حوار مع الفنانة التشكيليّة فاطمة ملاّل
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
حوار مع الفنانة التشكيليّة فاطمة ملاّل
حوار مع الفنانة التشكيليّة فاطمة ملاّل: أنا أغني على طريقتي.. تماما مثل أيّ عصفور
امرأة أمازيغيّة تقول فطرتها وهويّتها بين إبداع وإبداع.. من عمق التراث وأصالة التاريخ
الأمازيغي العميق تحلج بألوانها وفرشاتها كينونة الذات والمجتمع، خجولة حدّ اجتراح الصمت، هادئة حدّ احتمال بوذي، صادقة حدّ اختلال الكائن والمكان.. الفنانة فاطمة ملاّل، بجمالياتها الخاصة والمتعددة "من الزيّ واللغة والفن وغيرها"، تطلعنا في الحوار التالي على بعض مؤثثات عالمها الصغير...
بداية، إلى أيّ جغرافية تنتمي الفنّانة التشكيليّة فاطمة ملاّل، وما هي أهمّ مميزات هذه الجغرافية؟
- من مواليد قرية أمازيغيّة مغربيّة صغيرة تدعى "تملالت"، تقع على سفح الجنوب الشرقي للأطلس الكبير، تابعة لجماعة أيت سدرات الجبل. تبعد 15 كلم عن مدينة بومالن دادس، في اتجاه امسمرير، وهي قرية معروفة بطبيعتها الآسرة الممتدة عبر مضايق وتضاريس خلاّبة، لا تخلو منها لوحة من لوحاتي.
هل تنتسبين إلى مدرسة فنيّة معيّنة، أم أنّ موهبتك فطريّة، وكيف كانت البدايات؟
- في الحقيقة أنا بعيدة كلّ البعد عن كلّ ما هو أكاديمي، وهو الأمر الذي منح إبداعي طابعا شخصيّا وحميميّا.
انتمائي الفني يسمّيه النقاد بالفن الفطري، لكني أتجاوز كل المقولات لأعانق عشقي الشخصي للإبداع بالريشة والألوان، دون ضغط كيفما كان، إنّ الريشة والألوان والعلامات والرموز هي غذائي الروحي. بدايتي كانت عبر النسيج وصناعة الزرابي الفنية وهو المجال الذي انطلقت منه ملامح تمرّدي وإبداعي حيث كسرت السَّنن المتعارف عليه في تشكيل الزرابي التقليديّة بالمنطقة.
ولاحقا تعرفت على الرسم التشكيلي على الثوب بمساعدة إخوتي الذين يمارسون نفس العشق، وأخصّ بالذكر أخي الفنان والشاعر محمد ملال "أستاذ الفنون التشكيليّة" الذي ألهمني وعلّمني الكثير، بعده كان الفضل لفنانة سويسريّة تدعى Margarith Hasler التي ساعدتني بأفكارها واقتراحاتها كما دعّمت أول معارضي بسويسرا.
هل تلقيت في بداياتك دعما ماديا أو رمزيّا من أفراد أو جهات معينة مثلا؟ وكيف كان تعاطي الأسرة مع موهبتك؟
- منذ البداية وحتى الآن لم يكن لديّ أدنى هاجس مادي، فقد كنت أعمل بكلّ ما أصادفه من مواد، كما أنّ وسائل الرسم كانت متوفرة بفضل إخوتي كما قلت سابقا، وفيما يتعلق بالوالدين فقد شجعاني بشكل كبير.
هل اعترضتك صعوبات وإكراهات معينة باعتبارك امرأة نشأت في مجتمع محافظ مثلا؟
- لم تعترضني والحمد لله أية إكراهات أو صعوبات معينة، في مسيرتي الفنية، صحيح أنّ سفرياتي وحيدة في البدايات إلى سويسرا وإسبانيا مثلا، خلقت لوالدتي بعض الحزن والقلق، لكن إخوتي كانوا سرعان ما يقنعونها ويهدؤونها، وقد كان لأسفاري وعلاقاتي بالخارج صدى طيب في محيطي الاجتماعي، إذ جلبت مثلا مساعدات واستثمارات للمنطقة ولسكان المنطقة خاصة الضعفاء منهم، نساء وأطفالا "توفير أدوات الرسم والملابس والأدوات المدرسية وبعض المشاريع الصغيرة المدرّة للربح".
ما هي أهم التيمات "الموضوعات" التي تميلين إلى الاشتغال عليها؟ ولماذا هذا الاختيار؟
- في الواقع، وجدت نفسي في أسلوب مختلف وبعيد عمّا هو متعارف عليه في المتاحف والرواقات العالميّة، إنه المعيش اليومي القروي، والمجال الجغرافي الذي أتواجد ضمنه، واللذان يسكنان مخيلتي كما لوحاتي، مثلا ستلاحظون في كل أعمالي تقريبا حضور صخور ضخمة ذات تشكيل طبيعي رائع، وهي توجد في الواقع قبالة المنزل الذي أعيش فيه.
كذلك تطغى على أعمالي هيمنة العلامات والرموز المستوحاة من التراث الأمازيغي الذي تؤثث حياتنا اليومية. كل هذا مخلوط برؤية سوريالية ساخنة ومواد محلية مثل التربة والرمل وقطع القماش أو الثوب، هو ما يعطي إبداعي هويته الحقيقيّة.
تبدو روح الغيرة والدفاع عن التراث الأمازيغي واضحة في أعمالك من خلال ما يؤثث اللوحات، هل ترين أنّ الفنّ قادر على احتمال القضايا والتعريف بها؟
- أعشق عميقا العلامات والرموز الأمازيغيّة لأنها اكتشاف ذاتي في التاريخ، ولكني لا أحبّ شحن فنّي بحمولات سياسيّة أو إيديولوجيّة أو أيّ انتماء آخر غير الجمال، لأن ذلك يقتل معنى هذا الفن في العمق. إنني لا أفعل سوى الغناء على طريقتي تماما مثل أيّ عصفور، سواء في لحظات الألم أو في لحظات الفرح.
يؤثث معظم لوحاتك عنصران: امرأة خجولة، مسدلة الأهداب، أو طفولة نزقة أو هما معا. هل الأمر راجع لوضع ما يعيشانه مثلا، أم أنّ هناك سرّا آخر؟
- صحيح أنّ حضور المرأة والطفل القرويّين الأمازيغيين بكل تحركاتهما في رقعة أو مجال الرسم يجعلني أطرح نفس التساؤل، لماذا هم كذلك بالضبط؟ ربما لأنّ المرأة هي الأقرب للعادات والتقاليد والعمل في الحقل وغيرها من الممارسات، وهي الأكثر حركة وتواجدا في حياة القرية وتشعّباتها اليومية.
أماّ الأطفال فكما سمعت من تحليل أخي للوحاتي، يحضرون من خلال اللاوعي الذي يسكنني، بحجة تواجد منزلنا مطلاّ على النهر الذي يخترق المنطقة، وبالتالي فنحن دائمو الإنصات إلى صراخ الأطفال ونزقهم وفرحهم حين يلعبون، وحين يسبحون، وحين يتشاجرون أيضا. وربّما هذا التوظيف للمرأة والطفل يأتي كردّ فعل على وضعية التهميش والنسيان التي تعيشها قرى الجنوب الشرقي عموما.
معلوم أنّك أقمت معارض في العديد من الجغرافيات سواء داخل الوطن أو خارجه، هل تذكرين بعضا منها؟
- لقد كانت تقدّم لي دائما دعوات لإقامة معارضي في مختلف بقاع العالم، كما في عدة جهات داخل المغرب أيضا، وهو الأمر الذي جعلني أتعرف على العالم بشكل أفضل، وأكوّن نفسي، وأصقل موهبتي من خلال التعرف على أساليب اشتغال الفن التشكيلي وتجاربه سواء المشابهة أو المغايرة. وقد عرضت بسويسرا وإسبانيا مرتين، والبحرين والولايات المتحدة الأمريكيّة مرتين، وبطبيعة الحال عرضت في عدة مدن مغربية مثل الصويرة والرباط والبيضاء وورزازات وغيرها، كما كانت لي لقاءات تلفزية مع إذاعة فرنسيّة وأخرى هولنديّة.
هل تتعاطين لأنشطة ثقافية أو اجتماعية أخرى إلى جانب إبداعيّتك التشكيليّة؟
- لقد خصصت جزءا من وقتي للعمل مع أطفال ونساء القرية التي أنتمي إليها من أجل مساعدة من تبدو عليهم أو عليهنّ علامات الإبداع والفن، كما أحضر العديد من الأنشطة الثقافية والفنية بما يتيحه لي الوقت.
ما الأمر الذي تحلم به فاطمة ملال، وتسعى إلى تحقيقه؟
-أحلم برؤية المرأة في القرى العميقة تخرج من محيطها المغلق وتتخلص من الأعمال المجهدة والشاقة التي تمارسها، وهو الأمر الذي يجعلها خاضعة على الدوام، كما أحلم برؤيتها داخل تقاليدها وأعرافها وثقافتها الأصيلة والحقيقيّة بعيدا عن أي تأثير ديني خاطئ وسلبي، أو ما شابه ذلك
العرب أونلاين- سامي دقاقي
من أعمال التشكيلية فاطمة ملال |
الأمازيغي العميق تحلج بألوانها وفرشاتها كينونة الذات والمجتمع، خجولة حدّ اجتراح الصمت، هادئة حدّ احتمال بوذي، صادقة حدّ اختلال الكائن والمكان.. الفنانة فاطمة ملاّل، بجمالياتها الخاصة والمتعددة "من الزيّ واللغة والفن وغيرها"، تطلعنا في الحوار التالي على بعض مؤثثات عالمها الصغير...
بداية، إلى أيّ جغرافية تنتمي الفنّانة التشكيليّة فاطمة ملاّل، وما هي أهمّ مميزات هذه الجغرافية؟
- من مواليد قرية أمازيغيّة مغربيّة صغيرة تدعى "تملالت"، تقع على سفح الجنوب الشرقي للأطلس الكبير، تابعة لجماعة أيت سدرات الجبل. تبعد 15 كلم عن مدينة بومالن دادس، في اتجاه امسمرير، وهي قرية معروفة بطبيعتها الآسرة الممتدة عبر مضايق وتضاريس خلاّبة، لا تخلو منها لوحة من لوحاتي.
هل تنتسبين إلى مدرسة فنيّة معيّنة، أم أنّ موهبتك فطريّة، وكيف كانت البدايات؟
- في الحقيقة أنا بعيدة كلّ البعد عن كلّ ما هو أكاديمي، وهو الأمر الذي منح إبداعي طابعا شخصيّا وحميميّا.
انتمائي الفني يسمّيه النقاد بالفن الفطري، لكني أتجاوز كل المقولات لأعانق عشقي الشخصي للإبداع بالريشة والألوان، دون ضغط كيفما كان، إنّ الريشة والألوان والعلامات والرموز هي غذائي الروحي. بدايتي كانت عبر النسيج وصناعة الزرابي الفنية وهو المجال الذي انطلقت منه ملامح تمرّدي وإبداعي حيث كسرت السَّنن المتعارف عليه في تشكيل الزرابي التقليديّة بالمنطقة.
ولاحقا تعرفت على الرسم التشكيلي على الثوب بمساعدة إخوتي الذين يمارسون نفس العشق، وأخصّ بالذكر أخي الفنان والشاعر محمد ملال "أستاذ الفنون التشكيليّة" الذي ألهمني وعلّمني الكثير، بعده كان الفضل لفنانة سويسريّة تدعى Margarith Hasler التي ساعدتني بأفكارها واقتراحاتها كما دعّمت أول معارضي بسويسرا.
هل تلقيت في بداياتك دعما ماديا أو رمزيّا من أفراد أو جهات معينة مثلا؟ وكيف كان تعاطي الأسرة مع موهبتك؟
- منذ البداية وحتى الآن لم يكن لديّ أدنى هاجس مادي، فقد كنت أعمل بكلّ ما أصادفه من مواد، كما أنّ وسائل الرسم كانت متوفرة بفضل إخوتي كما قلت سابقا، وفيما يتعلق بالوالدين فقد شجعاني بشكل كبير.
هل اعترضتك صعوبات وإكراهات معينة باعتبارك امرأة نشأت في مجتمع محافظ مثلا؟
- لم تعترضني والحمد لله أية إكراهات أو صعوبات معينة، في مسيرتي الفنية، صحيح أنّ سفرياتي وحيدة في البدايات إلى سويسرا وإسبانيا مثلا، خلقت لوالدتي بعض الحزن والقلق، لكن إخوتي كانوا سرعان ما يقنعونها ويهدؤونها، وقد كان لأسفاري وعلاقاتي بالخارج صدى طيب في محيطي الاجتماعي، إذ جلبت مثلا مساعدات واستثمارات للمنطقة ولسكان المنطقة خاصة الضعفاء منهم، نساء وأطفالا "توفير أدوات الرسم والملابس والأدوات المدرسية وبعض المشاريع الصغيرة المدرّة للربح".
ما هي أهم التيمات "الموضوعات" التي تميلين إلى الاشتغال عليها؟ ولماذا هذا الاختيار؟
- في الواقع، وجدت نفسي في أسلوب مختلف وبعيد عمّا هو متعارف عليه في المتاحف والرواقات العالميّة، إنه المعيش اليومي القروي، والمجال الجغرافي الذي أتواجد ضمنه، واللذان يسكنان مخيلتي كما لوحاتي، مثلا ستلاحظون في كل أعمالي تقريبا حضور صخور ضخمة ذات تشكيل طبيعي رائع، وهي توجد في الواقع قبالة المنزل الذي أعيش فيه.
كذلك تطغى على أعمالي هيمنة العلامات والرموز المستوحاة من التراث الأمازيغي الذي تؤثث حياتنا اليومية. كل هذا مخلوط برؤية سوريالية ساخنة ومواد محلية مثل التربة والرمل وقطع القماش أو الثوب، هو ما يعطي إبداعي هويته الحقيقيّة.
تبدو روح الغيرة والدفاع عن التراث الأمازيغي واضحة في أعمالك من خلال ما يؤثث اللوحات، هل ترين أنّ الفنّ قادر على احتمال القضايا والتعريف بها؟
- أعشق عميقا العلامات والرموز الأمازيغيّة لأنها اكتشاف ذاتي في التاريخ، ولكني لا أحبّ شحن فنّي بحمولات سياسيّة أو إيديولوجيّة أو أيّ انتماء آخر غير الجمال، لأن ذلك يقتل معنى هذا الفن في العمق. إنني لا أفعل سوى الغناء على طريقتي تماما مثل أيّ عصفور، سواء في لحظات الألم أو في لحظات الفرح.
يؤثث معظم لوحاتك عنصران: امرأة خجولة، مسدلة الأهداب، أو طفولة نزقة أو هما معا. هل الأمر راجع لوضع ما يعيشانه مثلا، أم أنّ هناك سرّا آخر؟
- صحيح أنّ حضور المرأة والطفل القرويّين الأمازيغيين بكل تحركاتهما في رقعة أو مجال الرسم يجعلني أطرح نفس التساؤل، لماذا هم كذلك بالضبط؟ ربما لأنّ المرأة هي الأقرب للعادات والتقاليد والعمل في الحقل وغيرها من الممارسات، وهي الأكثر حركة وتواجدا في حياة القرية وتشعّباتها اليومية.
أماّ الأطفال فكما سمعت من تحليل أخي للوحاتي، يحضرون من خلال اللاوعي الذي يسكنني، بحجة تواجد منزلنا مطلاّ على النهر الذي يخترق المنطقة، وبالتالي فنحن دائمو الإنصات إلى صراخ الأطفال ونزقهم وفرحهم حين يلعبون، وحين يسبحون، وحين يتشاجرون أيضا. وربّما هذا التوظيف للمرأة والطفل يأتي كردّ فعل على وضعية التهميش والنسيان التي تعيشها قرى الجنوب الشرقي عموما.
معلوم أنّك أقمت معارض في العديد من الجغرافيات سواء داخل الوطن أو خارجه، هل تذكرين بعضا منها؟
- لقد كانت تقدّم لي دائما دعوات لإقامة معارضي في مختلف بقاع العالم، كما في عدة جهات داخل المغرب أيضا، وهو الأمر الذي جعلني أتعرف على العالم بشكل أفضل، وأكوّن نفسي، وأصقل موهبتي من خلال التعرف على أساليب اشتغال الفن التشكيلي وتجاربه سواء المشابهة أو المغايرة. وقد عرضت بسويسرا وإسبانيا مرتين، والبحرين والولايات المتحدة الأمريكيّة مرتين، وبطبيعة الحال عرضت في عدة مدن مغربية مثل الصويرة والرباط والبيضاء وورزازات وغيرها، كما كانت لي لقاءات تلفزية مع إذاعة فرنسيّة وأخرى هولنديّة.
هل تتعاطين لأنشطة ثقافية أو اجتماعية أخرى إلى جانب إبداعيّتك التشكيليّة؟
- لقد خصصت جزءا من وقتي للعمل مع أطفال ونساء القرية التي أنتمي إليها من أجل مساعدة من تبدو عليهم أو عليهنّ علامات الإبداع والفن، كما أحضر العديد من الأنشطة الثقافية والفنية بما يتيحه لي الوقت.
ما الأمر الذي تحلم به فاطمة ملال، وتسعى إلى تحقيقه؟
-أحلم برؤية المرأة في القرى العميقة تخرج من محيطها المغلق وتتخلص من الأعمال المجهدة والشاقة التي تمارسها، وهو الأمر الذي يجعلها خاضعة على الدوام، كما أحلم برؤيتها داخل تقاليدها وأعرافها وثقافتها الأصيلة والحقيقيّة بعيدا عن أي تأثير ديني خاطئ وسلبي، أو ما شابه ذلك
العرب أونلاين- سامي دقاقي
simo- نائب المدير
-
عدد الرسائل : 1173
تاريخ الميلاد : 07/08/1989
العمر : 35
الدولة : maroc
المهنة : تلميد
المدينة : مكونة
رقم عضويه : 3
الأوسمة :
الدولة :
احترام قوانين المنتدى :
رد: حوار مع الفنانة التشكيليّة فاطمة ملاّل
tanmmirt attas = شكرا جزيلا
yufra- شكر و تقدير
-
عدد الرسائل : 847
تاريخ الميلاد : 08/10/1989
العمر : 35
الدولة : tamazirt ne mma
المدينة : kalaa m'gouna
الأوسمة :
الدولة :
احترام قوانين المنتدى :
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى