهيدية عن حسن المعاملة و النّظام في العمل مشيدا فيها ببعض مناقب الغرب، ممّا زاد إعجاب الحضور به، و بكلامه العذب فدامت المحاضرة إلى غاية صلاة العصر، توجّه بعدها إلى أحد المطاعم الراقية، باحثا عن أكل حلال، كانت ملامحه توحي بإسلامه، فتكفّل به أحد العاملين هناك حيث قدّم له ما أراد، و انصرف. اطمأنّ الشّيخ الورع لكون العامل رجلا، و لا وجود لفتنة النّساء، فسمّى الله و بدأ الأكل بيمينه، و ما هي إلاّ لحظات حتّى طوّقته شقراء لا تقلّ عريا عن سابقاتها، تلفّ ذراعيها حول عنقه، محدّقة بعينيه، ففزع، و قام مسرعا كأنّما رأى شبحا، و جعل من نفسه أضحوكة و سخرية بين الحاضرين، سارع إلى الباب و لم يبال بهم فتبعته تركض خلفه تلاها العامل يطلب الحساب فأعطاه ما وجد بجيبه، و لم ينتظر منه الباقي، و انصرف بخطى مسرعة يبحث عن تاكسي، و الرّشيقة الأنيقة تتبعه لتوقع به، و لم تتركه حتّى عرفت مكان إقامته.
في اليوم الموالي جهّزت نفسها و تعطّرت له، و بقيت في انتظاره أمام الفندق إلى أن خرج، فتبعته بحذر حتّى وصل إلى مكان عمومي، عندها حيّته و سألته إن كان يريد أيّ خدمة، فردّ التّحية و شكرها، و اعتذر مغادرا، دعته حينها لتناول القهوة معها فرفض، لكنّها أصرّت و ألّحت عليه أن يقبل، و لمّا يئست منه أثارته ببعض الإهانات للإسلام و المسلمين المتعصّبين عندها قرّر أن يشرح، و يوضح لها المعنى الحقيقي للإسلام لعلّها تهتدي على يده، فكانت تنصت لكلامه حتّى النّهاية، ثمّ أبدت له إعجابها به و بهذا الدّين، و رغبتها في معرفة المزيد عنه، لكنّه اعتذر، و تركها على أمل أن يلتقيا غدا.
في اليوم الموالي انتظرته في نفس المكان، و تكرّرت لقاءاتهما، إلى أن تعلّق كلّ منهما بالآخر، ثمّ عرض عليها الزّواج، فوافقت دون تردّد، و سعد كثيرا بها لكنّه تعب في إقناعها للنّطق بالشّهادتين، و عادا معا إلى بلده، و السّعادة تغمره لفوزه بالزّواج من الفاتنة الّتي هداها للإسلام كما يقول.
كانت الزّوجة الوفية التّقية، المسلمة العربية تنتظر عودته بفارغ الصّبر، و أطفاله يتلهّفون لرؤيته محمّلا بالهدايا، لكنّه دخل عليهم بهدية أجنبية، ممّا أثار غضب زوجته فعجزت عن الكلام، و لم تصدّق ما ترى و بقيت ترمقه بعينين دامعتين، تخفيان الكثير من اللّوم و العتاب، فهي الّتي صانته في غيابه، و حفظت بيته حتّى عودته، و صبرت عليه و اقتسمت الحلو و المرّ معه استبدلها اليوم بغيرها، هذا ما كانت تقوله في نفسها مردّدة : "فعلا إن كيدكّن عظيم". وقف الأطفال يحدّقون في منظر الوالدين، و الأب الّذي قطع فرحتهم بالدّخيلة. بينما حاول هو إقناع زوجته بشتّى الطّرق موضحا لها الهدف من زواجه، و يدعوها لتشاركه الأجر و الثّواب بإعانته على تعليم الضـّــــــــــــرة المــــــــرّة مبادئ الإسلام لتتفقّه في الدّين، فهو بالطّبع يحبّ لها ما يحبّ لنفسه، لأنّها أم أولاده، و يحبّ لها ما يحبّ لنفسه، ازداد غضب الزّوجة و ثارت ثائرتها فغادرت البيت رفقة أطفالها تاركة المجال أمام المستوطنة الأجنبية، ذات الأخلاق الغربية، و الديانة الإسلامية، الّتي راحت تمارس المسيحية في منتهى السّرية.
غضب الزّوج من تصرّفات زوجته التّي تحرمه من حقّه، فلم يجد سبيلا للإنتقام سوى تغيير محتوى محاضراته و دروسه، من الحثّ على الجهاد، و مناصرة رسول الله ــ صلّى الله عليه و سلّم ــ إلى الحثّ، و التّشجيع على تعدّد الزّوجات لإنجاب أكبر عدد من البنين و البنات، يرثونهم بعد الوفاة "فالمال و البنون زينة الحياة الدنيا"، هذا ما كان يقوله باستمرار اقتداء بسنّة نبينا الحبيب ــ عليه الصّلاة و السّلام ــ و هكذا أنسته الشّقراء مهمّته، فأعرض عن مقاطعة أهلها الّذين أصبحوا أخوالا لأطفاله، و لابدّ من صلة الرّحم. بينما ضاع أطفاله من الزّوجة الأولى بين الفتن و الشّهوات، و المخدّرات لغفلته و غيابه و انشغاله عنهم.
وأعجب الشّباب المسلم بالفكرة، الّتي استغلّها كلّ واحد لمصلحته، فاقتدوا به للتّخلص من حياة الفقر و الحرمان، و العيش بعيدا عن ضغوطات المجتمع الإسلامي حيث يحلو السّمر و السّهر فكلّ شيء مباح، تحت شعار في سبيل نشر الدّعوة بالتّدريج، و تحوّل كل واحد إلى مفتي يحلّل لنفسه، و يحرّم على غيره ما يشاء حسب ما يمليه عليه هواه، ولم يفكّروا بعدها في أمور المسلمين، أو الدّفاع عن نبي الحقّ ــ عليه أفضل الصّلاة و أزكى السّلام ــ الّذي ضحّى بأغلى ما يملك من أجل أن يترك لنا ما إن تمسّكنا به لن نضلّ من بعده أبدا، فآثر الشّفاعة على الغنى، و الشّهوات الزّائلة، و أعطى الأولوية للجهاد، ثمّ سعى إلى خدمة و صيانة المرأة فأباح التّعدد لحماية الأرامل، و التكفّل باليتامى، و كان شبابه أعظم هدية يقدّمها للمرأة بزواجه من أمّ المؤمنين خديجة بنت خويلد، تلتها هدايا و وصايا أعظم للمرأة، و لم يقدّم لنفسه شيئا بل عاش فقيرا متواضعا، أعطى كلّ ذرّة من جسمه، و قلبه و عقله للإسلام، و المسلمين بعيدا عن المصالح و الشّخصية و كلّ ما ينسب إليه اليوم، حيث الكلّ يذكر زواجه من أم المؤمنين عائشة، متناسيا غيرها من زوجاته رضي الله عنهم جميعا و أرضاهم ، تحت شعار نساء اليوم لسن كخديجة، لجهلهم بسيرة المصطفى ــ صلّى الله عليه و سلّم ــ الّذي أتمّ مكارم أخلاق خديجة، و غيرها بفضل الإسلام.
فهل سنقتدي به و بإيثاره و ننظر إلى أعلى؟
أم أنّنا سنترك الأهمّ و ننشغل بالعنصرية و التّفاهات الّتي تفرّق صفوفنا، و تشتّت شملنا؟ ليسعد العدو و يحقّق مبتغاه.
و صدق من قال: "ما تفعله امرأة يعجز عنه المدفع و الرّشاش"
و صلّى الله على محمّد و على آله و صحبه أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين
تمكّن الشّيخ الورع من إصلاح بعض شباب مجتمعه، فذاع صيته و اشتهر بفضل المحاضرات، و الدّروس الهادفة الّتي كانت تبثّها له مختلف القنوات الفضائية، عندها بدأ يفكّر في السّفر لنشر تعاليم ديننا الحنيف عبر العالم. ففرح الشّباب العربي بالخبر، و بدأ كلّ منهم يدعو الله أن تكون دولته أوّل من يحطّ بها الشيخ الرّحال، للنّيل من علمه و التّشرف به، لكنّهم صدموا بإعراضه عن الدول العربية، وآثر السّفر إلى إحدى دول الكفر لنشر الدّعوة بين الأقوياء الأغنياء، و بعدها سيقلّدهم و يقتدي بهم الضّعفاء و الفقراء، فغضب بعض العرب و ذكروا سورة عبس، و رحّب البعض بالفكرة مادامت تخدم الإسلام و المسلمين.
جهّز الشّيخ نفسه للسّفر مودّعا زوجته و أطفاله السّتة، و قصره الفخم يرافقه بعض الخدم، في اتّجاه المطار، حيث أقلعت الطّائرة بعد ساعة، و السّعادة تغمره لأنّه مسافر في سبيل الله لنشر العلم، و التّعريف بالمعنى الحقيقي للإسلام، و بقي يفكّر في كيفية استمالة قلوب الكفّار بالمجاملة و حسن المعاملة، إلى أن وصلت الطّائرة إلى البلد المعني، و ما إن وطأت قدماه أرضية المطار حتّى رأى من الفتن ما لم يره من قبل في بلدة الجلباب و النّقاب، فلم يجد أمامه سوى غضّ البصر و الإستغفار، ثمّ توجّه إلى فندق يليق بمقامه ليرتاح، و يبدأ مهمّته في اليوم الموالي، إستلم مفتاح الغرفة و كلّف خادمه الأمين بنقل متاعه، ثمّ استحمّ و استلقى على سرير مريح، حاول النّوم فعاكسه الأرق، وشدّه الفضول إلى مشاهدة شريط الأخبار، ليعرف جديد إخوانه بفلسطين، و العراق، فكانت البداية مع صور لأبشع الجرائم المرتكبة في حقّ أبناء غزّة يعانون من الحصار الصّهيوني. آلمه منظر صبية يئنّون تحت رحمة الجراح، و الكسور على مستوى أجسادهم الصّغيرة في غياب الأطعمة و الأدوية، و دفء الوالدين. تلتها صور لا تقلّ عنها فظاعة لجثث إخواننا، فحمد الله كثيرا على النّعيم الّذي منحه إياه، و لم يجد ما يقدّمه لإخوانه المعذّبين سوى الدّعاء لهم، و غيّر القناة لأنّه لم يتحمّل رؤية المعاناة، و ليته لم يفعل لقد رأى حشود المسلمين من الرّجال و النّساء في مظاهرات بمختلف الدّول العربية رافعين شعارات إسلامية، تسقط من أيديهم أحيانا فيدوسون عليها دون قصد، فسرّه منظرهم، و تأكّد أنّ الإسلام مازال بخير ظنّا منه أنّهم يساندون إخوانهم المعذّبين في العراق و فلسطين، فهذه عادة المسلمين أن يقفوا مع إخوانهم معنويا و لا يترددوا أبدا، داعين الله أن يعجّل بنصرهم، و يفرّج كربتهم، لكنّ الصّحفية قطعت فرحته موضحة أنّ سبب المظاهرات هو تمادي الغرب في إهانة أشرف خلق الله ــ عليه الصّلاة و السّلام ــ داعية المسلمين إلى مقاطعتهم بقرار إجماع العلماء، فاغتاظ الشّيخ الورع، و فرح في نفس الوقت معجبا بالنّصيحة و قرّر المقاطعة في الحال، لكن كيف ذلك؟ فهو في بلد الكفر، لا بأس أن لا يقاطعهم الآن و سيفعل ذلك بعد عودته لبلده، فللضّرورة أحكام، و هو غير ملام مادامت نيته نشر الإسلام. و قرّر أن يلقي في اليوم الموالي محاضرة تندّد بما فعله الغرب يدعو فيها إلى مقاطعتهم حتّى يصل كلامه إلى الشّباب المسلم، و يعملوا به.
كنت أشاهد الأخبار في غرفتي المتواضعة، و قلبي يتمزّق لما أسمع و أرى، فقرّرت أنا أيضا أن أخرج من صمتي و أقف مع النّبي ــ صلّى الله عليه و سلّـم ــ بقلبي كما يفعل الكلّ، و أخرج إلى الشّارع في مظاهرات معهم، أصرخ بأعلى صوتي رافضة الإهانة، و ذلك أضعف الإيمان، قطعت مسافة طويلة للوصول إلى المكان مشيا، لكسب المزيد من الحسنات مقابل الخطوات، لأنّني لا أملك سيارة أجنبية فخمة أتباهى بها أمامهم، لكنّني وصلت متأخّرة لأنّ وقت المظاهرات إنتهى، و المتظاهرون يسارعون في العودة إلى بيوتهم استعدادا لحفل فنّي ساهر يحييه أشهر الفنّانين، و المطربين من مختلف أنحاء العالم، فعدت مطأطاة الرّأس لأنّني لا أعرف حتّى أسماءهم ، لعدم اطّلاعي على حضارة الغرب، و مرتّبي الممتاز لا يكفي لشراء تذكرة الدّخول إلى الحفل، فهذه ليست حفلة عادية، إنّها فريدة من نوعها، كما أنّ ثيابي محلية الصّنع و لا تسمح لي بالإنضمام إلى المتحضّرين زعماء الإستيراد، فاستسلمت للوحدة بغرفتي حتّى لا ينتبه إليّ أحد و يقال عنّي متخلّفة.
و بقي الشّيخ الورع يجهّز نفسه لإلقاء محاضرة ضدّ العدو المهين لنبينا الحبيب ــ عليه الصّلاة و السّلام ــ بعدما تناول عشاء فاخرا، و هذه عادته ليقوى على طاعة و عبادة الله.
استيقظ في اليوم الموالي متأخّرا على غير عادته متحسّرا على صلاة الفجر التّي فاتته، لأنّه لم ينم مبكّرا، فأدّاها بعد طلوع الشّمس و قرأ الأذكار، ثمّ تناول وجبة الإفطار، و سار إلى حديقة عمومية، و ما إن جلس على الكرسي يتأمّل جنّة الله على الأرض حتّى فاجأته ثلاثة فاتنات، شقراوات بملابس شبه عارية، مع صديق على الدّراجة النّارية، ألقين عليه التّحية تتمايلن لإثارته ببعض الحركات الغنية عن التّعريف، كلّ منهنّ تهديه ابتسامتها الخاصّة ليقع في المصيدة، لكنّه لم يبال بهنّ، و انتابه شعور بالخوف من الله و الوقوع في الحرام، فغادر المكان باتّجاه مقهى الألمان. و كم كانت دهشته لما رآه من الإختلاط هناك، فالمقاهي في اعتقاده للرّجال فقط، و لا يسمح للنّساء بدخولها. فغادر قبل أن يجلس، لكنّ الفاتنة منعته من الخروج قبل أن يتناول أيّ شيء، حاول إقناعها يهرب بعينيه من جمالها لكنّها اعتذرت فهي تنفّذ أوامر ربّ العمل، استسلم بعدها لطلبها، و تناول بيبسي ثمّ غادر بسرعة بعدما سدّد الحساب.
توجّه نحو المسجد مباشرة، فوجده مغلقا و لا يفتح إلاّ في أوقات محدّدة تحت حراسة مشدّدة، أدرك حينها أنّ مهمّته أصعب ممّا كان يظنّ، و عاد إلى الفندق, و ما إن دخل حتّى وجد رسالة بانتظاره، فتحها مسرعا، و فرح بمحتواها الّذي يسمح له بإلقاء المحاضرة مع التّقيد ببعض الشّروط الّتي يحدّدها القانون، فتناول الغداء و توجّه إلى المسجد من جديد، حيث أدّى الصّلاة، و ألقى محاضرة تمهيدية عن حسن المعاملة و النّظام في العمل مشيدا فيها ببعض مناقب الغرب، ممّا زاد إعجاب الحضور به، و بكلامه العذب فدامت المحاضرة إلى غاية صلاة العصر، توجّه بعدها إلى أحد المطاعم الراقية، باحثا عن أكل حلال، كانت ملامحه توحي بإسلامه، فتكفّل به أحد العاملين هناك حيث قدّم له ما أراد، و انصرف. اطمأنّ الشّيخ الورع لكون العامل رجلا، و لا وجود لفتنة النّساء، فسمّى الله و بدأ الأكل بيمينه، و ما هي إلاّ لحظات حتّى طوّقته شقراء لا تقلّ عريا عن سابقاتها، تلفّ ذراعيها حول عنقه، محدّقة بعينيه، ففزع، و قام مسرعا كأنّما رأى شبحا، و جعل من نفسه أضحوكة و سخرية بين الحاضرين، سارع إلى الباب و لم يبال بهم فتبعته تركض خلفه تلاها العامل يطلب الحساب فأعطاه ما وجد بجيبه، و لم ينتظر منه الباقي، و انصرف بخطى مسرعة يبحث عن تاكسي، و الرّشيقة الأنيقة تتبعه لتوقع به، و لم تتركه حتّى عرفت مكان إقامته.
في اليوم الموالي جهّزت نفسها و تعطّرت له، و بقيت في انتظاره أمام الفندق إلى أن خرج، فتبعته بحذر حتّى وصل إلى مكان عمومي، عندها حيّته و سألته إن كان يريد أيّ خدمة، فردّ التّحية و شكرها، و اعتذر مغادرا، دعته حينها لتناول القهوة معها فرفض، لكنّها أصرّت و ألّحت عليه أن يقبل، و لمّا يئست منه أثارته ببعض الإهانات للإسلام و المسلمين المتعصّبين عندها قرّر أن يشرح، و يوضح لها المعنى الحقيقي للإسلام لعلّها تهتدي على يده، فكانت تنصت لكلامه حتّى النّهاية، ثمّ أبدت له إعجابها به و بهذا الدّين، و رغبتها في معرفة المزيد عنه، لكنّه اعتذر، و تركها على أمل أن يلتقيا غدا.
في اليوم الموالي انتظرته في نفس المكان، و تكرّرت لقاءاتهما، إلى أن تعلّق كلّ منهما بالآخر، ثمّ عرض عليها الزّواج، فوافقت دون تردّد، و سعد كثيرا بها لكنّه تعب في إقناعها للنّطق بالشّهادتين، و عادا معا إلى بلده، و السّعادة تغمره لفوزه بالزّواج من الفاتنة الّتي هداها للإسلام كما يقول.
كانت الزّوجة الوفية التّقية، المسلمة العربية تنتظر عودته بفارغ الصّبر، و أطفاله يتلهّفون لرؤيته محمّلا بالهدايا، لكنّه دخل عليهم بهدية أجنبية، ممّا أثار غضب زوجته فعجزت عن الكلام، و لم تصدّق ما ترى و بقيت ترمقه بعينين دامعتين، تخفيان الكثير من اللّوم و العتاب، فهي الّتي صانته في غيابه، و حفظت بيته حتّى عودته، و صبرت عليه و اقتسمت الحلو و المرّ معه استبدلها اليوم بغيرها، هذا ما كانت تقوله في نفسها مردّدة : "فعلا إن كيدكّن عظيم". وقف الأطفال يحدّقون في منظر الوالدين، و الأب الّذي قطع فرحتهم بالدّخيلة. بينما حاول هو إقناع زوجته بشتّى الطّرق موضحا لها الهدف من زواجه، و يدعوها لتشاركه الأجر و الثّواب بإعانته على تعليم الضـّــــــــــــرة المــــــــرّة مبادئ الإسلام لتتفقّه في الدّين، فهو بالطّبع يحبّ لها ما يحبّ لنفسه، لأنّها أم أولاده، و يحبّ لها ما يحبّ لنفسه، ازداد غضب الزّوجة و ثارت ثائرتها فغادرت البيت رفقة أطفالها تاركة المجال أمام المستوطنة الأجنبية، ذات الأخلاق الغربية، و الديانة الإسلامية، الّتي راحت تمارس المسيحية في منتهى السّرية.
غضب الزّوج من تصرّفات زوجته التّي تحرمه من حقّه، فلم يجد سبيلا للإنتقام سوى تغيير محتوى محاضراته و دروسه، من الحثّ على الجهاد، و مناصرة رسول الله ــ صلّى الله عليه و سلّم ــ إلى الحثّ، و التّشجيع على تعدّد الزّوجات لإنجاب أكبر عدد من البنين و البنات، يرثونهم بعد الوفاة "فالمال و البنون زينة الحياة الدنيا"، هذا ما كان يقوله باستمرار اقتداء بسنّة نبينا الحبيب ــ عليه الصّلاة و السّلام ــ و هكذا أنسته الشّقراء مهمّته، فأعرض عن مقاطعة أهلها الّذين أصبحوا أخوالا لأطفاله، و لابدّ من صلة الرّحم. بينما ضاع أطفاله من الزّوجة الأولى بين الفتن و الشّهوات، و المخدّرات لغفلته و غيابه و انشغاله عنهم.
وأعجب الشّباب المسلم بالفكرة، الّتي استغلّها كلّ واحد لمصلحته، فاقتدوا به للتّخلص من حياة الفقر و الحرمان، و العيش بعيدا عن ضغوطات المجتمع الإسلامي حيث يحلو السّمر و السّهر فكلّ شيء مباح، تحت شعار في سبيل نشر الدّعوة بالتّدريج، و تحوّل كل واحد إلى مفتي يحلّل لنفسه، و يحرّم على غيره ما يشاء حسب ما يمليه عليه هواه، ولم يفكّروا بعدها في أمور المسلمين، أو الدّفاع عن نبي الحقّ ــ عليه أفضل الصّلاة و أزكى السّلام ــ الّذي ضحّى بأغلى ما يملك من أجل أن يترك لنا ما إن تمسّكنا به لن نضلّ من بعده أبدا، فآثر الشّفاعة على الغنى، و الشّهوات الزّائلة، و أعطى الأولوية للجهاد، ثمّ سعى إلى خدمة و صيانة المرأة فأباح التّعدد لحماية الأرامل، و التكفّل باليتامى، و كان شبابه أعظم هدية يقدّمها للمرأة بزواجه من أمّ المؤمنين خديجة بنت خويلد، تلتها هدايا و وصايا أعظم للمرأة، و لم يقدّم لنفسه شيئا بل عاش فقيرا متواضعا، أعطى كلّ ذرّة من جسمه، و قلبه و عقله للإسلام، و المسلمين بعيدا عن المصالح و الشّخصية و كلّ ما ينسب إليه اليوم، حيث الكلّ يذكر زواجه من أم المؤمنين عائشة، متناسيا غيرها من زوجاته رضي الله عنهم جميعا و أرضاهم ، تحت شعار نساء اليوم لسن كخديجة، لجهلهم بسيرة المصطفى ــ صلّى الله عليه و سلّم ــ الّذي أتمّ مكارم أخلاق خديجة، و غيرها بفضل الإسلام.
فهل سنقتدي به و بإيثاره و ننظر إلى أعلى؟
أم أنّنا سنترك الأهمّ و ننشغل بالعنصرية و التّفاهات الّتي تفرّق صفوفنا، و تشتّت شملنا؟ ليسعد العدو و يحقّق مبتغاه.
و صدق من قال: "ما تفعله امرأة يعجز عنه المدفع و الرّشاش"
و صلّى الله على محمّد و على آله و صحبه أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين
طيور الجنة- وسام العطاء
-
عدد الرسائل : 426
تاريخ الميلاد : 18/06/1993
العمر : 31
الدولة : maroc
المدينة : tinghir
الأوسمة :
احترام قوانين المنتدى :
رد: مناصرة النبي _ صلى الله عليه و سلم
سعي الغرب الى زرع التفرقة بيننا وابعادنا عن ديننا وللاسف يحقق هدفه في كل مرة
تحياتي
amouna-amoura
تحياتي
amouna-amoura
amouna-amoura- عضوة إدارية
-
عدد الرسائل : 1301
تاريخ الميلاد : 21/03/1992
العمر : 32
الدولة : المغرب
المهنة : طالبة
المدينة : قلعة امكونة
الأوسمة :
الدولة :
احترام قوانين المنتدى :
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى