التعايش بين الأديان : كيف ؟ ولماذا ؟
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
التعايش بين الأديان : كيف ؟ ولماذا ؟
]التعايش بين الأديان : كيف ؟ ولماذا ؟ : [
قلنا إن التعايش هو ضربٌ من التعاون الذي يقوم على أساس الثقة والاحترام المتبادلين، والذي يهدف إلى غايات يتفق عليها الطرفان، أو الأطراف التي ترغب في التعايش، وتمارسه عن اقتناع وطواعية، وباختيار كامل. فكيف يتم هذا التعايش ؟ ما أساليبه وطرقه ووسائله ؟ ما قنواته ؟ ثم، ما أهدافه وغاياته ؟. يتعيّن علينا بادىء الأمر، أن نؤكد تأكيداً جازماً، أن التعايش الذي نفهمه، ونؤمن به، والذي نرحب بالتعاون من أجل إقراره، لا يعنى بأية حال من الأحوال، تمييع المواقف، وخلط الأوراق، ومزج العقائد وتذويبها وصبّها في قالب واحد، حتى وإن زعموا أنه قالبٌ إنسانيٌّ في الصميم. ذلك أن أصحاب العقائد السليمة لا يقبلون هذا الخلط المريب الغامض، ويرفضون ـ رفضاً بصيراً واعياً ـ أن يفرطوا في خصوصياتهم ومقوّماتهم وقيمهم، خشية أن يوصموا بالتعصب، أو حتى يظفروا بصفة التحرّر من العقد المركبة. إن التعايش الذي يُسلب المسلم هويتَه، ويجعل توازنَه يختلُّ، وكيانَه يهتزّ، هو ليس بتعايش، وإنما هو غشّ، واحتيال، وتضليل.
أما إذا كان التعايش، هو أن يحتفظ كلُّ طرف بدينه كاملاً غير منقوص، ويتشبث بمكوّنات هويته وافرةً غير مثلوبة، كان هو عين القصد، وجوهر التعامل الذي نسعى إلى إقامته مع غير المسلمين.
إن التعايش بين المسلمين وبين غيرهم من أهل الأديان، ينبغي أن ينطلق من الثقة والاحترام المتبادلين، ومن الرغبة في التعاون لخير الإنسانية، في المجالات ذات الاهتمام المشترك، وفيما يمسّ حياة الإنسان من قريب، وليس فيما لا نفع فيه، ولا طائل تحته.
ولعلَّ الإطار الذي رسمه الشيخ محمد الغزالي يرحمه اللَّه للتعايش، يمثّل في رأينا، الصيغة المثلى لتحديد صورة هذا التعايش بين المسلم وبين غير المسلم، فقد وضع، ثلاثة مبادىء للتعايش والحوار، هي :
أولاً : الاتفاق على استبعاد كل كلمة تخدش عظمة اللَّّه وجلاله، فأنا وأنت متفقان على أن الله قد أحاط بكل شيء علماً، وأنه لا يُعجزه شيءٌ في السماوات ولا في الأرض، وأن رحمته وسعت كلَّ شيء، وأنه ليس متصفاً بالنقائص والعيوب التي تشيع بين البشر ...الخ.
ثانياً : الاتفاق على أن اللَّه يختار رسله من أهل الصدق والأمانة والكياسة.
ثالثاً : ما وجدناه متوافقاً في تراثنا نرُدُّ إليه ما اختُلِفَ فيه، وبذلك يمكن وضع قاعدةٍ مشتركةٍ بين الأديان (42).
من هذه القاعدة يمكن أن ننطلق، على سبيل المثال لا الحصر، في اتجاه تعميق البحث العلمي في إطار جهود مشتركة للوصول إلى نتائج تدعم أسس التعايش الذي هو في البدء والختام، التعاونُ بين المؤمنين في الأرض على ما فيه الخيرُ والصلاح للإنسانية جمعاء. والبحثُ العلميُّ النزيهُ عن اتصال الأديان وآثار ذلك الاتصال، خطوةٌ صالحةٌ، في سبيل السلام العالمي، والأخوة الإنسانية، التي سَمَتْ إليها الروح الدينية العالية، وحلمت بها الفلسفة منذ شروق شمس الحياة الفكرية، ثم لا تزال تتطلّع إليها العناصر الكريمة في الحياة العاملة، وهو بحثُ يوسّع أفق المتدينين، ويدفعهم من التديّن إلى أطهر معانيه، على حين هو في الوقت نفسه، واجبٌ علميٌّ لخدمة الحقيقة، يتولاه الباحثون في تاريخ الأديان، ومقارنتها(43).
والاشتراك في جهود علمية ثقافية في هذا المجال، يعود بالفائدة على المؤمنين جميعاً، لأن هذه الجهود تصبُّ في اتجاه تعميق التفاهم بين أهل الأديان، وإشاعة القيم الإنسانية في أوساطهم، وإقامة جسور للتقارب الإنساني الذي يعلو على التقارب الفكري والثقافي.
والتعاون بين الأديان في المحافظة على سلامة البيئة، وفي محاربة الأمراض الخطيرة، وفي القضاء على التفرقة العنصرية، وفي رفع الظلم عن الشعوب والطوائف والفئات التي تتعرض للاضطهاد، هو مجالٌ واسعٌ للتعايش بين المؤمنين.
كذلك ينبغي أن يشمل التعايش بين الأديان العملَ المشترك لمحاربة الإلحاد، والانحلال الخلقي، وتفكك الأسرة، وانحراف الأطفال، ومقاومة كل الآفات والأوبئة التي تتهدّد سلامة كيان الفرد والجماعة، وتضر بالحياة الإنسانية.
ويجب أن يتسع مفهومُ التعايش بين الأديان للقضاء على أسباب التوتر واضطراب حبل الأمن والسلام وعدم الاستقرار في أنحاء عديدة من العالم، مثل فلسطين، والبوسنة والهرسك، وإقليم كوسوفو، وكشمير، والفليبين، وفي مناطق كثيرة في أفريقيا وآسيا، فيكون العمل في هذا النطاق تعايشاً نافعاً ومُجدياً وذا تأثيرٍ في حياة الناس وواقعهم المعيش. وبذلك يصير التعايش بين الأديان وسيلةً فعالة لدعم جهود المجتمع من أجل السلام وإقامة العلاقات السليمة بين الشعوب والأمم في ظلّ سيادة القانون الدولي، واحترام حقوق الإنسان، وإقرار الحريات الأساس المنصوص عليها في المواثيق والعهود والأوفاق الدولية.
وينبغي أن يتجه التعايش بين الأديان نحو إنصاف المظلومين والمقهورين في الأرض جميعاً من دون استثناء، وإلزام كل من يمارس الظلم والقهر والإرهاب على مستوى الدولة أو على مستوى الأفراد والجماعات، باحترام أحكام القانون الدولي، والانصياع إلى تعاليم الأديان السماوية. ولا يجوز أن يُخرج التعايش بين الأديان من نطاق اهتماماته، محاربةَ الظلم والعدوان والاستيلاء على أراضي الغير بالقوّة، تحت أية دعوى من الدعاوي، أو مهادنة الجهة التي ترتكب هذه الجرائم بحجة عدم الخوض في المسائل السياسية، فمن أهداف التعايش بين الأديان، العملُ على إقرار مبادئ الحق والعدل واحترام كرامة الإنسان من حيث هو إنسان وكفى. فهذه المبادئ والتعاليم هي القاسم المشترك بين جميع الأديان.
ويجب أن يكون التعايش بين الأديان دعماً للجهود الخيّرة التي يبذلها المجتمع الدولي من أجل التعايش الحضاري والثقافي بين الأمم والشعوب، وأن يكون قوّة دفع لهذه الجهود نحو تطويرها، وإغنائها، وتعميمها. وحتى يكون التعايش بين الأديان في خدمة السلام العادل، يجب أن تتحرّر الأطراف المشاركة فيه، من كل القيود والضغوط والارتباطات التي تتعارض ومبادئ هذا التعايش وأهدافه.
إن هناك تأثيراً واضحاً لليهودية الصهيونية على بعض الأطراف المسيحية، تتجلى مظاهرهُ في مواقف عديدة تصبُّ جميعُها في الاتجاه المناهض للحقائق التاريخية. وعلى سبيل المثال، ظهرت في بريطانيا أولاً، ثم في الولايات المتحدة الأمريكية حركات دينية مسيحية إنجيلية، أهمها وأقـــواها هي ما يُعرف بالحــركــة التدبيرية ـ DISPENSATIONALISM ـ وهذه الحركة تؤمن بأن في الكتاب المقدس، وخاصة في سفر حزقيال، وسفر الرؤيا، وسفر يوحنا، نبوءات واضحة حول الوصايا التي يحدّد اللَّه فيها كيفية تدبير شؤون الكون ونهايته : عودة اليهود إلى فلسطين، قيام إسرائيل، وقوع محرقة "هَرْمَجَدُّون" النووية، انتشار الخراب والدمار ومقتل الملايين، وظهور المسيح المُخَلِّص، مبادرة من بقى من اليهود إلى الإيمان بالمسيح، انتشار السلام في مملكة المسيح مدة ألف عام. وهي حركة تضم أكثر من أربعين مليون أمريكي، وكان من بين أعضائها الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان، وتسيطر هذه الحركة على قطاع واسع من المنابر الإعلامية الأمريكية، وبصور ة خاصة المتلفزة، ويشارك قادتُها كبارَ المسؤولين الأمريكيين في البيت الأبيض، والبنتاغون، ووزارة الخارجية، في صناعة قراراتهم السياسية والعسكرية من الصراع العربي ـ الصهيوني. وأتباع هذه الحركة يؤمنون بأن اليهود هم شعب اللَّه المختار، وبحقّ اليهود في التجمّع في أرض فلسطين. وهذه الحركة هي الأساس الراسخ للصهيونية المسيحية(44).
وعلى الرغم من أن هناك كنائس مسيحية كاثوليكية في الدرجة الأولى، وحتى كنائس إنجيلية، مثل الكنيسة المشيخية (بالإضافة إلى الكنائس الشرقية الأرثوذكسية)، تنبذ هذه الأفكار وتعتبرها دخيلةً على المسيحية ومُقوِّضة لأركانها الإيمانية(45)، فإن قوّة هيمنة هذه الحركة في الولايات المتحدة الأمريكية، تجعلها نافذة وقادرة على الانتقال والتوسّع والامتداد، وإن كان في أشكال مختلفة. وقد رأينا في الفترة الأخيرة كيف أن الفاتيكان قد اتخذ قرارات تاريخية بإزاء اليهود تدخل في صميم العقيدة المسيحية المتوارثة جيلاً بعد جيل، وهي قرارات تخدم في المقام الأول السياسيةَ الصهيونية.
من أجل هذا كلّه، ينبغي الحذر من أن يقع التعايش بين الأديان تحت تأثير مثل هذه الحركات والأفكار التي تبرأ منها المسيحية، والتي تخدم أهدافاً سياسية خطيرة تتعارض مع الأهداف الإنسانية النبيلة، لأن أي طرف مسيحي يشارك ويندمج في التعايش بين الأديان، يقع تحت تأثير مثل هذه الحركات ــ التي يحقّ لنا أن نصفها بأنها هدَّامةٌ للتعايش من حيث هو ــ من شأنه أن يعرّض كلَّ جهد يبذل في هذا المجال للخطر، بأن يفقده جدواه ويفرغه من قيمته ويسلبه أهميته.
إن التعايش بين الأديان، الذي هو في الوقت نفسه تعايُشٌ بين الثقافات والحضارات، إن لم يكن الهدف منه خدمة الأهداف السامية التي يسعى إليها الإنسان، ضاع المعنى الإيجابي منه، وصار إلى الدعاية واللجاجة، أقرب منه إلى الصدق والتأثير في حياة الإنسان المعاصر. ومن أجل ذلك، يتوجب علينا نحن المسلمين، أن ندقّق في الأغراض والمرامي التي تنطوي عليها الدعوات التي تصدر عن بعض الأطراف إلى الحوار مع الأديان والثقافات والحضارات، والتي تدعونا إلى التعايش مع أهل هذه الأديان والمنظومات العقائدية، حتى لا نكون ضحية للغشّ الثقافي والديني، الذي هو أشدّ خطراً وأقوى أثراً وأسوأ عاقبةً، من الغشّ التجاري والصناعي.
إننا، ومن واقع تقديرنا للمخاطر التي تتهدّد البشرية في هذه المرحلة من التاريخ، نؤمن بأن التعايش مع الأديان بصفة خاصة، ضرورةٌ من الضرورات الملحة التي يفرضها الحفاظُ على سلامة الكيان الإنساني، ويُمليها الحرصُ المشترك على البقاء الحرّ الكريم فوق هذا الكوكب.
ولا يخامرنا شك في أن التعايش بين الأديان، سيكون أشدّ إلحاحاً في المستقبل القريب، لما يبدو لنا من مؤشّرات في الأفق تؤكّد جميعُها على أن القرن الحادي والعشرين، سيعرف أزمات شديدة الوطء على المستوى السياسي والاقتصادي، وعلى الصعيد الحضاري والثقافي معاً. وفي مثل هذا المناخ، تتضاعف أهميةُ رسالة الأديان السماوية، وتَتَعَاظَمُ مسؤولية المؤمنين في الدّفع بالتعايش بين الأديان نحو الاتجاه الصحيح، عملاً بالتوجيه الربَّاني في قوله تعالى { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم، ألا نعبد إلاَّ اللَّه، ولا نشرك به شيئاً، ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون اللَّه، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنَّا مسلمون }(46).
ويمكن لنا أن نستنبط من هذه الآية الكريمة القاعدة الشرعية التي تحدّد موقف الإسلام من التعايش بين الأديان. إن (كلمة سواء) التي أمر اللَّه سبحانه وتعالى نبيّه محمداً صلى اللَّه عليه وسلم، بأن يدعو أهل الكتاب إليها، يأتي بيانُها المفصَّلُ في ثلاثة أمور رئيسَة، هي إن كانت تدور حول التوحيد والإقرار بالربوبية والألوهية للَّه عزَّ وجل، فإن الحسّ المؤمن يستمدّ منها معاني وإشارات ذات علاقة بواقع الناس في معاشهم وحياتهم، وهي :
أولاً : ألاَّ نعبد إلاَّ اللَّه؛
ثانياً : ولا نشرك به شيئاً؛
ثالثاً : ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون اللَّه.
فهذه الآية هي القاعدة الذهبية للتعايش بين الأديان، لأنها تدعو إلى إفراد اللَّه بالعبودية، وإلى عدم الإشراك به، وإلى رفض الطغيان والجبروت والكبرياء وفرض الهيمنة، وذلك بأن يتخذ الناس بعضهم بعضاً أرباباً من دون اللَّه، يستوحون منهم التعاليم والمبادئ، أو يخشونهم، أو يخضعون لما يملكونه من قوّة باطشة، مما يؤدي إلى خلل في الكيان الإنساني، وإلى الفوضى في العالم. فليكن التعايش بين الأديان إذن، من أجل اللَّه وحده لا شريك له، ومن أجل الحياة الإنسانية الحرّة الكريمة، في ظلّ الإيمان والخير والفضيلة وما فيه مصلحةُ الإنسان في كلّ الأحوال.
idrissi- الحضور المميز
-
عدد الرسائل : 140
تاريخ الميلاد : 27/08/1985
العمر : 39
الدولة : maroc
المهنة : tngi
المدينة : fes
رقم عضويه : 17
رد: التعايش بين الأديان : كيف ؟ ولماذا ؟
في مفهوم التعايش :
لا يستقيم لنا الأمر في بحث العلاقة بين الإسلام والتعايش بين الأديان، ما لم نحدّد بدقّة، مفهوم التعايش اصطلاحاً، باعتبار أن التعايش هو المحورُ الرئيسُ للقضية موضوع الدراسة برمتها. بالرجوع إلى الدلالة اللغوية للتعايش، التي هي الأصل في اشتقاق الإصطلاح، نجد في المعجم الوسيط، تعايشوا : عاشوا على الألفة والمودّة، ومنه التعايش السلمي، وعَايَشَه : عاش معه. والعيش معناه الحياة، وما تكون به الحياة من المطعم والمشرب والدخل(1).
وإذا دقّقنا في مدلولات مصطلح التعايش (COEXISTENCE) الذي شاع في هذا العصر، والذي ابتدأ رواجُه مع ظهور الصراع بين الكتلتين الشرقية والغربية اللتين كانتا تقسمان العالم إلى معسكرين متناحرين قبل سقوط سور برلين وانهيار الاتحاد السوفياتي، ـ نجد أن البحث في مدلول هذا المصطلح يقودنا إلى جملةٍ من المعاني مُحَمَّلةٍ بمفاهيمَ تتضارب فيما بينها، ولكن يمكن تصنيفُها إلى مستويات ثلاثة :
المستوى الأول : سياسي، إيديولوجي، يحمل معنى الحدّ من الصراع، أو ترويض الخلاف العقائدي بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي في المرحلة السابقة، أو العمل على احتوائه، أو التحكُّم في إدارة هذا الصراع بما يفتح قنوات للاتصال، وللتعامل الذي تقتضيه ضرورات الحياة المدنية والعسكرية. وقد عُرف التعايش، أول ما عُرف، على هذا المستوى الأول.
المستوى الثاني : اقتصادي، يرمز إلى علاقات التعاون بين الحكومات والشعوب فيما له صلةٌ بالمسائل القانونية والاقتصادية والتجارية، من قريب أو بعيد.
المستوى الثالث : ديني، ثقافي، حضاري، وهو الأحدث، ويشمل ـ تحديداً ـ معنى التعايش الديني، أو التعايش الحضاري. والمرادُ به أن تلتقي إرادةُ أهل الأديان السماوية والحضارات المختلفة في العمل من أجل أن يسود الأمنُ والسلام العالم، وحتى تعيش الإنسانية في جوّ من الإخاء والتعاون على ما فيه الخيرُ الذي يعمّ بني البشر جميعاً، من دون استثناء.
وعلى هذا المستوى الثالث، وعلى ضوء المفهوم المحدَّد الذي نستخلصه منه، نتعامل مع مصطلح التعايش، وننظر في أبعاده ومراميه.
لقد وضح لنا من تأمّلنا في هذه الدلالات جميعاً، أن التعايشَ الدينيَّ، أو بعبارة أدقّ، التعايش بين الأديان، يستند إلى أسس أربعة، هي :
الأساس الأول : الإرادة الحرّة المشتركة، بحيث تكون الرغبةُ في التعايش نابعةً من الذات، وليست مفروضةً تحت ضغوط، أيّاً كان مصدرها، أو مرهونةً بشروط، مهما تكن مسبباتها.
الأساس الثاني : التفاهم حول الأهداف والغايات، حتى لا يكون التعايش فارغاً من أي مدلول عملي، أو لا يحقّق الفائدة للطرفين، بحيث يكون القصدُ الرئيسُ من التعايش، هو خدمةَ الأهداف الإنسانية السامية وتحقيقَ المصالح البشرية العليا، وفي مقدمتها استتبابُ الأمن والسلم في الأرض، والحيلولةُ دون قيام أسباب الحروب والنزاعات، وردعُ العدوان والظلم والاضطهاد الذي يلحق بالأفراد والجماعات، واستنكارُ كلِّ السياسات والممارسات التي تُهضم فيها حقوقُ الشعوب، على أي مستوى من المستويات، ومحاربةُ العنصرية والعرقية واستعلاء جنس على جنس، تحت أية دعوى من مثل هذه الدعاوى المتهافتة المردودة الباطلة.
الأساس الثالث : التعاون على العمل المشترك من أجل تحقيق الأهداف المتفق عليها، ووَفقاً لخطط التنفيذ التي يضعها الطرفان الراغبان في التعايش، المصمِّمان عليه.
الأساس الرابع : صيانة هذا التعايش بسياج من الاحترام المتبادل، ومن الثقة المتبادلة أيضاً، حتى لا ينحرف التعايش عن الخط المرسوم، لأي سبب من الأسباب، وحتى لا تُغلَّب مصلحةُ طرفٍ على مصلحة الطرف الثاني، مهما تكن الدواعي والضغوط، وذلك بأن يتمَّ الاحتكام دائماً إلى القواسم المشتركة، وإلى القدر المشترك من القيم والمثل والمبادئ التي لا خلاف عليها ولا نزاع حولها، يُعزِّز هذا النزوعَ الالتزامُ من الجانبين بما اجتمعت عليه إرادةُ المجتمع الدولي، من مبادئ قانونية استوحاها تطوّرُ الفكر السياسي الإنساني من قيم الأديان السماوية عبر تراكم المعرفة طوال حقب التاريخ.
لقد عرف، في السياسة الدولية، مصطلح (التعايش السلمي) الذي يعني قيام تعاون بين دول العالم على أساسِ من التفاهم وتبادل المصالح الاقتصادية والتجارية. وقد ظهر هذا المصطلح بعد الحرب العالمية الثانية وانقسام العالم إلى معسكرين راحا يتناحران على أساس عقائدي. ومما ساعد على إبراز الدعوة إلى سياسة (التعايش السلمي) الفزعُ الذَّري بعد أن أصبحت القنبلة النوويّة، وهي أداة الدمار الشامل، مشاعةً بين دول المعسكرين. وبعد قيام الجبهة الثالثة وهي مجموعة دول الحياد الإيجابي، أو عدم الانحياز، أكدت الرغبةَ في أن يكون التعايش السلميّ هو السبيل إلى تنسيق العلاقات الدولية في العالم، وإلى نبذ الحرب الباردة وسياسة حافة الهاوية والتلويح باستخدام معدّات الدمار الشامل(2).
وتذهب (الموسوعة السياسية) إلى أن أول من أطلق شعار التعايش السلمي (PEACIFUL COEXISTENCE)، هو نيكيتا خروتشوف، الذي كان لا يعني به تراجعَ بلده الاتحاد السوفياتي عن تحقيق أهدافه المعلنة، بقدرما كان يعني به محاولته تحقيق تلك الأهداف بطريقة تنسجم مع مقتضيات التغيّرات التي طرأت على المسرح الدولي، كوجود ما يُعرف بتوازن الرعب، كما تذهب إلى أن الغرب يُؤْثِرُ أن يكون المقصود بالتعايش السلمي هو ما يُطلق عليه : (عِشْ وَدَعْ غيَرك يَعِشْ أيضاً)(3).
وهذا المفهوم، كما يبدو، مغايرٌ للمفهوم الأول، من حيث الهدف السياسي والمذهبي في المقام الأول.
غير أننا إذا استندنا إلى المفهوم الأول، ونقلناه إلى مجال التعاون بين الأديان، أمكن لنا أن نقول إن التعايش بين الأديان، إذا تمَّ في حدود هذه المستويات، وقام على هذه الأسس، كان ضرورةً من ضرورات الحياة على هذه الأرض، تستجيب للدواعي الملحة لقاعدة جلب المنافع ودرء المفاسد، وتلبّى نداء الفطرة الإنسانية السويّة للعيش في أمن وسلام وطمأنينة، حتى ينصرف الإنسانُ في دعة وسكينة، إلى تعمير الأرض، بالمعنى الحضاري والإنساني الواسع لهذا التعمير.
فالتعايش، بهذا الفهم الموضوعيّ لطبيعته ولرسالته، هو اتفاقُ الطرفين على تنظيم وسائل العيش ـ أي الحياة ـ فيما بينهما وفق قاعدة يحدّدانها، وتمهيد السبل المؤدّية إليه، إذ أن هناك فارقاً بين أن يعيش الإنسان مع نفسه، وبين أن يتعايش مع غيره، ففي الحالة الأخيرة يقرّر المرء أن يدخل في عملية تَبَادُلِيَةٍ مع طرف ثانٍ، أو مع أطراف أخرى، تقوم على التوافق حول مصالح، أو أهداف، أو ضرورات مشتركة.
ولا يخرج مفهوم التعايش بين الأديان، عن هذا الإطار العام، بأية حال من الأحوال، وإلاَّ فقد خصوصياته، وانحرف عن غاياته، وهذا ما يحتّم وجود قاعدة ثابتة يقوم عليها التعايش بين الأديان. وهو أمرٌ له صلةٌ وثيقةٌ برسالة كلِّ دين من هذه الأديان، وبالمبادئ التي يقوم عليها، وبالقيم والمثل التي يدعو إليها.
وهنا يتعيّن علينا أن نأتي على بيان مختصر مركّز لخصائص الإسلام، ولجوهر مبادئه الداعية إلى الإخاء الإنساني، في مدلولاته العميقة وآفاقه الرحبة.
2maroc- شكر و تقدير
-
عدد الرسائل : 10
تاريخ الميلاد : 27/02/1987
العمر : 37
الدولة : tunise
المهنة : fot
المدينة : sousa
رد: التعايش بين الأديان : كيف ؟ ولماذا ؟
استقيظت مبكرا كعادتي .. بالرغم من ان اليوم هو يوم أجازتي .. صغيرتي ريم كذلك اعتادت على الاستيقاظ مبكرا .. كنت اجلس في مكتبي مشغولة بكتبي واوراقي ..
ماما ماذا تكتبين ..؟!
اكتب رسالة الى الله ..
هل تسمحين لي بقراءتها ماما ..؟!
لا حبيبتي .. هذه رسائلي الخاصة ولا احب ان يقرأها احد ..
خرجت ريم من مكتبي وهي حزينة .. لكنها اعتادت على ذلك .. فرفضي لها كان باستمرار .. مر على الموضوع عدة اسابيع .. ذهبت الى غرفة ريم و لاول مرة ترتبك ريم لدخولي ..
يا ترى لماذا هي مرتبكة ..؟!
ريم ماذا تكتبين ..؟!
زاد ارتباكها .. وردت: لا شئ ماما .. انها اوراقي الخاصة ..
ترى ما الذي تكتبه ابنة التاسعة وتخشى ان اراه ..؟!
اكتب رسائل الى الله كما تفعلين ..
قطعت كلامها فجأة وقالت: ولكن هل يتحقق كل ما نكتبه ماما ..؟!
طبعا يا ابنتي فإن الله يعلم كل شئ ..
لم تسمح لي بقراءة ما كتبت .. فخرجت من غرفتها واتجهت الى راشد ( زوجي) كي اقرأ له الجرائد كالعادة .. كنت اقرأ الجريدة وذهني شارد مع صغيرتي فلاحظ راشد شرودي ظن بأنه سبب حزني .. فحاول اقناعي بأن اجلب له ممرضة .. كي تخفف علي هذا العبء يا الهي لم ارد ان يفكر هكذا .. فحضنت رأسه وقبلت جبينه الذي طالما تعب وعرق من اجلي انا وابنته ريم .. واليوم يحسبني سأحزن من اجل ذلك.. واوضحت له سبب حزني وشرودي..
ذهبت ريم الى المدرسة .. وعندما عادت كان الطبيب في البيت فهرعت لترى والدها المقعد وجلست بقربه تواسيه بمداعباتها وهمساتها الحنونة .. وضح لي الطبيب سوء حالة راشد وانصرف .. تناسيت ان ريم ما تزال طفلة .. ودون رحمة صارحتها ان الطبيب اكد لي ان قلب والدها الكبير الذي يحمل لها كل هذا الحب بدأ يضعف كثيرا وانه لن يعيش لأكثر من ثلاث اسابيع .. انهارت ريم وظلت تبكي وتردد: لماذا يحصل كل هذا لبابا ..؟! لماذا ..؟!
ادعي له بالشفاء يا ريم .. يجب ان تتحلي بالشجاعة .. ولا تنسي رحمة الله انه القادر على كل شئ.. فانتي ابنته الكبيرة والوحيدة
أنصتت ريم الى امها ونست حزنها .. وداست على ألمها وتشجعت وقالت : لن يموت أبي ..
في كل صباح تقبل ريم خد والدها الدافئ .. ولكنها اليوم عندما قبلته نظرت اليه بحنان وتوسل وقالت : ليتك توصلني يوما مثل صديقاتي ..
غمره حزن شديد فحاول اخفاءة وقال: ان شاء الله سياتي يوما واوصلك فيه يا ريم .. وهو واثق ان اعاقته لن تكمل فرحة ابنته الصغيرة ..
اوصلت ريم الى المدرسة .. وعندما عدت الى البيت .. غمرني فضول لأرى الرسائل التي تكتبها ريم الى الله .. بحثت في مكتبها ولم اجد اي شئ .. وبعد بحث طويل .. لا جدوى .. ترى اين هي ؟!! ترى هل تمزقها بعد كتابتها ..؟! ربما يكون هنا .. لطالما احبت ريم هذا الصندوق .. طلبته مني مرارا فأفرغت ما فيه واعطيتها الصندوق .. يا الهي انه يحوي رسائل كثيرة .. وكلها الى الله!
يا رب ... يا رب ... يموت ( كـلـب ) جارنا سعيد .. لأنه يخيفني!!
يا رب ... قطتنا تلد قطط كثيرة .. لتعوضها عن قططها التي ماتت !!!
يا رب ... ينجح ابن خالتي .. لاني احبه !!!
يا رب ... تكبر ازهار بيتنا بسرعة .. لأقطف كل يوم زهرة واعطيها معلمتي!!!
والكثير من الرسائل الاخرى وكلها بريئة .. من اطرف الرسائل التي قرأتها هي التي تقول فيها : يا رب ... يا رب ... كبر عقل خادمتنا .. لأنها ارهقت امي ..
يا الهي كل الرسائل مستجابة .. لقد مات كلب جارنا منذ اكثر من اسبوع .. قطتنا اصبح لديها صغارا .. ونجح احمد بتفوق .. كبرت الازهار .. ريم تاخذ كل يوم زهرة الى معلمتها..
يا الهي لماذا لم تدعوا ريم ليشفى والدها ويرتاح من عاهته ..؟!
شردت كثيرا ليتها تدعو له .. ولم يقطع هذا الشرود الا رنين الهاتف المزعج ردت الخادمة ونادتني : سيدتي المدرسة ..
المدرسة !! ...ما بها ريم ..؟! هل فعلت شئ..؟!
اخبرتني ان ريم وقعت من الدور الرابع وهي في طريقها الى منزل معلمتها الغائبة لتعطيها الزهرة .. وهي تطل من الشرفة .. وقعت الزهرة .. ووقعت ريم .. كانت الصدمة قوية جدا لم اتحملها انا ولا راشد .. ومن شدة صدمته اصابه شلل في لسانه فمن يومها لا يستطيع الكلام .. لماذا ماتت ريم ..؟! لا استطيع استيعاب فكرة وفاة ابنتي الحبيبة .. كنت اخدع نفسي كل يوم بالذهاب الى مدرستها كأني اوصلها .. كنت افعل كل شئ صغيرتي كانت تحبه .. كل زاوية في البيت تذكرني بها اتذكر رنين ضحكاتها التي كانت تملأ علينا البيت بالحياة .. مرت سنوات على وفاتها .. وكأنه اليوم ..
في صباح يوم الجمعة اتت الخادمة وهي فزعة وتقول انها سمعت صوت صادر من غرفة ريم .. يا الهي هل يعقل ريم عادت ..؟! هذا جنون ..
انت تتخيلين لم تطأ قدم هذه الغرفة منذ ان ماتت ريم..
اصر راشد على ان اذهب وارى ماذا هناك.. وضعت المفتاح في الباب وانقبض قلبي فتحت الباب فلم اتمالك نفسي .. جلست ابكي وابكي .. ورميت نفسي على سريرها .. انه يهتز .. آه تذكرت قالت لي مرارا انه يهتز ويصدر صوتا عندما تتحرك .. ونسيت ان اجلب النجار كي يصلحه لها ولكن لا فائدة الآن .. لكن ما الذي اصدر الصوت .. نعم انه صوت وقوع اللوحة التي زينت بآيات الكرسي .. والتي كانت تحرص ريم على قراءتها كل يوم حتى حفظتها .. وحين رفعتها كي اعلقها وجدت ورقة بحجم البرواز وضعت خلفه يا الهي انها احدى الرسائل يا ترى .. ما الذي كان مكتوب في هذه الرسالة بالذات ولماذا وضعتها ريم خلف الآية الكريمة إنها احدى الرسائل التي كانت تكتبها ريم الى الله ..كان مكتوب ..
يا رب ... يا رب ... اموت انا ويعيش بابا
منقول للامانة
ولا تنسوني بخالص دعائكم
سمورة الامورة
ماما ماذا تكتبين ..؟!
اكتب رسالة الى الله ..
هل تسمحين لي بقراءتها ماما ..؟!
لا حبيبتي .. هذه رسائلي الخاصة ولا احب ان يقرأها احد ..
خرجت ريم من مكتبي وهي حزينة .. لكنها اعتادت على ذلك .. فرفضي لها كان باستمرار .. مر على الموضوع عدة اسابيع .. ذهبت الى غرفة ريم و لاول مرة ترتبك ريم لدخولي ..
يا ترى لماذا هي مرتبكة ..؟!
ريم ماذا تكتبين ..؟!
زاد ارتباكها .. وردت: لا شئ ماما .. انها اوراقي الخاصة ..
ترى ما الذي تكتبه ابنة التاسعة وتخشى ان اراه ..؟!
اكتب رسائل الى الله كما تفعلين ..
قطعت كلامها فجأة وقالت: ولكن هل يتحقق كل ما نكتبه ماما ..؟!
طبعا يا ابنتي فإن الله يعلم كل شئ ..
لم تسمح لي بقراءة ما كتبت .. فخرجت من غرفتها واتجهت الى راشد ( زوجي) كي اقرأ له الجرائد كالعادة .. كنت اقرأ الجريدة وذهني شارد مع صغيرتي فلاحظ راشد شرودي ظن بأنه سبب حزني .. فحاول اقناعي بأن اجلب له ممرضة .. كي تخفف علي هذا العبء يا الهي لم ارد ان يفكر هكذا .. فحضنت رأسه وقبلت جبينه الذي طالما تعب وعرق من اجلي انا وابنته ريم .. واليوم يحسبني سأحزن من اجل ذلك.. واوضحت له سبب حزني وشرودي..
ذهبت ريم الى المدرسة .. وعندما عادت كان الطبيب في البيت فهرعت لترى والدها المقعد وجلست بقربه تواسيه بمداعباتها وهمساتها الحنونة .. وضح لي الطبيب سوء حالة راشد وانصرف .. تناسيت ان ريم ما تزال طفلة .. ودون رحمة صارحتها ان الطبيب اكد لي ان قلب والدها الكبير الذي يحمل لها كل هذا الحب بدأ يضعف كثيرا وانه لن يعيش لأكثر من ثلاث اسابيع .. انهارت ريم وظلت تبكي وتردد: لماذا يحصل كل هذا لبابا ..؟! لماذا ..؟!
ادعي له بالشفاء يا ريم .. يجب ان تتحلي بالشجاعة .. ولا تنسي رحمة الله انه القادر على كل شئ.. فانتي ابنته الكبيرة والوحيدة
أنصتت ريم الى امها ونست حزنها .. وداست على ألمها وتشجعت وقالت : لن يموت أبي ..
في كل صباح تقبل ريم خد والدها الدافئ .. ولكنها اليوم عندما قبلته نظرت اليه بحنان وتوسل وقالت : ليتك توصلني يوما مثل صديقاتي ..
غمره حزن شديد فحاول اخفاءة وقال: ان شاء الله سياتي يوما واوصلك فيه يا ريم .. وهو واثق ان اعاقته لن تكمل فرحة ابنته الصغيرة ..
اوصلت ريم الى المدرسة .. وعندما عدت الى البيت .. غمرني فضول لأرى الرسائل التي تكتبها ريم الى الله .. بحثت في مكتبها ولم اجد اي شئ .. وبعد بحث طويل .. لا جدوى .. ترى اين هي ؟!! ترى هل تمزقها بعد كتابتها ..؟! ربما يكون هنا .. لطالما احبت ريم هذا الصندوق .. طلبته مني مرارا فأفرغت ما فيه واعطيتها الصندوق .. يا الهي انه يحوي رسائل كثيرة .. وكلها الى الله!
يا رب ... يا رب ... يموت ( كـلـب ) جارنا سعيد .. لأنه يخيفني!!
يا رب ... قطتنا تلد قطط كثيرة .. لتعوضها عن قططها التي ماتت !!!
يا رب ... ينجح ابن خالتي .. لاني احبه !!!
يا رب ... تكبر ازهار بيتنا بسرعة .. لأقطف كل يوم زهرة واعطيها معلمتي!!!
والكثير من الرسائل الاخرى وكلها بريئة .. من اطرف الرسائل التي قرأتها هي التي تقول فيها : يا رب ... يا رب ... كبر عقل خادمتنا .. لأنها ارهقت امي ..
يا الهي كل الرسائل مستجابة .. لقد مات كلب جارنا منذ اكثر من اسبوع .. قطتنا اصبح لديها صغارا .. ونجح احمد بتفوق .. كبرت الازهار .. ريم تاخذ كل يوم زهرة الى معلمتها..
يا الهي لماذا لم تدعوا ريم ليشفى والدها ويرتاح من عاهته ..؟!
شردت كثيرا ليتها تدعو له .. ولم يقطع هذا الشرود الا رنين الهاتف المزعج ردت الخادمة ونادتني : سيدتي المدرسة ..
المدرسة !! ...ما بها ريم ..؟! هل فعلت شئ..؟!
اخبرتني ان ريم وقعت من الدور الرابع وهي في طريقها الى منزل معلمتها الغائبة لتعطيها الزهرة .. وهي تطل من الشرفة .. وقعت الزهرة .. ووقعت ريم .. كانت الصدمة قوية جدا لم اتحملها انا ولا راشد .. ومن شدة صدمته اصابه شلل في لسانه فمن يومها لا يستطيع الكلام .. لماذا ماتت ريم ..؟! لا استطيع استيعاب فكرة وفاة ابنتي الحبيبة .. كنت اخدع نفسي كل يوم بالذهاب الى مدرستها كأني اوصلها .. كنت افعل كل شئ صغيرتي كانت تحبه .. كل زاوية في البيت تذكرني بها اتذكر رنين ضحكاتها التي كانت تملأ علينا البيت بالحياة .. مرت سنوات على وفاتها .. وكأنه اليوم ..
في صباح يوم الجمعة اتت الخادمة وهي فزعة وتقول انها سمعت صوت صادر من غرفة ريم .. يا الهي هل يعقل ريم عادت ..؟! هذا جنون ..
انت تتخيلين لم تطأ قدم هذه الغرفة منذ ان ماتت ريم..
اصر راشد على ان اذهب وارى ماذا هناك.. وضعت المفتاح في الباب وانقبض قلبي فتحت الباب فلم اتمالك نفسي .. جلست ابكي وابكي .. ورميت نفسي على سريرها .. انه يهتز .. آه تذكرت قالت لي مرارا انه يهتز ويصدر صوتا عندما تتحرك .. ونسيت ان اجلب النجار كي يصلحه لها ولكن لا فائدة الآن .. لكن ما الذي اصدر الصوت .. نعم انه صوت وقوع اللوحة التي زينت بآيات الكرسي .. والتي كانت تحرص ريم على قراءتها كل يوم حتى حفظتها .. وحين رفعتها كي اعلقها وجدت ورقة بحجم البرواز وضعت خلفه يا الهي انها احدى الرسائل يا ترى .. ما الذي كان مكتوب في هذه الرسالة بالذات ولماذا وضعتها ريم خلف الآية الكريمة إنها احدى الرسائل التي كانت تكتبها ريم الى الله ..كان مكتوب ..
يا رب ... يا رب ... اموت انا ويعيش بابا
منقول للامانة
ولا تنسوني بخالص دعائكم
سمورة الامورة
التوقيع :
mourad- بداية النشاط
-
عدد الرسائل : 79
تاريخ الميلاد : 11/10/1993
العمر : 31
الدولة : maroc
المهنة : تلميد
المدينة : rabat
رقم عضويه : _è
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى