الشيطان، والتفكير الشيطاني ، في المجتمع
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الشيطان، والتفكير الشيطاني ، في المجتمع
الشيطان، والتفكير الشيطاني، ما الفرق ؟
بقلم: محمد العمراني
بقلم: محمد العمراني
يطرح هذا التساؤل إشكالات عديدة تدعونا إلى الانفتاح على أسئلة أخرى أكثر تعقيدا وتركيبا كذلك. فمن المنطلق المادي الملاحظ لا نجد أي دلالة رمزية لماهية هذا الكائن – إن اعتبرناه كذلك – في الحياة الاجتماعية اليومية لدينا. لكن عندما نستحضر الدين والتفكير الديني في الخطاب الإسلامي على سبيل المثال، نجد أن حضور هذا " الكائن " يتجسد في عدة آيات في القرآن الكريم. فالشيطان أو " إبليس " كما ذكر في النص القرآني، مخلوق من مخلوقات الله عز وجل، وفيزيولوجيته المكونة من النار كما في النص تؤكد على وجوده المادي ، إذ النار مشهودة في عالمنا الواقعي الملموس. فكيف يمكن للنار أن تظهر كفكر يؤثر على الآخرين ؟
وهناك من يعتقد أن الشيطان أو إبليس هو مجرد نمط سائد في التفكير البسيط والمعقد لدى الإنسان العادي في نفس الوقت، إنه ذلك الإحساس بالذنب أو الخوف أو التردد أو الرغبة... في فعل شيء ما خارج عن العقل الجمعي والنظام العام لمجتمع ما.
وفي بعض المجتمعات الأخرى فالشيطان عبارة عن روح شريرة تؤثر على الخير أو الطبيعة الخيرة للإنسان. لكن كيف للروح أن تؤثر على الإنسان في غياب جسد ترتديه لتظهر لنا على أرض الواقع ؟ هل هناك روح مجردة من الجسد تحوم من حولنا حقا ؟ وما الذي يجعل هذه الروح شريرة إلى هذه الدرجة ؟ أم أن الربط الذي يقوم به الإنسان لكل ما يحصل له من معيقات ومشاكل وصدمات... في حياته الشخصية وتترسخ في إدراكاته بهذا التصور في وجود هذا " الكائن "، هو السبب في رغبة هذا الإنسان في تجسيد هذه الفكرة ؟
كما أننا نجد البعض من المجتمعات الأخرى يقدسون هذا الشيطان ويعبدونه. هل لكونهم أشرارا بطبعهم ؟ أم أن هنالك شياطين خيرة وأخرى شريرة ؟ إذن هل هناك شيطان واحد في الحقيقة ؟ أم أن هنالك العديد منهم ؟ ألا يمكن أن نفسر ذلك بتعدد الرغبات والمكبوتات الداخلية لدى الإنسان العادي البسيط ؟ ولهذا يعتقد البعض أن الإيمان الحقيقي هو السبيل لإبعاد هذا الشيطان. وهذه الأفعال والأعمال الخيرة التي نصفها بالإيمان في ديانات عديدة، ألا يمكن اعتبارها السبب في تغاضي المرء عن عمل الشر والإقدام عليه وعلى السيئات ؟ لنعود هنا للتساؤل: هل الشيطان " كائن " أم نمط في التفكير والتعامل مع الظواهر الاجتماعية المركبة والأفراد المختلفين ؟ إذن كيف يصاب شخص ما بنزوات شيطانية رغم كونه خيرا وطبيعته ونمطه في العيش مبني على أخلاق حميدة ؟ هل هذا الكبت في مشاعره وهذه الرغبة المتزايدة في داخله هي السبب ؟ هل الإقدام على تقبيل امرأة من المحارم وسواس شيطاني ، أم تفريغ للرغبات وشهوات الفرد الدفينة ؟ إذن كيف ذلك والشيطان شيء غامض لا معنى له في الحياة المادية والواقع منذ الأزل ؟
لنفترض إذن أننا في تواصل دائم مع طفل لا يزال في نشأته ، ولم نعلمه هذه الكلمة ( شيطان ) أو ماذا تعني ، هل ستتولد لديه تلقائيا من خلال تأثير هذا " الكائن " عليه ؟ أم أنه سيحاول ربط ما يحصل له من شر بهذا الكائن ؟ أم أنه سيتأكد بأن كل ما يقوم به من شر هو من تلقاء نفسه ومن فعله الشيطاني ونزواته وشهواته ورغباته الدفينة ؟ أم بشيء آخر لا نعرفه ؟
أريد أن أصل في الختام إلى أن هنالك فرقا بين وسواس الشيطان ، وما نقدم عليه نحن من أفعال شيطانية. أستغرب حينما يقدم أحد على السكر في بار من البارات بمحض إرادته ، وفي الصباح يقوم بلعن هذا الشيطان والاستعادة بالله منه . إعرف أيها الإنسان أن إقدامك على أي عمل شرير هو من محض تصرفك الخالص ، والشيطان كالأسد ، حينما يجد اللحم ، لا يفكر لماذا تواجد أو من وضعه أو لمن هو ؟
محمد العمراني- المتطوع المساعد
-
عدد الرسائل : 737
تاريخ الميلاد : 16/04/1988
العمر : 36
الدولة : المغرب
المهنة : طالب ، مؤطر تربوي ، تقني إعلاميات
المدينة : قلعة أمكونة
الدولة :
احترام قوانين المنتدى :
رد: الشيطان، والتفكير الشيطاني ، في المجتمع
مهم جدا في ما قيل أعلاه : أريد أن أصل إلى أن هنالك فرقا بين وسواس الشيطان ، وما نقدم عليه نحن من أفعال شيطانية. أستغرب حينما يقدم أحد على السكر في بار من البارات بمحض إرادته ، وفي الصباح يقوم بلعن هذا الشيطان والاستعادة بالله منه . إعرف أيها الإنسان أن إقدامك على أي عمل شرير هو من محض تصرفك الخالص ، والشيطان كالأسد ، حينما يجد اللحم ، لا يفكر لماذا تواجد أو من وضعه أو لمن هو ؟
محمد العمراني- المتطوع المساعد
-
عدد الرسائل : 737
تاريخ الميلاد : 16/04/1988
العمر : 36
الدولة : المغرب
المهنة : طالب ، مؤطر تربوي ، تقني إعلاميات
المدينة : قلعة أمكونة
الدولة :
احترام قوانين المنتدى :
رد: الشيطان، والتفكير الشيطاني ، في المجتمع
بقلم : العمراني عبد العزيز
يقول الدكتور ستيفين فيلبسون واصفا مرض الوسواس:
" هو معركة خاسرة بين النفس المنطقية (والذي يعبر عنها بالمحاولات غير المجدية للإنسان باستخدام المنطق لمحاربة هذا المرض) و قدرة الدماغ على توليد أفكار أوتوماتيكية غير منطقية و الذي يصاحبها هيجان غير متحكم به في المشاعر".
موضوع الشيطان أو التفكير الشيطاني كما أشرت إلى ذلك أخي محمد يقودنا إلى التعمق في ماهية الإنسان أو ما يصطلح عليه في الميتافيزيقيا بالكينونة. و كتحليل بسيط لما ورد في تعريف الدكتور ستيفين للوسواس أشير إلى النقاط التالية :
الوسواس إذا كما ورد أعلاه هو معركة بين المنطق، المتمثل في محاولة الإنسان التصدي لكل الأفكار اللامنطقية المتولدة في عقله، و مثالا على ذلك الأفكار التي ينتج عنها التسبب بالألم، الكآبة، الضيق، اليأس، عدم القدرة على التركيز على الأمور الهامة، بالإضافة إلى العديد من الأفكار التي تسبب الألم النفسي و تدمير النفس، و بين اللا منطق، المتمثل في هذه الأفكار في حد ذاتها.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هو ما السبب الذي يجعل الإنسان يربط هذه الأفكار بالشيطان في إطار ما يصطلح عليه بالوسواس الشيطاني ؟.
الإجابة على هذا السؤال تستوجب منا تحديد المصدر الذي تنتج منه تلك الأفكار و الدوافع التي تكون خلفها مباشرة. يقول سبحانه و تعالى في سورة البقرة، الآية 168 : {وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}، من هذه الآية الكريمة يتجلى اقتران خطوات الشيطان أو أعمال الشيطان أو بتعبير أدق، وسواس الشيطان بكل ما فيه عداء للإنسان. و منه فعندما تصدر أفكار من العقل تعرّض نفس الإنسان و حياته للخطر يتم ربطها مباشرة بهاذا الكائن ـ إن اعتبرناه كذلك كما أشرت إلى ذلك أخي أعلاه ـ باعتباره كما تشير الآية الكريمة مصدر العداء الذي يترصد الإنسان.
سؤال آخر يطرح نفسه هنا و هو إذا كان الشيطان بحقّ هو مصدر الوسواس كمرض يصاب به الإنسان، فكيف يتم ذلك و كيف لكائن روحي أن يتحكم في فيزيولوجية كائن حي بروحه و جسده ؟
قبل التطرق إلى الإجابة عن هذا السؤال، لابد من الإشارة إلى أن الإنسان يتحدث مع نفسه و مع ذاته أيضا بهدوء على غرار حديثه مع الآخرين و هو ما يعرف ب " صوت نفس الإنسان ". وهو ناتج عن تفكير الإنسان مع نفسه بهدوء، عندها يمكنه سماع الصوت الذي ينطق به في عقله. هنا يأتي إذا دور الشيطان ( هذا النوع من الشياطين هو ما يعرف في شريعتنا الإسلامية ب " القرين " و هو يرافق الإنسان من ولادته إلى مماته. يقول تعالى : (وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ) ) الذي يطَابق صوتَه (وسواسَه) بصوت نفس الإنسان من حيث النغمة و الذبذبة و اللغة و الأسلوب كذلك ما يوهمه بأن الأفكار الناجمة عن ذلك الصوت صادرة من تفكيره الخاص و هو ما يشعره بالضيق و الألم النفسي اعتقادا منه أنه يفكر في نفسه و هو في الحقيقة ينطق بأصوات داخلية يُقحم فيها قرينه ( شيطانه) أفكاره المتسببة بالألم و العذاب.
يبقى السؤال الجوهري هنا هو : ما الفرق بين تفكير الإنسان و وسواس الشيطان و هو إجابة أيضا على سؤالك أخي الذي عنونت به الموضوع، الشيطان، والتفكير الشيطاني، ما الفرق ؟
هنا يجب التفريق بين أمرين اثنين و هما تفكير الإنسان من جهة و وسواس الشيطان من جهة أخرى أو بتعبير أدقّ، تفكير الشيطان. فالإنسان عندما يفكر لا يمكن لدماغه إنتاج أفكار تهدّمه في كيانه، و إلا فهو سيقضي على نفسه بنفسه و هذا غير منطقي بالأساس. بينما تفكير الشيطان فله هدف وحيد و هو ما أشارت إليه الآية الكريمة {إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ}، أي أن الشيطان يكن كل العداء للإنسان ما يدفعه إلى تسخير وسواسه كل ما أتيحت له الفرصة في ذلك و هو لا يطرح أسئلة من قبيل : لماذا ؟ أو من ؟ أو لمن ؟ أو.. أو... إلى غير ذلك من الأسئلة التي أنهيت بها موضوعك أخي. هدفه الوحيد هو تضليل الإنسان و إذايته لا أقل و لا أكثر.
من هنا يتبين إذا أن الأفكار الخبيثة التي تسعى إلى هدم كينونة الإنسان ليست نتاج تفكير هذا الأخير بينما هي أفكار و أصوات شيطانية امتزجت ب "صوت نفس الإنسان " توهم الإنسان بأنها أفكاره الخاصة التي ينطق بها في عقله. و الدليل على ذلك في القرآن الكريم قوله تعالى مخاطبا الشيطان اللعين في سورة الإسراء، الآية 64 : {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا}. و قوله تعالى هنا " اسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ " دليل واضح على ما أشرنا إليه أعلاه.
لكل مشكلة حل بطبيعة الحال، و في كتاب الله ما يغنينا عن البحث عن حلول أخرى ! يقول تعالى في سورة فصلت، الآية 36 : {وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.
و تجدر الإشارة إلى أن المستعيذ بالله لا يجب أن يتوقف عند حد النطق بعبارة " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم " بل يجب أن يفهم المغزى من النطق بها، و هو ربط كل الأفكار السيئة و الخبيثة التي ينتجها العقل ( و هو في الحقيقة لا ينتجها كما سلف الذكر) بوسوسة الشيطان و منه يتوجب على الإنسان عدم التأثر أو الأخذ بها، و عليه أن يدرك أيضا أن الله عز و جل لا يعاقب الإنسان على الأفكار التي يمليها عليه عقله سواءا أكانت ممتزجة بأصوات الشيطان أم لا، و لكن الله سيحاسب الإنسان فيما إذا صدقها و عمل بها أم لم يعمل.
يقول سبحانه و تعالى في سورة الأعراف، الآية 201 :
(إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ)
أتمنى أن تكون محاولتي هذه أخي محمد قد أجابت بقليل أو بكثير عن سؤالك الشيطان و التفكير الشيطاني في المجتمع، ما الفرق ؟ و تقبل مني تحياتي الخالصة.
العمراني عبد العزيز- الوسام البرونزي
-
عدد الرسائل : 307
تاريخ الميلاد : 19/08/1982
العمر : 42
الدولة : المغرب
المدينة : مدينة الورود
رقم عضويه : 879
الأوسمة :
الدولة :
احترام قوانين المنتدى :
رد: الشيطان، والتفكير الشيطاني ، في المجتمع
merci a touts pour l'informations
نور العين- عضوة إدارية
-
عدد الرسائل : 1354
تاريخ الميلاد : 23/01/1994
العمر : 30
الدولة : المغرب
المهنة : student
المدينة : مراكش
الأوسمة :
الدولة :
رد: الشيطان، والتفكير الشيطاني ، في المجتمع
إظافة موفقة للأخ العمراني ، هناك العديد من التساؤلات المطروحة والتي تحتاج لمناقشة وتحليل من نوع خاص ، هذا ما ننتضره من الأعضاء الأوفياء .
محمد العمراني- المتطوع المساعد
-
عدد الرسائل : 737
تاريخ الميلاد : 16/04/1988
العمر : 36
الدولة : المغرب
المهنة : طالب ، مؤطر تربوي ، تقني إعلاميات
المدينة : قلعة أمكونة
الدولة :
احترام قوانين المنتدى :
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى